رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يعصرون ضحاياهم!

آلمني كثيراً حديث الشابة ضحية الابتزاز الإلكتروني الممنهج من قبل امرأة أخرى في مدينة المنصورة، إذ تعرضت لضغط وقهر وإذلال على مدار أربع سنوات تقريباً، وتحولت إلى مضغة تلوكها الألسنة بسبب تلويث سمعتها بين أفراد أسرتها وأصدقائها وزملائها في العمل، وكل من كانت على علاقة به!

المتهمة في هذه الجرائم احترفت الابتزاز الإلكتروني واستهدفت ضحايا عدة، معتمدة على نشر أكاذيب وفبركة صور من خلال حسابات وهمية عبر شبكة فيس بوك، ووصلت إلى درجة من التدني بادعاء إصابة أحد الأطباء بالإيدز أو التشكيك في أخلاق آخر، مدركة أن هذا الشائعات كفيلة بنسف مصداقيتهم وإثارة مخاوف مرضاهم!

حذرت مراراً من تبعات هذه الجرائم، خصوصاً بعد أن تسببت في انتحار عدد من الضحايا نتيجة عدم تلقيهم الدعم أو المساندة من قبل أسرهم، وهذا هو موضوع المقال الحالي، لما له من أهمية بالغة..

يجب أن نغير ثقافتنا في استيعاب هذه الجرائم بل وفهم طبيعة محتوى السوشيال ميديا، ودعوني أوضح لكم بعض الأمور..

هناك فرق كبير بين شخص يمارس الابتزاز الإلكتروني بالصدفة نتيجة موقف شخصي، مثل الرغبة في الانتقام أو استدراج فتاة لعلاقة عاطفية، وبين محترف هذه الجريمة، فالأول يتصرف بشكل عشوائي في محيط محدود، ويسهل الوصول إليه نظراً لوضوح مقصده ودوافعه!

أما الثاني المحترف فيمكن تصنيفه إلى نوعين، الأول مجرم يمارس الابتزاز من أجل المال، وهذا هو النوع الشائع، ويكون عادة شخص يعيش في دولة أخرى، يرمي شباكه من خلال شبكات التواصل الاجتماعي لاصطياد فريسته، فيستدرج الرجال أو النساء إلى علاقة افتراضية وبمجرد الحصول على صور أو فيديوهات مخلة يكشف عن وجهه القبيح ويبدأ في ابتزاز ضحيته!

وفي هذه الحالة ينصح خبراء الأمن الإلكتروني وعلم النفس الجنائي بعدم الخضوع على الإطلاق للمبتز لأنه لن يتوقف عن ابتزاز ضحيته إذا استجاب الأخير وخضع له، أما إذا أبدى الضحية مقاومة وتجاهله تماماً وألغى كل حساباته، ففي الغالب سوف يتركه المجرم لحال سبيله لأنه يهتم بالمال في النهاية!

أما النوع الثاني من المبتزين المحترفين، فيتمثل في المتهمة بالقضية التي بدأنا بها المقال، فهي - بالإضافة إلى رغبتها في كسب المال - مضطربة نفسياً وسلوكياً ولديها القدرة على تدمير الضحية مثلما فعلت على مدار أربع سنوات من المجني عليها الأولى!

وهذا النوع يعصر ضحاياه من خلال حسابات وهمية يضيف إليها جميع معارف وأصدقاء الضحية ويرسل إليهم صورها أو المحتوى المتعلق بها، ومن الوارد أن يكون مفبركاً، لكنه يعتمد على تصديق نسبة منهم، وهذا ما يحدث بالفعل، فلولا جهل البعض وتصديقهم لكل ما يتردد على شبكات التواصل الاجتماعي، ما واصل هؤلاء المبتزون جرائمهم!

الأهم في القضية الأولى، أن الضحية وجدت دعماً من أمها وأسرتها، ما ساعدها على المقاومة طوال هذه الفترة رغم ما تعرضت له من أذى نفسي، وهذا ما يجب أن نفعله جميعاً، أن لا نترك أبناءنا فريسة لهؤلاء المرضى المختلين!

  • محام بالنقض – مستشار قانونى أول بدبى