اللهم إني صائم!
يهل علينا شهر رمضان المبارك خلال أيام ببركاته وأجوائه الروحانية الجميلة التي لا يعكر صفوها سوى بعض الممارسات التي تتكرر سنوياً، أبرزها تلك الأسئلة الغريبة التي توجه لدار الإفتاء أو المشايخ علي الفضائيات وكأن أصحابها يصومون لأول مرة، أو يهل عليهم الشهر فجأة على غرار المبدع احمد حلمي في فيلم "إكس لارج"!
يجب أن نستعد نفسياً من الآن لسماع أسئلة من عينة، لقد أكلت أو شربت سهواً فهل يصح صيامي؟ ولا يمكن أن يمر علينا الشهر الكريم دون السؤال الأزلي المتعلق بالإمساك هل يكون قبل أذان الفجر أو أثنائه؟ ولا شك أن ما سبق من أسئلة تعد بريئة ومقبولة مقارنة بتلك الخاصة بحكم القبله أو الجماع في نهار رمضان!!
من الجيد بلا شك حرص الناس على التدقيق في أمور دينهم، لكن لماذا نصر على الحصول على الفتاوى بمعلقة، ولماذا الاستخفاف بأمور حياتنا ومحاولة التحايل أو الالتفاف حول الحرام والحلال بداعي الجهل أو النسيان، لماذا يتصرف البعض كأن الإسلام دخل بلادنا الشهر الماضي!!
ومن الممارسات بالغة السوء كذلك، التعذر بالصيام للتأفف من الناس أو عدم قضاء احتياجاتهم، خصوصاً من بعض الموظفين الذين يظهرونا وجهاً كشراً عابساً في وجوه المتعاملين، ويبذلون كل ما بوسعهم لإهدار الوقت، وإذا عاتبهم أحدهم تجد الإجابة المعلبة الجاهزة "اللهم إني صائم!
وبأمانة قضيت سنوات طويلة من عمري لا أستوعب المغزى من هذه العبارة، هل هي خبرية مثلاً، وما دخلنا بصيامك، هل تخبرنا أم تذكر نفسك بذلك!
وتتفاقم هذه الحالة عادة في أماكن تجمعات الناس، مثل المواصلات العامة، فيتصرف كثيرون بقدر غير مبرر من العصبية والانفعال، وتشتعل المشاجرات لأتفه الأسباب، وكالعادة تكون العبارة التحذيرية قبل إطلاق وابل من السباب أو التهديد والوعيد هي "اللهم إني صائم"
يفترض أن يهذب الصوم أنفسنا، ويجعلنا أكثر صبراً واستيعاباً للغير، فهو في النهاية عبادة ذات مقاصد نبيلة ولا يمكن أن تكتمل أهدافها ويتحقق ثوابها دون إخلاص في النوايا وانضباط في الفعل وإنسانية في المعاملة.
ورجاء لا تعكروا علي الناس صفو هذه الأيام المباركة بإستغلال الظروف والاستمرار في زيادة الأسعار دون مبرر اللهم الجشع استقيموا يرحمكم الله وترفقوا بحال الوطن والمواطنين!!
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وأعاد علينا الشهر الكريم بالخير واليمن والبركات.
- محام بالنقض - مستشار قانوني أول بدبي
