رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب والاحتكارات السوقية

لاشك أن نتائج الحروب جميعها تأتى على حساب الإنسان البسيط الذى لاقدرة له على الفعل ولا مجال أمامه للمشاركة فى اتخاذ القرار بشكل مباشر أو غير مباشر ، كما أن كل طرف من أطراف الحرب يؤمن ويعتقد بسلامة هدفه وحسن مقصده من هذه الحرب، فكل منهم يحارب دفاعا عن أمن وطنه القومى وكل منهم يخوض الحرب المشروعة وكلاهما يعتبر قتلاه شهداء والآخر قتلاه معتدين. هناك مقولة تقول (من يخوض حرب غير مشروعة قاتل ومن لايخوض حرب مشروعة خائن) . 
قديما كانت الحروب تتم بين طرفان متصارعان انتفى بينهم أى حوار ويتحمل نتائج الحرب طرف منتصر يعتبرها نتائج إيجابية بالرغم من ما دفعه من ثمن، وطرف مهزوم وبالرغم من النتائج السلبية التى تحملها ولكنه يبررها بالدفاع عن النفس والعرض والوطن .

 الآن وبعد أن أصبح العالم ليس قرية صغيرة بل مقعدا صغيرا تجلس عليه وتتابع هذا العالم، فقد أصبحت نتائج الحرب فى أى جهة جغرافية فى العالم شرقه أو غربه شماله أو جنوبه تصيب الجميع بصورة أو بأخرى، فنتائج الحروب الآن وإن كانت عسكرية على  أطرافها ولكن هناك نتائج سياسية والأهم اقتصادية على الجميع أن يتحملها بلا استثناء حتى ولو بنسب متفاوتة، كما أنه حتى المنتصر عسكريا لابد أن يدفع الثمن إذا لم يكن سياسيا فاقتصاديا . فنرى الان الحرب الروسية الأوكرانية والتى احتشد فيها الغرب مع أمريكا وتم فرض عقوبات على روسيا لم تحدث طوال التاريخ فى اى حرب سابقة .الشىء الذى يؤكد أن هذه الحرب لا يمكن اختصار أسبابها فيما هو معلن من كل الأطراف ولكن هو الصراع الدولى التاريخى والإمبراطورى والاستعمارى الذى سيظل كما هو فى أهدافه حتى ولو تغيرت أساليبه وتنوعت وأسبابه. وفى كل الأحوال لابد أن يدفع الثمن الدول الفقيرة والعالم ثالثية والتى تدور فى فلك هذا أو ذاك، كما أنه وبعد انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى وامريكا، وبعد الاقتراب بما يسمى التعددية الدولية التى ظهرت بوادرها  بعد انسحاب امريكا المخزى من أفغانستان وبعد صعود الصين الاقتصادى والتكنولوجي والعسكري، إضافة إلى استعادة روسيا لدور عالمي يفرض نفسه فى مواقع كثيرة فقد أنتج هذا المشهد علاقات دولية متعددة بعيدا عن العلاقات الأحادية بين دولة وطرف واحد من الأطراف الدولية الحاكمة هذا يعنى أن كل الدول من مع روسيا أو مع الغرب وأمريكا لابد من أن يدفع الثمن.فمابالك من تلك الظروف القاسية التى عانى منها العام جراء كورونا، والتى لم تنته بعد خاصة فى الإطار الاقتصادى الذى خفض معدلات النمو الاقتصادى فى العالم كله هنا فنحن فى مصر لابد أن ندفع الثمن، وللأسف الشديد أن الثمن الذى سيدفعه المواطن المصرى الفقير وغير القادر جاء مبكرا فاقدا الأسباب الموضوعية ومدعيا لمبررات لم يأت أوانها الآن، وجدنا حالة سعار فى ارتفاع الأسعار وللأسف وقبل الأوان بمعنى أنه إذا كانت أسعار البترول قد ارتفعت وأسعار الشحن وتأثير الحرب على المستورد من القمح وبعض المواد الغذائية الأخرى .

فى الوقت الذى لايدعى فيه عاقل أو صاحب ضمير أن السلع الموجودة بالمخازن الخاصة لكبار التجار قد تم استيرادها بعد الحرب بالاستيراد لأى سلعة لاتصل إلى المستهلك قبل شهور من عملية استيرادها !!! فما هذا؟ هو الاحتكار بذاته، إذن فمن سيتحمل نتائج هذا الاحتكار ؟ لاشك أنه هو  المواطن الفقير وغير القادر والموظف صاحب الدخل الثابت فارتفاع الأسعار بهذا الشكل الاحتكارى يعنى أن القدرة الشرائية للدخل ستتناقص بنسب تجعل الجميع فى حالة احتياج بل قل فى حالة (تسول) أيا كان الشكل أو الأسلوب ،وبالطبع فالقادر ماليا من طرق غير مشروعة ومن استغلال ظروف احتكارية لن يتأثر من هذا الغلاء بل سيتحول إلى غنى حرب هنا نعم الحكومة تعقد اجتماعات وتعيد مناقشة الموازنة العامة، وتحاول أن تضع اعتمادات للطوارئ. ولكن الأهم هو دورها الهام فى رقابة الأسواق والأسعار . مع النزول بسلع بأسعار مخفضة مقابل المطروح فى الأسواق مع الرقابة الشديدة فى توزيع هذه السلع حتى لا تذهب الى الاحتكاريين أيضا . كما أنه إذا كانت النتائج السلبية الحرب لم تأت بعد فماذا يفعل الذين تضرروا الآن من العمليات الاحتكارية؟ فهل يمكن أن يتقرر صرف العلاوات الدورية للموظفين والمعاشات الآن وقبل انتهاء السنة المالية؟ الأمر صعب وعلى الجميع دفع الثمن، وعلى الحكومة أن تفكر فى أفكار خارج الصندوق بالمعنى الحرفي لتلك المقولة على الأحزاب والعمل الاهلى ابتكار الأساليب التى تساهم فى مواجهة الموقف أخيرا هل يمكن أن نعى ون نستخلص من هذه الأحداث أن نرتب أوراقنا بما يجعلنا لانظل أسرى قرارات الغير أيا كان هذا الغير صديقا أو غير صديق؟ حفظ الله مصر وشعبها العظيم من الاحتكار والاحتكاريين بكل أشكالهم وفى كل مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .