رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسيا واقتصاديا وعسكريا ..

حسابات الخسائر والمكاسب وتوازن القوى.. كيف تأثرت دول الجوار بالأزمة «الروسية -الأوكرانية»؟

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

مع اندلاع الصراع العسكري «الروسي – الأوكراني» نهاية الشهر الماضي، وتوالت ردود الفعل الغاضبة من أوروبا وأمريكا التي ما لبثت أن تحولت إلى قرارات وإجراءات وصلت إلى فرض عقوبات متنوعة في مجالات عدة على روسيا، حبس العالم أنفاسه انتظارًا لسير هذه المواجهة شبه المباشرة بين عدة قوى عظمى لتعد الأزمة الأكبر والأخطر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، ووصلت تطوراتها إلى حد التلويح بالأسلحة النووية بعد ما أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرا بوضع قوات الردع الاستراتيجي في حالة التأهب القصوى.

ومع التطورات السريعة لهذه الأزمة، ترصد «الدستور» وضع خريطة دول الجوار التي أجبرت على الدخول في خضم الصراع بسبب حكم وقدر الجغرافيا، ويقدم كوكبة من الخبراء والمحللين تفاصيل المشهد المحيط بالأزمة والتأثيرات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وحسابات الخسائر والمكاسب وتوازن القوى خلال السطور التالية.

«لا شك أننا أمام مشهد تاريخي مهم ومعقد إزاء الصراع العسكري الروسي الأوكراني الحالي قد لا يحدث أو يتكرر إلا كل 50 سنة والعالم بعد الأزمة الحالية لن يكون كما كان قبله»..  بهذه الجملة بدأ الدكتور نور ندا أستاذ العلوم الاقتصادية والخبير في الشأن الروسي تصريحاته لـ «الدستور»،  والذي قال إن الصراع العسكري «الروسي – الأوكراني» واحدة من أبرز الأزمات الدولية بين روسيا والعالم الغربي وأمريكا من بعد انتهاء الحرب الباردة، وأن هذه الأزمة سيكون لها العديد من التداعيات والتأثيرات على العالم كله بشكل عام وعلى دول الجوار بشكل خاص في ظل وجود صراع آخر يجري بصورة موازية للصراع العسكري، هو صراع العقوبات والتي فرضت على روسيا، وعلى الجهة قالت روسيا إنها ستفرض عقوبات على عدد من الدول المتداخلة في الأزمة الأوكرانية.

 

التخوفات والحسابات القديمة تتصدر مواقف الدول الداعمة لأوكرانيا

وأوضح المتخصص في الشؤون الروسية، أن هناك مجموعة من دول الجوار الذين كانوا ضمن محيط الاتحاد السوفيتي السابق، دخل منهم بعد تفككه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، وبعضهم دخل «الناتو» كبولندا وجمهوريات بحر البلطيق استونيا ولاتفيا وليتوانيا وأن الدافع لذلك كان التخوف من سيناريو مشابه لما يحدث الآن في أوكرانيا واحتمالية أن تسعى روسيا لإعادة ضمهم أو الاستيلاء على أجزاء من أراضيهم، مشيرًا إلى أن هناك مواقف لدول الجوار «الأوكراني – الروسي» تختلف حسب مدى قربها والتأثير الغربي من أوربا وأمريكا عليها، فمثلا بولندا تظهر موقفا متشددا للغاية تجاه روسيا وداعم جدا لأوكرانيا نظرا لأنها أصبحت أكثر تبعية للجانب الغربي، وهناك أيضا جورجيا التي لديها ما يمكن أن نسميه ثأرا قديما مع روسيا ففي عام 2008 وعلى إثر التوترات مع أوسيتيا الجنوبية وقعت اشتباكات بين القوات الجورجية وبين أوستيا الجنوبية مما دفع روسيا للتدخل عسكريا واعترفت بمنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

بيلاروسيا والدول الإسلامية بالاتحاد السوفيتي سابقا أبرز المؤيدين لروسيا

وواصل في تصريحاته لـ «الدستور» لكن على الجانب الأخر هناك دول متسقة مع الموقف الروسي منها كازاخستان طاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وتركمانستان، بالإضافة إلى بيلاروسيا والتي أعلنت دعمها الكامل لروسيا في العملية العسكرية على أوكرانيا بدون مواربة في موقف معاكس لموقف بولندا على سبيل المثال، وهو ما يجعل المواقف الخاصة بدول الجوار «الروسي – الأوكراني» شديدة التمايز والتوجه وفقا لمصالحها السياسية والاقتصادية، وأيضا مخاوفها الأمنية التي تسيطر بشكل كبير على الصراع الذي نشهده حاليا. 

وتابع «ندا» أن هناك دول أخرى مثل المجر لديها مواقف مختلفة بخلاف مثلا بولندا الداعمة لأوكرانيا أو بيلاروسيا المؤيدة تماما لروسيا، فالموقف المجري ينطلق من البحث عن مصالح الدولة وعدم الدخول في الصراع الجاري حاليا وأخذ موقف متوازنة، فرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قبل الأزمة بأيام زار موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتفق معه على مضاعفة كمية الغاز لبلاده، ومع بدء الأزمة رفضت المجر تواجد أي قوات أوروبية إضافية على أراضيها، وكذلك رفضت مرور أي أسلحة أوروبية إلى أوكرانيا عبر أراضيها ، كما رفضت استقبال أي لاجئين أوكرانيين على أراضيها  نظرا لوجود حساسية شديدة تجاه اللاجئين بشكل عام. 

ولفت إلى وجود تخوف من الدول المؤيدة لأوكرانيا أن يكون هناك خطوات توسعية أو تمددية لروسيا خلال الفترات المقبلة، فمواقف دول الجوار لها خلفية تاريخية لأن الكثير من هذه الدول أخذت أراضي من روسيا بعد الحرب العالمية الثانية في إطار الاتحاد السوفيتي سابقا، فمثلا أوكرانيا لم تكن موجود كدولة قبل الحرب العالمية الثانية بالمفهوم الحالي، فقد تكونت بمبادرة عقب الحرب من لينين ثم ستالين، وكذلك الحال لدول البلطيق الثلاث لأنهم أيضا أخذوا قطع أراضي من روسيا  وأيضا بولندا، وقد كان هذا متقبلا في إطار الاتحاد السوفيتي السابق وفي إطار حلف وارسو، لكن في الوقت الحالي مع اندلاع الصراع العسكري في أوكرانيا تخشى هذه الدول من أن تفكر روسيا في استعادة هذه الأراضي أو حتى التوسع والعودة إلى وضع مشابه لوضع الاتحاد السوفيتي تحت قيادة  الرئيس الروسي بوتين. 

التأثيرات الاقتصادية قد تدفع الشعوب للضغط على الدول لتغيير مواقفها

ونوه أستاذ العلوم الاقتصادية، إلى أن سعر الغاز الروسي يبلغ حوالي 20% فقط من سعر الغاز الأمريكي، وبالتالي أعتقد أن الشعوب الأوروبية في الفترة المقبلة، وفي ظل التأثيرات السلبية المتوقعة لدول الجوار «الروسي – الأوكراني» ومن بعدها الدول الأوروبية، فإن الشعوب الأوروبية في هذه الدول ستكون عاملا مؤثرا في تعديل أو تغيير مواقف دولها من الصراع الحالي، مع بدء التأثيرات الاقتصادية على الدول الأوروبية وبعد فرض العقوبات على روسيا والتي أخذت سقفا متصاعدا يوما بعد يوم لتشمل أغلب المجالات سواء الاقتصادية أو الترفيهية والخدمية أو حتى الثقافية. 

وأشار الدكتور نور ندا إلى أن الكثير من دول منطقة الشرق الأوسط أيضا ستتأثر بشكل كبير بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، منها نقص واردات القمح والحبوب بشكل عام، وكذلك بعض الدول المستوردة للنفط أو المشتقات النفطية لأن روسيا مصدر أساسي لها، وقيمتها أغلى وأعلى من أسعار النفط الخام.

إقرأ أيضًا:

الأزمة الأوكرانية: غاز الشرق الأوسط بديل وارد.. اقتصاديون ودبلوماسيون يقرأون المشهد

سفير مصر الأسبق في أوكرانيا: دول جوار كييف لا تريد السير على النهج الروسي

ودبلوماسيًا، قال السفير يوسف زادة، السفير المصري الأسبق في أوكرانيا: « هناك 7 دول يطلق عليهم الجوار الأوكراني منهم سلوفاكيا، المجر، رومانيا، مولدوفا، رومانيا، بولندا، وبيلاروسيا بحدود مشتركة مع روسيا، وهذه الدول كانت في الكتلة الشرقية، وكانت جزء من الاتحاد السوفيتي، وهذا الدول بعد انهياره في 1991 شكلت مع روسيا اتحاد الدول المستقلة، انفصلت عنه جورجيا وأوكرانيا، وهذه الدول مناهضة للسياسة الروسية بشكل دائم، خاصة أنها لاتريد السير على نهج السياسة الروسية، وتريد الانضمام للاتحاد الأوروبي، وعلى سبيل المثال فإن بولندا، والتشيك والمجر جزء من الاتحاد الأوروبي بالفعل، كذلك بولندا».

وأضاف في تصريحاته لـ «الدستور»:« وبالنسبة لروسيا، فهي محاطة بدول جوار آسيوية، وتربطهما علاقات أفضل فهي مرتبطة معهم باتحاد الدول المستقلة، إلى جانب الاستثمارات والتاريخ المشترك، فسيايتهم تختلف تمامًا عن دول أوروبا الغربية».

وعن الولايات المتحدة الأمريكية ونظرته لحلف شمال الأطلسي «الناتو» وعلاقتهما بالتوترات الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، قال «زادة» : «معظم الدول الأوروبية أعضاء في الناتو عدا عدد بسيط كالسويد وفنلندا، إلا أن العلاقات بين الحلف وأمريكا لم تكن جيدة من الأساس، فالعلاقات بينهما كانت متوترة خاصة وقت حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان يعتقد أن الناتو يحتضر ولابد من إطلاق رصاصة الرحمة عليه».

وأضاف: «الولايات المتحدة والجمهوريين يرون أن الناتو جزء لا يتجزأ من سياستهم، والحلف موجود لمواجهة روسيا والصين»، لافتًا إلى أن السياسات الأوروبية تورطت مع التوجهات الأمريكية.

الأزمات الأوكرانية كثيرة

وأشار «زادة» إلى أن أوكرانيا تمر بأزمات مشابهة كل فترة، ففي 2004 قامت الثورة البرتقالية، وفي 2014 ثار الشعب الأوكراني على الرئيس فيكتور يانوكوفيتش.

«زادة» يرى أن الأزمات الأوكرانية المتكررة سببها تعبير قادتها صراحة عن رغبتهم في الانضمام للاتحاد الأوروبي طارة، وحلف شمال الأطلسي طارة أخرى، وهذه المرة قادة أوكرانيا يسعون للانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وأشار السفير المصري الأسبق في أوكرانيا، إلى أن الروس رابطوا على بعد 30 كيلو متر من العاصمة الأوكرانية كييف منتظرين ماذا سيحدث في مفاوضات بيلاروسيا، فهم يريدون تخلي أوكرانيا عن تسليحها، و الإنضمام للأطلنطي.
 

وطالع:
روسيا وأوكرانيا: حرب إعادة ترسيم القوى تلوح فى الأفق.. محللون وعسكريون يجيبون على «سؤال الساعة»

اللواء نصر سالم: روسيا شنت العملية العسكرية في أوكرانيا لتأمين نفسها

وبخصوص الجانب العسكري والخطوات التي اتخذتها روسيا وأوكرانيا وتأثيرها على دول الجوار  بعد بدء العملية العسكرية الروسية خاصة في ظل سعي الدول الغربية لتزويد أوكرانيا بإمدادات من الأسلحة المتنوعة، قال اللواء نصر سالم الخبير العسكري والاستراتيجي والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن المشكلة في أوكرانيا بدأت من الإغراءات التي  قدمتها أمريكا والدول الأوروبية وحلف شمال الأطلسي «الناتو» من خلال الوعود بالانضمام إلى الحلف إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما أثار حفيظة موسكو وقامت بشن العملية  العسكرية في أوكرانيا لتأمين نفسها، نظرا لأن أي دولة تنضم لحلف «الناتو» تضع فيها أمريكا صواريخ متوسطة المدى  أو أحيانا أسلحة نووية وهو ما يعني أن سلاح  الحلف وأمريكا والدول الغربية يقترب أكثر يوما بعد يوم من روسيا. 

وتابع الخبير العسكري والاستراتيجي، أنه من وجهة النظر الروسية لم يكن هناك مفر من اتخاذ قرار العملية العسكرية لتأمين نفسها، وتمنع أوكرانيا من الدخول في حلف «الناتو»، وتبعد شبح التهديد بالأسلحة الغربية والأمريكية المتطورة من الصواريخ أو ذات الشق النووي عنه وذلك بعد فشل المفاوضات مع الدول الغربية بخصوص أوكرانيا، مضيفًا أنه بعد اعتراف موسكو بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك والسيطرة على إقليم دونباس أصبح بحر آزوف الواقع  بين الإقليم وشبه جزيرة القرم بحيرة روسية، وأصبحت أوكرانيا بدول شبه حبيسة تعتمد على ميناء واحد هو ميناء أوديسا وفي حال تمكنت روسيا من السيطرة عليه تكون أوكرانيا قد تحولت إلى دولة حبيسة، مما سيجعل موقفها العسكري صعبًا. 

روسيا مصرة على استكمال العملية العسكرية حتى استكمال وتحقيق أهدافها

وأوضح سالم، أن روسيا مصرة على استكمال العملية العسكرية حتى استكمال وتحقيق أهم أهدافها، وأبرزها منع أوكرانيا نهائيا من الانضمام لحلف «الناتو» ، مشير إلى أن روسيا تقوم بمحاصرة المدن دون دخولها حتى لا تقع في حرب مدن تكون تكلفتها باهظة الثمن في المعدات والأفراد، لذا لجأت لمحاصرة المدن مع سيادتها وسيطرتها على سماء أوكرانيا لإجبار السلطات الأوكرانية مع مرور الوقت للاستجابة للشروط الروسية في ظل أن كل مدينة معزولة ولا يوجد بها خدمات أو آلة عسكرية  تواجه القوات الروسية التي تزداد يوما بعد يوم في حصارها. 

 الإمدادات العسكرية لأوكرانيا هدفها استنزاف القوات الروسية

وعن الإمدادات العسكرية التي أعلنت أمريكا والدول الغربية عن تقديمها لأوكرانيا عن طريق بعض الدول المجاورة والإعلان عن أن دولة مثل بولندا ستكون مركزا لتجميع ونقل هذا الأسلحة إلى أوكرانيا، فإن موقف هذه الدول الداعمة لأوكرانيا لن يوفر نقلة نوعية أو كبيرة في موازين القوة العسكرية، لأن الأسلحة التي يتم الإعلان عنها هي أسلحة صغيرة ودفاعية ، في مقابل قوات روسيا التي تحتل المركز الثاني عالميا في السلاح والأول في السلاح النووي، ولكن ما ستسفر عنه هذه المساعدات هو إطالة أمد هذه الحرب واستنزاف القوات الروسية حتى تؤتي العقوبات الأوروبية والأمريكية أهدافها بالضغط على روسيا، ولكن هذا الأمر ليس مضمونا في ظل أن موسكو قد تستطيع الصمود، ولكن في النهاية سيتوجب على الطرفين الجلوس والتفاوض وصولا لحل وهو ما تتم المحاولة به خلال الأيام الماضية. 


الخيارات الروسية حال استمرار الضغط والعقوبات

ولفت إلى أنه في حالة استمرار الضغط بالعقوبات على موسكو اقتصاديا، واستمرار غلق الأجواء في وجه الطيران الروسي في أوروبا وأمريكا فإن الرئيس الروسي قد يقوم بتنفيذ جانب من التهديد بالردع النووي، ليس بإطلاق أسلحة نووية على دولة نووية في أوروبا لأن روسيا وقتها لن تفلت من الرد بالضربة الثانية من أمريكا أو أوروبا، ولكن من الممكن أن تستخدم روسيا قنبلة نووية تكتيكية على أحد المدن في أوكرانيا من أجل الترهيب وعندها قد تستلم أوكرانيا، كما حدث في الحرب العالمية الثانية مع اليابان، و ووقتها سيكون العالم  كله  في موقف صعب جدا ، خصوصا دول الجوار التي دعمت أوكرانيا.

العقوبات عقاب قاس لروسيا واقتصاد أوكرانيا على حافة الانهيار

أما بخصوص الجانب الاقتصادي، قال أبو بكر الديب المحلل الاقتصادي، إن الصراع العسكري الروسي الأوكراني تسبب في خسائر كبيرة  للجانبين، كما ألقى بظلاله على اقتصاد الدول المجاورة بشكل خاص والاقتصاد العالمي بشكل عام.

وأوضح المحلل الاقتصادي، أن خسائر أوكرانيا قبل الحرب كانت من 2 إلى 3 مليارات دولار شهريًا خلال فترة المناوشات والتصعيد، ولكن بعد الحرب فإن الخسائر قد تضاعفت اقتصاديا، والاقتصاد الأوكراني أصبح على شفا الانهيار، كما أن العقوبات الغربية والأمريكية على روسيا تعد عقابا قاسيا للاقتصاد الروسي في ظل أنها تضمنت العديد من البنوك ومنها البنك المركزي الروسي وإخراجها من نظام "سويفت" الدولي للتحويلات المالية، وكذلك حظر الطيران الروسي في أوروبا وأمريكا وكندا، مشيرًا إلى آثار هذه العقوبات ستظهر على روسيا على المدى المتوسط خلال عدة أشهر. 

للمزيد:
العائدون من أوكرانيا.. طلاب: مصر لم تتركنا لحظة.. والدولة تحملت تكاليف سفرنا كاملة


 العالم سيواجه أزمة غذاء وطاقة

وأضاف «الديب» أن العقوبات الحالية التي تم فرضها على روسيا لن تؤثر عليها وحدها ولكن أيضا ستؤثر على الدول الأوروبية وأمريكا التي فرضتها، ففي عام 2014 إثر العقوبات التي فرضت على روسيا على الاتحاد الأوروبي بشكل كبير لأننا في عالم فيه تبادل تجاري، ولفت إلى أن الاقتصاد الدولي أو العالمي سيتأثر بأزمة في أسعار الغذاء، نظرا لأن إلى  روسيا تحتل المركز الأول في إنتاج القمح عالميًا، وأوكرانيا تحتل المركز الرابع، والدولتان تنتجان 29% من صادرات العالم للقمح ، لذا فالعالم مقبل على أزمة  كبيرة على  أزمة كبيرة، كما قد يواجه العالم أزمة طاقة لأن روسيا أكبر مصدر للطاقة من خارج «أوبك» بعد المملكة العربية السعودية، وإخراج روسيا من نظام «سويفت» سيؤثر على التبادل التجاري  مع معظم دول العالم خاصة الأوروبية مما سيرفع أشعار الغاز. 

واليوم برميل البترول وصل إلى 118 دولارا، وتحاول أمريكا وحلفائها سحب 60  مليون برميل يوميًا من النفط لتثبيت الأسعار عند مستوى  100 دولار، ولكن التوقعات أنه في حال استمرار الأزمة لمدة طويلة فقد يصل البرميل إلى مستوى يتجاوز 140 دولارًا كما حدث في أزمة حرب العراق ووصل حوالي 149 دولارًا للبرميل، مما سيرفع كافة أسعار المنتجات  في المصانع، و أيضا رفع الفائدة في الاحتياطي الأمريكي.  

 وأشار أبو بكر الديب، إلى الأزمة ستؤثر على الدول المجاورة مع تواصل العقوبات وحظر الطيران الروسي، فسيكون هناك ارتفاع في أسعار الشحن بزيادتها حول العالم، نظرا لصعوبة وصول السفن إلى روسيا وأوكرانيا وفي حال توجها فإن ذلك سيزيد من تكلفة التأمين، مشيرًا إلى أن دول الجوار ستتأثر بشكل كبير  مثلا خط الغاز المار إلى أوروبا عبر تركيا، قد يتوقف في حالة تصاعد الأزمة مما سيؤثر اقتصاديا على كافة الدول التي يمر بها. 


أمريكا أقل المتضررين اقتصاديا وأوروبا في قلب الأزمة بسبب السلاح والطاقة واللاجئين 

وأوضح أن الاقتصاد في الدول الأوروبية سيتضرر بشكل كبير  نظرا لاضطرارها إلى مواجهة مشاكل في إمدادات الطاقة، وتوجيهها جزء كبيرا من ميزانيتها حاليا إلى دعم أوكرانيا بإمدادات السلاح، وكذلك تعزيز الإنفاق العسكري فمثلا ألمانيا ستوجه 100 مليار يورو للاحتياجات العسكرية، مشيرًا إلى أن أوروبا في معضلة لا تحسد عليها، وربما تكون دفعت للدخول في خضم هذه الأزمة فالحرب تدور على أراضيها وستنفق أموال طائلة على الأسلحة وستستقبل عدد كبير من اللاجئين من أوكرانيا مما سيشكل عبئا كبيرا عليها مثل روسيا وأوكرانيا ، وهو ما لا ينطبق على أمريكا.

عبدالمهدي مطاوع: التحالفات والاتفاقيات داخل أوروبا مؤقتة

من جانبه، قال عبدالمهدي مطاوع الباحث بمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في السياسة يمكن أن تخفي موقفك الحقيقي لخلق مسارات للتحرك أثناء الأزمة، بولندا، لاتفيا يخشون أن يلحقوا بأوكرانيا في حين أن بيلاروسيا تعرف أن العقوبات ضد روسيا ستشملها لأنها جزء من العملية العسكرية وحليف لروسيا.

وأضاف في تصريحات لـ «الدستور»: «الحرب ليست لعبة، والتحالفات والاتفاقيات داخل أوروبا مؤقتة بسبب الأزمة، لكن الأوروبيين عن مقاربات لأمنهم بشكل مستقل عن الولايات المتحدة مستقبلًا»

وأشار «مطاوع» إلى أنه في حالة أجبرت روسيا على الاعتماد على الصين فالخاسر الأكبر سيكون أمريكا وأوروبا التي ستحاول التوصل عبر قنوات خلفية لاتفاق يحمي القارة من حرب ضروس».