رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غياب مهوّن الآلام.. نقص بنج عيادات الأسنان يهدد بأوجاع مستمرة للمرضى

بنج الأسنان
بنج الأسنان

صرخات متتالية من شدة الآلام التي تعُرف بأنها الأشد، تلك آلام الأسنان التي عاشها أحمد سليمان عندما عانى من وجع شديد بأحد ضروسه، جعلته يسارع بالتوجه لأحد العيادات الخاصة بجوار منزله، وبعد الكشف عليه حدد معه الطبيب موعدًا لخلع الضرس بعد وصفه له بتناول مُسكّن مؤقت.

وفي الموعد المحدد لخلع الضرس وتناول حقنة البنج قبله بلحظات، لاحظ أحمد حركات شابهها التوتر من قبل الطبيب والممرضات، مطالبينه بالانتظار بالخارج، وعلم أنها للبحث عن كمية مناسبة من البنج لتخديره وبعد ساعات من الانتظار خرجت له إحدى الممرضات قائلة: "للأسف البنج خلص والدكتور هيكتبلك بديل"، واضطر أحمد الاستجابة لكلمات الممرضة، متعجبًا بسؤال" بنج خلصان..؟"

لم تكن أزمة نقص وجود بنج عيادات الأسنان هى حالة متفردة يواجهها أحمد وطبيبه فقط، بل كان هذا هو وضع غالبية أطباء الأسنان الفترة الأخيرة، ما سبب مشكلات عدة لكل منهم والمرضى على السواء، حتى وصل الأمر ليس فقط، إلى كتابة روشتات للمرضى كبديلًا للجراحة، بل إلى إغلاق بعض الأطباء عيادتهم رافعين شعار"مغلق لعدم وجود بنج".

هذا الأمر دفع النقابة العامة لأطباء الأسنان لمخاطبة وزارة الصحة، ممثلة فى الدكتور خالد عبدالغفار، القائم بأعمال وزير الصحة والسكان، للفت نظر الوزارة لهذا النقص الحاد فى بنج الأسنان.

سبب الأزمة

يرجع السبب الرئيسي في أزمة نقص بنج الأسنان حسب د. إيهاب هيكل، نقيب أطباء الأسنان، الذي أشار لـ"الدستور" إلى توقف أحد المصنعيين المحليين الوحيدين في مصر وهو مصنع الإسكندرية عن الإنتاج حتى نهاية أبريل المقبل، موضحًا أنه المصنع الوحيد الذي ينتج عددًا كبيرًا من عبوات البنج مقارنة بالمصنع الآخر وهو مصنع «أرتيفارما» الذي ينتظر موافقة الوزارة، والتى ستتأخر إلى مارس 2022، حيث كان قد قام بتغيير الزجاجات التي يوضع بها البنج نظرًا لعدم توافر المواد الخام المستوردة اللازمة لصنع الزجاجات المعتادة، وهو ما يحتاج وقت لاعتماد هذه الزجاجات.

وتابع أنه بالتزامن مع ذلك فهناك العديد من المُشكلات التي يعانيها المستوردين الوحيدين تتعلق بتعطيل شحناتهم لفترات زمنية تصل إلى 9 أشهر، وكذلك بعض المُشكلات التي نتجت عن أزمة هذا الاستيراد بسبب فيروس كورونا، وأخرى بسبب انخفاض سعر البنج في مصر الأمر الذي جعل بعض الشركات الموردة تقوم بتوريد كميات محدودة إلى السوق المصري.

آلام أطباء الأسنان
آخر شئ كان من الممكن أتوقع حدوث أزمة به "تلك كانت كلمات الدكتور أحمد سمير طبيب أسنان عن أزمته مع نقص البنج الذي أوضح أنه سلعة بالعادة متوفرة ولم تمر بأزمات بشكل كبير.

وتابع أن القضية تكمن في افتعال البعض لوجود أزمة ما في وجود منتج من خلال ما يُعرف بـ"تعطيش"السوق، ثم تخزين هذا المنتج ثم النزول به إلى الأسواق بأضعاف سعره، مشيرًا إلى أن هذا ما حدث مع بنج الأسنان بالفترة الأخيرة مُسببًا الأزمة".

وأضاف أن السوق كان متوافرًا به بنج من إنتاج عدة شركات معروفة مثل" بنج ارتفارما وبنج الإسكندرية والبنج الأسباني" وأن جميعهم أسعارهم معروفة لدى الكافة، إلا أنهم اختفوا فجأة من السوق، مما خلق سوق سوداء يباع فيه النوع بثلاث أضعاف ثمنه موضحًا أن هناك على سبيل المثال بنج "ارتفارما" الذي من المعروف بأن سعره 205 جنيهات وصل سعره بالأزمة إلى 650 جنيهًا للعلبة.

السوق السوداء تتحكم
"الدستور" تحققت من وجود مافيا سوق سوداء لاستغلال أزمة نقص البنج تلك، وذلك من خلال اختراقها بعض "الجروبات" على مواقع التواصل التي أعلن فيها بعض مسؤولي هذه السوق عن وجود البنج رغم الأزمة، ومن خلال تعليقاتهم على استغاثات أطباء الأسنان بحثًا عن أي عدد من عبوات البنج، وفيها ضاعفوا أسعاره الموحدة وهي 290 جنيهًا للمصري و313 للمستورد.

إذ تباينت الأسعار بداية من 550 جنيهًا للعبوة الواحدة للبنج الأسباني"الأخضر"، والذي عرضه أحد مستغلي هذه الأزمة على تطبيق "واتساب" بعد تواصل محررة "الدستور" معه وإبرامها اتفاقًا وهميًا معه على شراء 3 عبوات، إلى 800 جنيه للبنج الفرنسي الذي عرضه كذلك أحدهم من خلال إحدى "جروبات" بيع البنج على شبكة "الإنترنت".

وعن هذه السوق السوداء، قال هشام عبد الله، طبيب أسنان: "ما ينفعش ما نشتغلش معها "موضحًا أن هناك أزمة حقيقية بالرغم من المجهودات التي تقوم بها نقابة أطباء الأسنان لعقد بعض الاتفاقيات مع مصنع الإسكندرية من أجل توفير عدد من العبوات" العدد غير كاف على الإطلاق" تجعل الأطباء مضطرين الى التعامل مع تجار السوق السوداء.

وتابع أن طبيب الأسنان يستطيع أن يتوقف عن التعامل مع هذه السوق حال تدخلت الدولة فقط، كما اقترح هشام تدخل الهيئة المصرية للشراء الموحد ليكون لها دورًا فعالًا في شراء البنج وتوزيعه على الأطباء، وحل هذه الأزمة المُتكررة جذريًا، لافتًا إلى أن تلك الهيئة سبق وأن كان لها أدورًا عديدة في حل الكثير من المُشكلات.

نادية حسن طبيبة أسنان أوضحت أن نقص البنج تسبب في هروب عدد كبير من المرضى من العيادات، وهو الأمر الذي يعد خسارة كبيرة على كل من طبيب الأسنان وعلى المريض وأضافت أنها اضطرت إلى تأجيل عمليات جراحية لكثير من مرضاها بسبب عدم كفايةجالبنج، مؤكدة أنه لولا ثقتهم بها ما كانوا انتظروا لكي تحل هذه الأزمة وبحثوا عن غيرها لإجراء جراحتهم اللازمة.

وتابعت أن هذه المشكلة تحتاج إلى زيادة عدد مصانع البنج المصرية وعدم الاعتماد على الاستيراد، موضحة أن البنج المصري على درجة عالية من الكفاءة والجودة "لا يقل كثيرًا في جودته عن المستورد"، ويعتمد عليه كثيرًا من أطباء الأسنان.
"غاز الضحك" شائعة لا صحة لوجودها
وفي ظل هذه الأزمة انتشر على وسائل التواصل المختلفة بعض الشائعات كان من بينها شائعة تفيد بأن أطباء الأسنان لجأوا إلى استخدام ما يعرف بـ"غاز الضحك" والمكون من مادة أكسيد النيتروز التي قيل أنها خطرة خطورة جمة على الصحة.

وردًا على هذه الأقاويل أكد د. إيهاب هيكل نقيب أطباء الأسنان لـ "الدستور" أنه لا صحة لهذا الأمر على الإطلاق حيث أن هذا الغاز ممنوع تداوله في مصر فقط منذ عدة أعوام.

وتابع، والحديث على مسئوليته أنه وعلى فرض كان هناك استخدامًا لهذا الغاز فإنه لا ضرر منه على الإطلاق كما يُشيع البعض، بل أكد أن نقابة أطباء الأسنان تطالب وزارة الصحة بعودة استخدام هذا الغاز مرة أخرى لمساهمته في حل بعض الأزمات.
 
جهود النقابة لحل الأزمة 

أكد الدكتور إيهاب هيكل نقيب أطباء الأسنان في حديثه" للدستور " كذلك أن النقابة سعت لعقد اتفاق بين شركة المهن الطبية للتسويق ويمثلها الدكتور شفيق الحكيم، وشركة فيوتشر في سبيل محاولتها لحل الأزمة، لتوزيع بنج الاسكندرية من خلال منافذ الشركة في النقابات الفرعية، وذلك اعتبارًا من الأول من أبريل، حسب الكميات المتاح تسليمها من المصنع، وذلك لحين تشغيل خطوط الإنتاج الجديدة المتوقع في الأول من يوليو لتحديد كميات ثابتة شهريًا.

أضاف أن النقابة سبق وأن تواصلت مع مندوب شركة “كايرودنت” لتوزيع عددًا من عبوات البنج على الأطباء، وبالفعل تم توزيع ٥٠٠ علبة بالسعر الرسمي وهو ٣١٣ جنيهًا، ونفذت في خلال 3 ساعات فقط.