رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحذر واجب».. أطباء يضعون روشتة الحماية من «متلازمة ما بعد كورونا»

«الحذر واجب»
«الحذر واجب»

لا يتوقف خطر فيروس «كورونا المستجد»، سواء نسخته الأصلية الأولى أو متحوراته الأخيرة وعلى رأسها «أوميكرون» و«دلتا»، عند فكرة الإصابة بالفيروس فحسب، بل امتد ليشمل مجموعة من المخاطر التى تُصيب الشخص بعد الإصابة والشفاء من المرض.

فرغم شفاء الغالبية من المرض، فإن الفيروس يخرج من الجسم تاركًا مجموعة من الأعراض شديدة الخطورة، ومضاعفات تؤثر على الكثير من الأعضاء، وهو ما يعرف باسم «متلازمة ما بعد كورونا».

عن «متلازمة ما بعد كورونا»، وأهم المخاطر التى تتسبب فيها للجسم بعد الشفاء من الفيروس، والروشتة العلاجية لمواجهتها وتجنب تطورها إلى ما لا تحمد عقباه، تدور حوارات «الدستور» التالية مع عدد من الأطباء والمتخصصين فى الفيروسات وجهاز المناعة.

فايد عطية: تجنب الإجهاد والتغذية الجيدة وتحسين الحالة النفسية

قال فايد عطية، الأستاذ المساعد فى مدينة الأبحاث العلمية بالإسكندرية، المتخصص فى مجال الفيروسات الطبية والمناعة، إن بعض الأعراض والمضاعفات تستمر مع المصابين بفيروس «كورونا» حتى بعد تعافيهم.

وأوضح أن من هذه الأعراض: ضيق التنفس والنهجان والصداع وتكسير الجسم والشعور بالتعب من أقل مجهود وفقدان حاسة الشم والتذوق، فضلًا عن الاكتئاب أو المرور بحالة نفسية سيئة. 

وأضاف أن تلك الأعراض يطلق عليها اسم «متلازمة ما بعد كورونا»، التى تختلف من شخص إلى آخر، وفقًا لسنه ومدى معاناته من أمراض مزمنة، خاصة أمراض القلب، وكذلك قدراته المناعية، بالإضافة إلى شدة إصابته بـ«كورونا»، فكلما زادت شدة الإصابة بالفيروس زادت احتمالات وأعراض «متلازمة ما بعد كورونا». 

وشدد «عطية» على أهمية الحصول على اللقاح المضاد لفيروس «كورونا» لتخفيف أعراض المتلازمة، فأعراض المتلازمة ومدتها تكون أقل لدى الحاصلين على اللقاح، فيما قد تتسبب المتلازمة فى مشكلات خطيرة، خاصة مع عدم الاهتمام بمعالجتها، أبرزها الإصابة بالالتهاب الرئوى الحاد. 

وأضاف: «ليس ضروريًا أن يعانى كل المصابين بفيروس كورونا من المتلازمة، لكنها تصيب ما بين ٦٠٪ و٧٠٪ من المصابين، وتستمر لمدة تتراوح بين شهر و٣ أشهر، مع وجود حالات قليلة استمرت معها تلك الأعراض فترة أطول من ذلك». 

وعن كيفية التعامل مع المتلازمة، قال: «ينبغى على المصابين بها الحرص على عدم الإجهاد والراحة التامة والتغذية الجيدة وممارسة الرياضة، فضلًا عن الاهتمام بتحسين حالتهم النفسية كونها تؤثر على الأعراض ومدتها».

ناهد عويضة: المتابعة لمدة 6 شهور بعد الإصابة

كشفت الدكتورة ناهد كمال عويضة، مدير مستشفى الصدر بالعباسية سابقًا، عن أن تليف الرئة هو أكثر المضاعفات خطورة التى يتركها فيروس «كورونا» فى الجسم، ضمن ما يعرف بـ«متلازمة ما بعد كورونا»، مشيرة إلى أن «خطورة المتلازمة تتوقف على مدى التليف الذى طال الرئة خلال فترة الإصابة».

وقالت «د. ناهد» إن هذا الأمر يتعلق بضرورة الكشف المبكر من البداية وعدم الاستهانة بظهور أى أعراض تشبه «البرد العادى» أو «الإنفلونزا»، خاصة أن أغلب حالات الإصابة بفيروس «كورونا» فى الفترة الأخيرة اختلطت على أصحابها أعراض «كورونا» و«نزلات البرد العادية»، ما أدى إلى التأخر فى التشخيص وبالتالى تدهور الحالة الصحية، وخلق «متلازمة ما بعد كورونا» أكثر شراسة. 

وأضافت: «حال التأخر فى التشخيص يتسبب ذلك فى حدوث التهابات فى الرئة، وبالتالى نقص فى الأكسجين الضرورى لإتمام كل العمليات الحيوية فى الجسم، لذا يصف الأطباء فى هذه الحالة (الكورتيزون) لمنع التليف، الذى يجب استمرار تناوله فترة يحددها الطبيب، حتى بعد الشفاء من فيروس كورونا، لما قد يسببه وقفه المفاجئ من أضرار وخيمة».

وحذرت من أنه «فى حال عدم السيطرة على هذه الالتهابات، أو التأخر الزائد فى التشخيص، قد يتطور الأمر إلى تليف فى الرئة، وهذا التليف لا يمكن علاجه، فهو يعنى أن جزءًا من الرئة أصبح معطلًا عن العمل تمامًا، حتى بعد الشفاء التام من فيروس كورونا، وهو الأمر الذى قد يصل به إلى أن يعيش دائمًا على جهاز تنفس».

ونصحت لتجنب الأضرار الكبيرة لـ«متلازمة ما بعد كورونا» بالتشخيص المبكر، والمتابعة لمدة ٦ شهور عقب الإصابة، وعدم الاستهانة بأى عرض مستجد خلال هذه الفترة.

أحمد عبدالرحمن:  الإكثار من الأطعمة الغنية بالزنك

حذر الدكتور أحمد عبدالرحمن، إخصائى الباطنة والمناعة، من أن الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» ومتحوراته قد تترك العديد من الآثار الجانبية، التى قد تتطور حتى تصبح «الوحش القاتل الذى يودى بحياة كثيرين».

وقال «عبدالرحمن» إن هناك أعراضًا عدة لـ«متلازمة ما بعد كورونا»، يتعرض لها الشخص بعد التعافى من العدوى بالفيروس، أبرزها تليف الرئة وتكسير الجسم والشعور بالاكتئاب والوهن الشديد.

وكشف عن الإجراءات التى يجب اتباعها من أجل تجاوز أعراض هذه المتلازمة، التى يأتى على رأسها الحرص على تناول الأطعمة الغنية بعنصرى «الزنك» و«الكارنتين»، نظرًا لأهميتهما فى بناء حصن منيع لمواجهة الفيروسات، علاوة على الإكثار من المشروبات الساخنة لأهميتها القصوى.

وأضاف: «فى الفترة المقبلة قد تظهر العديد من المتحورات، لذا يلزم اتباع جميع الإجراءات الاحترازية، على رأسها ارتداء الكمامة والتعقيم المستمر والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، حتى يمكن التصدى للجائحة دون خسائر».

مجدى بدران: تلقى الجرعات المعززة للحفاظ على الأجسام المناعية

أشار مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إلى أن بعض المتعافين من الإصابة بفيروس «كورونا» يعانون لمدة تصل إلى ٣ أشهر بعد الإصابة من «متلازمة ما بعد كورونا»، التى قد تتطور أعراضها لتسبب مشكلات حقيقية.

وأضاف: «الشعور بالتعب الشديد والأرق والإعياء وفقدان حاستى الشم والتذوق وضيق التنفس وآلام الصدر والصداع والسعال والحمى ومشاكل الذاكرة والتركيز والنوم والمعاناة من الطفح الجلدى وتساقط الشعر، هى أكثر الأعراض الشائعة بين المصابين بالمتلازمة».

وواصل: «قد تؤدى المتلازمة إلى أعراض خطيرة، منها حدوث مضاعفات فى عضلة القلب وتكوين الجلطات وارتفاع ضغط الدم والسكتات الدماغية والنوبات القلبية، بالإضافة إلى التليف الرئوى والفشل التنفسى، وهى أعراض قد تؤدى إلى الوفاة». ونبه إلى أن «الأعراض لا تكون واحدة لدى المصابين، بل تختلف من شخص لآخر، فهى مثلًا تنتشر بشكل أكبر بين الإناث، وتؤثر أكثر على كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة».

وشدد على أن الشفاء من الإصابة بفيروس «كورونا» لا يعنى التخلى عن التدابير الوقائية، بل ينبغى التخلى عن السلوكيات الخاطئة التى أدت للإصابة، مع الحرص على ارتداء الكمامة وغسل اليدين.

محمد أبوعامر: عيادات لعلاجها فى المستشفيات الجامعية

أكد محمد أبوعامر، إخصائى المناعة والطفيليات فى جامعة المنوفية، أن «متلازمة ما بعد كورونا» تظهر بشكل كبير لدى المتعافين الذين عانوا من الأعراض الشديدة للفيروس، بينما أكثر من ٩٠٪ من المصابين بأعراض خفيفة ومتوسطة لا يعانون من أى أعراض. 

وأوضح «أبوعامر» أن شدة أعراض الإصابة بالمتلازمة تختلف وفقًا لعدة عوامل، منها الجنس ومدى الإصابة بالأمراض المزمنة وكفاءة الجهاز المناعى والظروف المرضية للمصاب.

وكشف عن أن معظم الأعراض تتمثل فى تليف أجزاء من الرئة وآلام وتكسير فى عظام الجسم ونقص فى نسبة الأكسجين على فترات متباعدة والشعور بالاكتئاب. 

وأشار إلى أن المستشفيات الجامعية تضم عيادات لعلاج المتلازمة، أُنشئت خصيصًا لمتابعة الحالات التى أُصيبت بأعراض شديدة، خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. 

نهلة عبدالوهاب: تستمر طويلًا مع أصحاب الأمراض المزمنة

أوضحت الدكتورة نهلة عبدالوهاب، استشارى البكتيريا والمناعة، رئيس قسم البكتيريا فى مستشفى جامعة القاهرة، أنه كلما كان الجهاز المناعى قويًا كانت الإصابة بفيروس «كورونا» أقل ضررًا، وهو ما ينعكس أيضًا على متلازمة ما بعد الإصابة، التى تصبح أخف وطأة فى حال قوة مناعة الجسم. 

وربطت د. «نهلة» شدة الإصابة بـ«متلازمة ما بعد كورونا» بمدى إصابة المتعافين بأى أمراض مزمنة، فوجود هذه الأمراض يمنح فرصًا أكبر للإصابة بأعراض المتلازمة.

وأوضحت: «المتلازمة تأتى بشكل أكثر حدة وتستمر فترة أطول مع أصحاب الأمراض المزمنة، مثل الضغط والسكر والقلب، وأمراض المناعة الذاتية» محذرة: «فى حال عدم اتباعهم نظامًا صحيًا سليمًا وسيطرتهم العلاجية على أمراضهم، تتطور أعراض المتلازمة إلى حدوث نقص فى الأكسجين يستمر معهم مدة طويلة».