رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشهد معقد.. «الصراعات الانتقالية» تهيمن على ليبيا والارتباك السياسي سيد الموقف

ليبيا
ليبيا

ارتباك سياسي واضح يحلق في الأفق فيما يتعلق بجدول أعمال المرحلة الانتقالية في ليبيا، والأهم بالنسبة لليبيين أنفسهم ألا يعودوا للاحتراب الأهلي و الصدام، وسط طموحات بنجاح حكومة فتحي باشاغا في تلبية مصالحهم واستعادة ثقتهم في العملية السياسية مرة أخرى.

«النار تحت الرماد و الحل ليس بقريب»، هكذا يرى عدد من الخبراء في الشأن الليبي الأوضاع المتأرجحة في الداخل، مواجهات بين السلطتين التنفيذيتين، وأطماع داخلية في دخول «لعبة الانتقالية».

«الدستور» اقترب أكثر من المشهد الليبي، وطرح عدة أسئلة حول المستقبل هناك، فهل نحن بصدد مرحلة انتقالية سلمية أم مشهد معقد يتوسطه تحالفات للكبار؟

 

«عليبة»: الوضع في ليبيا معقد.. والأمم المتحدة أصبحت طرفًا في الأزمة

«التوترات في ليبيا كانت متوقعة، خاصة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، كان غير راضِ عن توجه البرلمان بشأن الانتقال السياسي وتشكيل حكومة جديدة وتكليف فتحي باشاغا بها».. هكذا بدأ أحمد عليبة رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية، الإجابة عن تساؤلات «الدستور» حول المشهد المعقد في ليبيا.

وأضاف: «المشكلة الحقيقية القائمة الآن هى كيف ستعمل الحكومة الجديدة برئاسة باشاغا من طرابلس، ومن الواضح أن هناك توجه لمنع هذه الحكومة من الوجود هناك رغم إصرار باشاغا على الحكم منها حتى لا يكون هناك نوعًا من الازدواجية».

«عليبة» أكد أن الأزمة لم تحدث للمرة الأولى، لكنها متجددة، مشيرًا إلى أن في كل مرحلة يكون هناك نوعًا من التباينات يظهر فيها حالات استقطاب، لافتًا إلى أن اختزال المرحلة الانتقالية في عملية تشكيل الحكومة تمثل مشكلة حقيقية، وتظهر فيها فكرة الاستحواذ على السلطة أكثر من العملية السياسية بشكل متكامل.

وتابع: «مايسمى بتحالفات الكبار غيرت من الوضع المعروف سابقًا رغم الأواصل المشتركة بين المرحلة الانتقالية الحالية والسابقة»، وأشار إلى أن تغير التحالفات جزء مهم جدًا، فأصبح هناك علاقة بين باشاغا والقوى الأساسية في شرق ليبيا وغربه.

وقال «عليبة» الأزمة السياسية ليست بـ «هوية» كما كانت في السابق بين الشرق والغرب، فبالتالي الانقسام قائمًا على طابع «جهوي»، لكنه قائم على حالة من الاستقطاب السياسي.

واعتبر رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الوضع الحالي في لييبا معقد، دور الأمم المتحدة ضعيف، ولم يعد بنفس القوة التي كانت في السابق، فالآن لم يعد هناك مبعوثًا أمميًا بشكل رسمي.

واستكمل حديثه لـ «الدستور»: «المسألة ليست أزمة بين شخصين الدبيبة وباشاغا، نحن بصدد أزمة أكبر بكثير من ازدواج الحقوق، فكان من المتصور أن المجلس الأعلى للدولة دخل على خط التوافق مع البرلمان، لكن من الواضح أنه لايريد التقدم خطوة نحو هذا التقارب، لأنه شكك في إجراءات حكومة باشاغا، وما يحدث من انقسامات هو المجلس الأعلى للدولة وليس البرلمان الذي كان به انقسامات سابقة، وما يحدث الآن هو انقسام قائم على اعتبارات بها جزء كبير من المصالح الأساسية، فالإخوان يلعبون دورًا مهمًا بطبيعة الحال، ومن الواضح أنهم مستقطبين بشكل كبير لحكومة الدبيبة».

وعن موازين القوى في طرابلس، قال «عليبة» رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، يتحدث عن قاعدة تأييد لمشروعه المتمثل في خارطة الطريق التي تنتهي في يونيو المقبل، نهاية المرحلة الانتقالية وفقًا للجدول الزمني للأمم المتحدة.

واعتبر «عليبة» أن مايود الدبيبة انجازه في هذا الوقت ضربًا من الخال، فلا يوجد توافق مع مجلس النواب، والذي يلعب دورًا مهمًا بشأن المرحلة، كما انه لايمكنه استكمال مشروعه، لكنه يحاول توظيفه في المرحلة الحالة، هو الآن يود أن يظر أن لده صلاحيات بموجب الجدول الزمني للأمم المتحدة، والتي تدعم الآن حكومة باشاغا، وهذه نقطة أساسية لدعم حكومة باشاغا ومسألة الخلافات.

وأكد «عليبة» أن الأمم المتحدة أصبحت طرفًا في الأزمة الليبية بعد فشلها في لعب دور في الانتقال السياسي، فبدأت في تأييد طرف عن الآخر.

أما الوضع السياسي وفقًا لهذه التطورات، فيرى «عليبة» أنه لن يكون هناك استقرارًا، إلا بمرحلة انتقالية جديدة، لكن ليبيا لن تغادر مربع البحث عن انتاج السلطة، وليس البحث عن الدولة لمستقرة بعد أكثر من 11 عامًا من الأزمة.

وأكمل: «نحن أمام سيناريو صدامي، فالحكومة المنتهية ولايتها تفرض وضع على حكومة باشاغا بألا يكون موجودًا في طرابلس حتى يونيو، حكومة الدبيبة تلعب على عنصر الوقت إلى أن يتم تبلور موقفًا جديدًا، وهذا الموقف لن يقوم على خطة سياسية، فحكوم الديبة تريد التصعيد في اتجاه يمكنها الاستفادة منه، وباشاغا منتبه لهذه الخطة ولايريد الدخول في صدام».

وأضاف: « هناك أطراف من مصلحتها إعادة ليبيا مرة أخرى لساحة الفوضى، وتتكسب طوال الوقت من الصراعات، و هذه الأطراف ترى أن عملية الاستقرار السياسي تتم وفقًا لمصالحها الخاصة، وليست المصالح الوطنية، وفي حقيقة الأمر كل الأطراف تتحمل مسؤولية الانزلاق لمربع الفوضى السياسية»

وبخصوص التدخلات الخارجية، أكد «عليبة» أنها تلعب دورًا مهمًا في الداخل الليبي، إلا أن الاطراف الداخلية بدأت تجيد لعبة المباراة السياسية، والتدخلات الخارجية في الفترة الحالية أقل مما كان في الفترة السابقة، ويرى أيضًا أن كل مايكون هناك نسبة من التوافق الخارجي يكون أفضل كما هو الحال في حكومة الدبيبة التي جاءت في إطار العملية السياسية التي أطلقت في العام الماضي، وفي حالة تباين القوى الخارجية تزداد التباينات الداخلية وتعزز من الاستقطاب والانقسام، مشيرًا إلى أن ليبيا لاتزال في النفق المظلم الذي دخلته منذ أكثر من 11 عامًا.

وشدد «عليبة» على ضرورة أن يكون هناك نضج في الساحة الليبية، وأن يكون هناك برنامج وطني، وحذر من مغبة اعتبار كل مجموعة سياسية أن ما تقدمه كخريطة طريق يكون هو البرنامج الوطني، لافتًا إلى أن ليبيا بها العديد من المجموعات السياسية التي تتعامل مع العملية السياسية على اعتبار أنها مغنم وليست آلية للانتقال السياسي.

وتابع: « لا أتخيل أن حكومة الدبيبة التي ظلت على رأس السلطة في ليبيا 8 أشهر لإجراء الانتخابات وفشلت فيها، ستجريها خلال 3 أشهر، مراحل الانتقال في ليبيا تبدأ بتفاؤل كبير جدًا، وارد أن يصدق الدبيبة، إلا ان حكومة باشاغا تعهدت بإجراء الانتخابات في 14 شهرًا، وفي هذه الأشهر التي تبدأ من إقرار القاعدة الدستورية، التي تتم في إطار لجنة مكونة من 24 شخصًا من الأقاليم الـ 3 المختلفة».

واختتم: «هناك ارتباك سياسي فيما يتعلق بجدول أعمال المرحلة الانتقالية، والمهم بالنسبة لليبيين هو ألا يعودواللاحتراب الأهلي والصدام وتوفر الخدمات الأساسية، وأن تنجح حكومة باشاغا في تلبية مصالح الليبيين وتستعيد ثقتهم في العملية السياسية مرة أخرى».

أحمد عليبة

إقرأ أيضًا: 
الملف الليبي الأهم في اتصال السيسي وتبون.. وخبراء: استقرارها أمن قومي ودور مصر «محوري»

«معتوق»: الوضع مرتبك 

من ناحيته، أكد الباحث السياسي الليبي عبد الحكيم معتوق، أن الوضع في ليبيا مرتبك، وقد تشهد الأراضي الليبية مواجهة مسلحة بين السلطتين التنفيذيين «باشاغا / دبيبة»على خلفية رفض الأخير لمخرجات خارطة الطريق التي أعدها مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري، والتي عاد وتتصل منها ومارشح عنها من اتفاق خالد المشري، الأمر الذي دفع الدبيبة إلى التشبت برأيه ويقف إلى جانبه بعض الفصائل المسلحة والتي أعلنت من جهتها في بيان ليلة أمس الأول منعها دخول حكومة باشاغا إلى طرابلس وتمكينها من استلام مقرات الحكومة على الرغم من ترحيب الحكومتين الأمريكية على لسان سفيرها في ليبيا ( ريتشارد نورلاند ) وكذلك الحكومة الروسية.

وتابع لـ «الدستور»: «الانتخابات أصبحت شيئًا بعيدًا لاعتبارات كثيرة أهمها الجانب الأمني، فضلًا عن التحضير لها بشكل جيد وفق مخرجات جنيف والتي وضع لها البرلمان وعاء زمنيًا لإنجازها في مدة لا تتجاوز 18 شهرًا، بعد أن فشل الدبيبة في القيام بها بعد مضي سنة على توليه الحكومة، وهى في الأساس من أولى مهام حكومته».

وأردف: « حرب الكلام وتبادل الاتهامات مشتعلة بين حكومة الدبيبة والبرلمان وكل طرف يتهم الأخر بخرق الاتفاق السياسي، ولكن الحقيقة هى صراعًا مستمرًا ومستميتًا على السلطة والمال تغذيه أطراف خارجية، وما يجعل الباب مفتوحا أمام القوى الكبرى للتدخل ويحول ليبيا ساحة مشتعلة من خلال أجندات مكشوفة يمارسها الخارج على الأطراف الليبية بغية الحفاظ على مصالحها وتقاسم النفوذ والحصول على نصيب أكبر من الكعكة الليبية، والذي ينعكس بدوره على الأزمة ويطيل في عمرها والذي سيكون ضحيته هو الشعب الليبي.

عبد الحكيم معتوق

وللمزيد:
انتخابات ليبيا.. خطوة على الطريق الصحيح وتخوفات من مشهد معقد

 

«أبو هشيمة»: لا يوجد دولة لا تمتلك تقديرات استراتيجية للمتغيرات الدولية والإقليمية

وعسكريًا، يرى اللواء سامح أبو هشيمة أستاذ الاستراتيجية القومية والعلوم السياسية، والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن تأجيل الانتخابات في ليبيا يعطي الفرصة للتقلبات الداخلية والتدخلات الخارجية.

«أبو هشيمة» أكد أن الحكم في ليبيا قبلي قبل أن يكون رئاسيًا، والقبلية هى من يتحكم في توجهات الرؤساء، وكل قبيلة تطمح الآن في مكتسبات بالنظام الجديد، فيما أشار إلى أن الموقف الحالي ليس في صالح ليبيا أو دول الجوار.

وتابع: «الدبيبة بالرغم أن توجهاته كانت شبه وطنية إلا أنه اتهم بالفساد والتربح من السلطة، لذا يجب أن يكون هناك دستور، ومجلس نواب للمراقبة والتشريع، وكذلك تنمية من خلال البترول، ما يصب في استقرار ليبيا ، لذا فإن مجلس النواب متوافق على باشاغا، وهناك أيضًا قبول قبلي بعدما خسر الدبيبة بعضهم».

وأضاف «أبو هشيمة»: «ما يحدث في ليبيا يتجوب انتخابات برلمانية ورئاسية سريعة، استقرار وتنمية، الدستور، توحيد الجيش».

وشدد المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية لـ «الدستور» على أنه ليس هناك سحب لأي قوات في ليبيا دون مقابل، وهو تأكيد مصالح والمشاركة والمساهمة في إعادة إعمار ليبيا.

وأكد أن روسيا تريد السيطرة على مصالحها، وتضيق الخناق على الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا في ليبيا، وشدد على أن هناك تنسيق مع دول الشرق الأوسط ومن بينهم مصر ليكون القرار الأول والأخير لليبيا بعيدًا عن أي تدخلات تحت ستار الأمم المتحدة.

وعن الخطر الذي يهدد دول الجوار الليبي من الصراعات هناك، أكد «أبو هشيمة» على أنه لا يوجد دولة لا تمتلك تقديرات استراتيجية للمتغيرات الدولية والإقليمية، وسيناريوهات محتملة للأوضاع في دول الجوار، وهناك دراسات و تنسيق بين دول الجوار لتفادي أي خطر يداهم الأمن القومي.

اللواء سامح أبو هشيمة

وطالع:
خبراء: أصحاب «الأرجل الثقيلة» يحكمون الفترة الانتقالية في ليبيا

 

قبيلة الجمعيات: نطمح للاستقرار

ومن جانبه، أكد  ضيف نافع بركات عمدة قبيلة الجمعيات في عموم ليبيا، أن الليبيين يطمحون للاستقرار والعيش بأمان.

وأضاف لـ «الدستور» أن قرار مجلس النواب الذي صدر بموجب مخرجات لجنة خارطة الطريق بين البرلمان و المجلس الأعلى للدولة هى سابقة حوار ليبي - ليبي الأولى من نوعها منذ سنوات.

وأشار إلى أنه من أهم ملامح هذه الخارطة هو التعديل الدستوري وتغيير السلطة التنفيذية على ألا يتجاوز الأمر 14 شهرًا.

وطالب «الجميعي» بأن تضع الحكومة الجديدة من ضمن أولوياتها بسط الامن وحصر السلاح والمسلحين تحت الجيش والشرطة، والتخلص من أي قوات أجنبية على أرض ليبيا، خصوصًا بعد مباركة الأطراف القوية على الأرض شرقًا وغربًا، وهو الأمر الذي سيسهم في استقرار البلاد.

العمدة ضيف نافع