رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر مابتسبش ولادها.. عائدون من أوكرانيا: الصواريخ عبرت فوق رءوسنا.. والرئيس «خلصنا من كابوس»

عودة الطلاب
عودة الطلاب

بعد المعاناة لأسبوع كامل من ويلات الحرب فى أوكرانيا، والنجاة من طلقات الرصاص وقصف المدافع، نجح المئات من الطلاب المصريين الدارسين فى الجامعات الأوكرانية، فى الفرار إلى الحدود الرومانية أو البولندية، وتوقفوا هناك فى انتظار لحظة الأمل والعبور إلى بر الأمان، التى تمثلت فى قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى إرسال طائرات لإنهاء معاناتهم وإعادتهم إلى أرض الوطن.

ومع وصول أولى المجموعات المصرية القادمة من أوكرانيا، بدءًا من الثلاثاء الماضى، وترقب وصول مجموعات أخرى على متن طائرات الإجلاء، أو على أقرب رحلات طيران على نفقتهم الشخصية، تواصلت «الدستور» مع عدد من الطلاب المصريين العائدين إلى أرض الوطن، للتعرف على تفاصيل معاناتهم مع الحرب، ورحلة هروبهم من جحيم المعارك، وجهود السلطات والجاليات المصرية فى شرق أوروبا، لمساعدتهم فى العودة.

مصطفى حسيب: قضيت ٣ أيام فى قبو مدرسة هربًا من القصف.. ووثقت انفجار طائرة حربية

قال مصطفى حسيب سعد، الطالب فى كلية الطب بجامعة كييف الأوكرانية، أحد العائدين إلى أرض الوطن من محافظة كفر الشيخ، إن معاناته مع الحرب بدأت ليل الخميس قبل الماضى، بسماعه صوت انفجار أثناء تأدية الصلاة، هز أرجاء المبنى الذى يقيم به، فأيقظ صديقه فى السكن كى يعرفا ما يحدث.

وأضاف «سعد»: «لم تكن القنوات الفضائية قد بثت أخبار الحرب بعد، لكن بالتواصل مع الزملاء من الجالية المصرية عرفنا أن الحرب بدأت فى شرق أوكرانيا، وطلبوا منى ومن زميلى النزول إلى الملاجئ لحماية أنفسنا، خاصة أننا لم نكن نتوقع اندلاع الحرب، فقد كانت الأمور تسير بصورة طبيعية، والإجراء الاحترازى الوحيد الذى نفذته الحكومة الأوكرانية منذ شهر هو توضيح أماكن الملاجئ والمخابئ للمواطنين».

وواصل: «كان الجميع يستعدون للنزول إلى المخابئ، واتجهنا إلى أقرب سوبرماركت لشراء ما يلزمنا من الطعام والشراب، وأخذنا ما نحتاجه ووضعنا الباقى فى السكن، والمصريون القريبون من بعضهم تجمعوا فى مجموعة واحدة، وأول أيام الحرب مر علينا هينًا دون حدوث أى هجوم على المدينة، لكن بقينا ٣ أيام فى المخبأ، وهو قبو مدرسة، وكنا نعود مرتين فقط إلى السكن لتناول الطعام، ثم نعود للمخبأ مع انطلاق صافرات الإنذار».

وأكمل: «فى اليوم الثانى للحرب، بدأ إطلاق الصواريخ باتجاه كييف، وسمعنا أصوات الطلقات والانفجارات تدوى فى كل الأنحاء، ولم تهدأ صافرات الإنذار، ورأينا أشياء لن ننساها أبدًا، كما وثقت لحظة انفجار طائرة حربية، وعبور صاروخ من فوق رءوسنا».

وأتم: «فى الأوقات التى تهدأ فيها صافرات الإنذار، غالبًا فى الفترة من الـ١١ صباحًا إلى الواحدة ظهرًا، كان أحدنا يتطوع للخروج من المخبأ، والصعود للاطمئنان على استقرار الأمور، وعندما نتأكد من ذلك نعود إلى منازلنا لتناول الطعام، لكن فى اليوم الثالث للحرب نفد منا الطعام، ولم نجد فى السوبر ماركت أى أشياء لنأكلها، كما ازدادت أعداد اللاجئين فى المخبأ، فقررنا حينها العودة إلى السكن، وفكرنا فى كيفية الهروب باتجاه الغرب، بعيدًا عن الحرب».

وذكر أن على فاروق، رئيس الجالية المصرية فى أوكرانيا، بدأ فى تنظيم عملية نقل المصريين من العاصمة الأوكرانية كييف إلى العاصمة البولندية وارسو، فقرر الرحيل معهم، فيما بقى ٣ من زملائه فى كييف، على أمل أن تهدأ الأمور.

وأضاف: «تركنا كل شىء وراءنا، حتى الملابس والحقائب، وأخذنا فقط أوراق السفر والهواتف والأموال، واستقللنا المترو للوصول إلى الجانب الآخر من المدينة، لكنه توقف، فاضطررنا للسير نحو ٥ كيلومترات على الأقدام للوصول إلى الأتوبيس فى مكان التجمع، وكنا ٥٢ مصريًا، وجزائريين اثنين، واتجهنا ساعتها إلى الحدود البولندية، وهناك توقفنا حوالى ٦ ساعات لفحص أوراقنا».

واختتم حديثه بالقول: «الحمد لله، لم نتعذب كثيرًا فى العبور إلى بولندا، مثل آخرين، والفضل فى ذلك يعود لجهود الجالية المصرية هناك، لكن كان هناك آخرون، بينهم مصريون، انتظروا أمام المعبر المزدحم ٥ أيام حتى استطاعوا عبور الحدود، كما أن طالبًا مصريًا اشترى سيارة بأرقام أوروبية حتى يستطيع عبور الحدود البولندية، وذلك بسبب شدة الازدحام وصعوبة المرور».

إبراهيم العمدة: مشينا ٧ كم على أقدامنا للوصول إلى رومانيا.. والدولة وفرت كل شىء لنا

استرجع إبراهيم العمدة، طالب فى جامعة «فينيتسا» الطبية الأوكرانية، ما عاشه منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، فجر الخميس الموافق ٢٤ فبراير الماضى، وما تبعها من وقف حركة الطيران فى العاصمة كييف.

قال «العمدة» إنه «بعد بدء العملية العسكرية الروسية تم وقف حركة الطيران فى العاصمة الأوكرانية كييف، وبعدها فى خاركيف وأوديسا ولفيف، ثم سمعنا بقصف عنيف أصاب المطار الحربى ومخزن سلاح فى فينيتسا، المدينة التى نقيم فيها وتبعد عن كييف مسافة ساعتين».

وأضاف: «السفارة المصرية فى كييف ووزارة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج دعتانا إلى البقاء فى المنازل والملاجئ، ومن اليوم الثانى للحرب بدأت الأوضاع تسوء، فى ظل تزايد معدل القصف وسماع الانفجارات وصافرات الإنذار فى كل مكان، لذلك بقينا فى الملجأ، من الثامنة مساء اليوم الثانى لبدء العملية العسكرية حتى السابعة صباح اليوم الثالث».

فى صباح اليوم الثالث، حاول «إبراهيم» رفقة ٦٠ مصريًا آخرين الهروب إلى مكان آمن، وبالفعل ذهبوا إلى محطة أتوبيسات لإيجاد وسيلة تقلهم إلى الغرب، تمهيدًا للعبور إلى رومانيا، ونسقوا مع أتوبيسين لنقلهم، واستغرقت رحلتهم من هناك إلى الحدود الأوكرانية الرومانية حوالى ١٣ ساعة، بسبب ضيق الطريق وازدحامه بالحافلات النازحة إلى رومانيا.

لم يتمكن الأتوبيسان من إيصال المصريين إلى حدود رومانيا، وتخليا عنهم قبل ٧ كيلومترات من المكان المقصود، فاضطروا إلى السير على أقدامهم كل هذه المسافة، حتى تمكنوا من الوصول إلى بوابات الحدود الرومانية.

وبحسب «العمدة» فإن العبور من الحدود الأوكرانية إلى جارتها رومانيا كان صعبًا جدًا بسبب الازدحام الشديد، الذى دفع قوات حرس الحدود لإطلاق النيران لإجبار النازحين على الالتزام بالنظام. مضيفًا: «كان معنا حوالى ٢٥ فتاة، عملنا على محاوطتهن منعًا لاندفاع الآخرين نحوهن».

وواصل: «انتظرنا ٤ ساعات على هذا الوضع، لا يوجد انضباط والجميع يدفع بعضه البعض من أجل العبور، كأننا فى يوم الحشر، مع انخفاض شديد فى درجة الحرارة، حتى تمكنا من العبور، صباح الأحد الماضى، وحصلنا على إقامة لمدة ٣ أيام فقط».

وأكمل: «وجدنا حافلات تنقل العابرين إلى أقرب مدينة بها قطار أو أتوبيسات تصل إلى بوخارست، التى يوجد بها مقر السفارة المصرية، وفى الثالثة عصر الأحد، وصلنا إلى بوخارست، وقابلتنا سيدة رومانية عرضت مساعدتنا ووفرت لنا إنترنت، ثم أوصلتنا إلى مقر السفارة المصرية».

وأتم: «استقبلنا السفير المصرى فى رومانيا بكل ترحاب، ووفر لنا إقامة مجانية فى سكن جامعى قريب من السفارة، حتى أعلنت مصر إرسال طائرة لإجلائنا من هناك، الثلاثاء الماضى»، مختتمًا حديثه بالقول: «فرحة أهلى بعودتى كانت كبيرة، فلم يستطيعوا النوم أو الأكل حتى استقبالنا فى المطار، لذا شكرًا للرئيس السيسى على عودتنا، وأنه لم ينس أبناءه أبدًا».

ياسمين عتمان:  سفارتنا فى بولندا حجزت لنا غرفًا فى «فندق 5 نجوم» 

بدأت معاناة ياسمين السيد عتمان، الطالبة بكلية الطب فى جامعة كييف الأوكرانية، إحدى العائدات إلى أرض الوطن من محافظة الدقهلية، مع الحرب فى أوكرانيا بإطلاق صافرات الإنذار مع سقوط القنابل فى كل مكان.

قالت «ياسمين»: «بعد سقوط القنابل حولنا، اتبعت تعليمات السفارة المصرية، والتزمت السكن الجامعى لحين هدوء الأوضاع، لكن مع تردى الوضع قررت الخروج من أوكرانيا والاتجاه إلى الحدود البولندية، مثل معظم الأوكرانيين، وتواصلت أنا ومجموعة أخرى من الزملاء المصريين مع الجالية المصرية، وطلبنا توفير أتوبيس لنقلنا إلى الحدود البولندية، وخرجنا من أوكرانيا فى مجموعة واحدة مكونة من ٥٢ مصريًا، وجزائريين اثنين».

وكشفت عن أن «الأوضاع على حدود بولندا كانت فى غاية الصعوبة، بسبب تكدس المدنيين وأبناء الجاليات المختلفة للنزوح من أوكرانيا، لكن الحظ حالفنا، ولم نظل على الحدود الأوكرانية البولندية سوى يومين فقط، خاصة أن الخروج من معبر دوروهسك الذى عبرنا منه، كان يتم بسهولة أكثر من المعابر الأخرى، التى ظل البعض بها أكثر من ٤ أيام حتى استطاعوا عبورها».

وواصلت: «فور الوصول إلى بولندا، اتجه بنا الأتوبيس إلى مطار وارسو، فى العاصمة البولندية، وهناك تواصلنا مع السفير المصرى فى بولندا، الذى حضر على الفور، واستقبلنا أحسن استقبال، وحجز غرفًا لجميع الطلاب فى فندق ٥ نجوم مقابل للمطار بالمجان، وساعدنى و٥ طلاب آخرين على توفير تذاكر مباشرة وبسعر زهيد إلى مطار مرسى علم، بعد أقل من ٤٨ ساعة من وصولنا إلى بولندا».

وناشدت جميع المسئولين العمل على مساعدة الطلاب العالقين داخل أوكرانيا، أو الذين لم تتوافر لديهم أموال للعودة، من أجل إعادتهم إلى أرض الوطن فى أسرع وقت، خاصة أن الأوضاع هناك تتدهور يومًا بعد يوم، وتحديدًا فى مدينتى خاركيف وكييف، ما يصعب الخروج كثيرًا.

وأشارت إلى إيقاف الدراسة فى الجامعات الأوكرانية كافة، حتى منتصف مارس الجارى، لذا مستقبل جميع الطلاب أصبح غير معلوم، ولا يعرفون إن كانوا سيستكملون دراستهم عبر الإنترنت أم فى الجامعات المصرية.

على محمود: نواصل الدراسة «أونلاين» حاليًا

لا يصدق على محمود، ٢٤ عامًا، طالب فى جامعة «فينيتسا» الطبية الأوكرانية، أن «الكابوس» الذى عاشوه منذ بدء الحرب الروسية فى أوكرانيا قد انتهى، بفضل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة كل المصريين من هناك. وقال «محمود» إنه «فور إبلاغنا من السفارة المصرية فى رومانيا بوصول طائرة لإجلاء المصريين، عبر منشور على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى، جهزنا أنا وزملائى حقائبنا، للاتجاه إلى مقر السفارة استعدادًا للعودة إلى مصر».

وأضاف: «كنا نساعد زملاءنا القادمين إلى حدود رومانيا على العبور، بالتنسيق مع السفارة المصرية، فمع مرور الأيام أصبح العبور صعبًا، وقللت رومانيا مدة التأشيرة من ١٥ إلى ٣ أيام فقط، وكانت تصلنا استغاثات من الزملاء على الحدود الرومانية، لذا كنا نبلغ السفارة بما يحدث، فيبادر مسئولوها بحل الأمر على الفور مع المسئولين فى رومانيا».

واختتم بقوله «الحمدلله أننا لقينا تقديرًا من بلادنا، وأشكر السفارة المصرية فى رومانيا على حسن استقبالنا وتوفير سكن لنا وتوفير كل احتياجاتنا، وأشكر الرئيس السيسى على إعادتنا سالمين، وتخليصنا من الكابوس الذى كنا نعيشه، وحاليًا نستكمل دراستنا أونلاين، آملين فى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه».