رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من حقك أن تعرف.. قبل الزواج

 


الزواج مؤسسة مهمة، يجب أن تتمتع بحصانة حقيقية من قبل الدولة، لذا أعتقد أن مشروع القانون الذي قدمه أكثر من 60 برلمانياً بشأن الفحص الطبي الإلزامي الشامل قبل الزواج، خطوة مهمة بل ربما تكون متأخرة، وسبقتنا إليها دول كثيرة بأطر وأنظمة مختلفة تضمن تعزيز وحماية الصحة العامة، وتوفر ضمانات كافية لأبناء أصحاء وأسرة متماسكة.
يهدف مشروع القانون بحسب مقدميه إلى وقاية المقبلين على الزواج من الأمراض الوراثية والمناعية والمعدية التي ربما تكون سبباً لفشل الحياة الزوجية، وعاملاً لانتقال تلك الأمراض إلى الأجيال الجديدة.
إن قرار الزواج يجب أن يدرس بعناية، ويبنى على أسس من التوافق الصحي والنفسي والاجتماعي، فالأسرة هي نواة المجتمع المتماسك السليم، ولا ارى أي سبب للتذمر بشأن هذه الخطوة، أو اعتبارها مصادرة على حق طرفي العلاقة في تحديد مستقبلهما معاً، لان الدولة هي التي تدفع في النهاية فاتورة الزيجات الفاشلة وارتفاع مؤشر الطلاق، وبالطبع تتأثر سلباً بإنجاب أبناء كل ذنبهم أنهم ولدوا لأبوين غير متوافقين.
لقد طالعت مشروع القانون وهو بكل أمانة شامل وواف، إذ يُلزم في مادته الأولى المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات طبية ونفسية واجتماعية، بهدف حماية الزوجين ونسلهما من الأمراض وإنجاب أطفال أصحاء.
والأهم في هذا القانون أنه يضع الشخصين المقبلين على الزواج أمام مسؤولية اتخاذ القرار المناسب لهما، حال التأكد من حمل أحدهما لأي مرض قد يؤثر على الطرف الآخر، أو ينتقل إلى أبنائهما، وهو بلا شك قرار صعب لكن من حق الطرف السليم أن يعرف ذلك، ومن حق الدولة أن تستفيد بالطفرة العلمية في تأمين مستقبل أبنائها وحمايتهم وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لبناء أسرة سليمة ومتماسكة.
وهكذا فإنه لا يلزمهما بالانفصال، لأن استمرار العلاقة من عدمه حق أصيل لهما، لكن أجزم ومع تقديري لكل الثوابت والقناعات التي تسيطر على البعض، فإن غالبية الآباء والأمهات الذين أنجبوا أبناء مصابين بأمراض وراثية، أو أمراض نتيجة عدم التوافق الجيني بين الأبوين كانوا سيغيرون مواقفهم لو علموا قبل الزواج أن هناك احتمالات كبيرة لإنجاب أبناء غير أصحاء.
لا يوجد شخص في هذا العالم يمكن أن يتمنى إنجاب طفل مريض نتيجة عامل وراثي، بل أن هذا فيه ظلم كبير للطفل ذاته، لذا يجب أن نقدر دور العلم في هذا الجانب، ونؤمن بأهميته..
وأنا شخصياً على قناعة بأن الحب ربما يفرض نفسه ويصر الطرفان على الزواج لكن أشك في أنهما قد يتخذا قرار الإنجاب، وهذا كما أشرت حق أصيل لهما، كما أن من حقهما المعرفة كذلك..

محام بالنقض - مستشار قانوني أول بدبي