رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«روشتة إنقاذ».. القادة الدينيون فى 7 دول يتحدثون لـ«الدستور»

القادة الدينيون
القادة الدينيون

شدد قادة دينيون على أن «الدولة الوطنية» هى أساس أمان المجتمعات جميعها، مشيرين إلى أن العمل على تحقيق وترسيخ المواطنة التفاعلية والإيجابية الشاملة هو أمر واجب، وأن بناء الدولة والحفاظ عليها واجب دينى ووطنى. 

على مدار يومين متتاليين، عُقدت فعاليات الدورة ٣٢ من المؤتمر الدولى للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى القاهرة، بمشاركة ٤٠ دولة وأكثر من ٥٠ وزيرًا ومفتيًا وعالمًا، بعنوان «عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمى»، وذلك تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئاسة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، واُختتمت فعالياته بإصدار مجموعة من التوصيات إلى جانب «وثيقة القاهرة للسلام». 

فى السطور التالية، يُقدم عدد من ضيوف المؤتمر بعض التوصيات التى يمكن من خلالها الوصول إلى هدف شعاره الرئيسى، المتمثل فى إرساء مبادئ المواطنة لتحقيق السلام المجتمعى والعالمى. 

أوكرانيا أحمد تميم: التكاتف فى مواجهة دعاة الشر والتخريب

نبه الشيخ أحمد تميم، مفتى أوكرانيا، إلى ضرورة التكاتف لحماية الوطن، قائلًا: «علينا نحن الغيورين على الأوطان والمجتمعات، التكاتف مع بعضنا لحماية الوطن من المخرِّبين المفسدين، بسد الأبواب فى وجوههم».

وأضاف «تميم»: «علينا ترسيخ المفاهيم السليمة الصحيحة من الكتاب والسنة، حتى تأمن الأوطان، ومن المهم أيضًا لحماية المجتمعات، الاهتمام بالحفاظ على المناخ والبيئة والطبيعة، وسائر ما سخّره الله لنا للانتفاع به فى دنيانا».

وواصل: «المواطنة الصادقة تحصّن المجتمع من الإنصات لدعاة التخريب، ودعاة الشر المفسدين، الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون، وامتلأت قلوبهم حقدًا وضغينة على أهلهم ومجتمعاتهم، والذين زيّن لهم الشيطان أعمالهم، فهدموا البلاد وشرّدوا العباد باسم الإصلاح وغيره من الكلمات، فما كانت إلا مساعدةً للأعداء، ونهبًا لخيرات البلاد، وتدميرًا لكل ما ينتفع به أهل الأوطان».

 

السعودية عبداللطيف آل الشيخ: التسامح هو حبوب لقاح المحبة والسلام

شدد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد فى المملكة العربية السعودية، على أن العالم كله فى حاجة ماسة إلى قيم المواطنة والتسامح، التى تحمل فى طياتها حبوب لقاح المحبة والتعايش والسلام والأخوة، والانتقال من بناء المواطنة المحلية إلى بناء المواطنة العالمية، والمسئولية الكونية المشتركة عن سلامة الإنسان والحياة. 

وأضاف أن تلك من القيم الإسلامية والإنسانية الكبرى، التى من شأنها أن تُسهم فى إيجاد بيئة عالمية متسامحة، وتقود سفينة البشرية إلى سواحل الرشاد، وشواطئ الأمان فى إطار المواطنة العالمية.

وشدد على أن المملكة العربية السعودية ستظل مصدرًا للفكر الوسطى المعتدل، وفكر الدين الإسلامى الخالى من التطرف والعنف، والمبنى على التعايش والتسامح وقبول الآخر.

وأشار إلى أن وزارة الشئون الإسلامية فى المملكة تقيم برامج دعوية فى الفكر الوسطى والاعتدال، تشمل محاضرات ودروس وجولات دعوية وندوات، فى مختلف بلدان العالم، خلال شهر رمضان فى كل عام.

وعن تمكين المرأة فى السعودية، قال «آل الشيخ»: «هناك رؤية لتمكين المرأة من الوظائف الحكومية والمناصب القيادية، ومؤخرًا تم تعيين وكيلة فى الوزارة للتطوير والتحول الرقمى».

وأضاف أن ذلك يأتى إيمانًا بالقدرات الكبيرة للمرأة السعودية، وأحقيتها فى التمكين، وجدارتها لمثل تلك المهام الكبيرة فى نشر الوسطية والاعتدال، وتجديد الخطاب الدينى، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام داخل المملكة وخارجها.

هولندا مرزوق أولاد عبدالله: الولاء للأوطان «فِطرة».. والطائفية ليست من الدين

وصف الدكتور مرزوق أولاد عبدالله، عضو «المجلس العلمى المغربى لأوروبا» بهولندا، الولاء للأوطان بأنه «فِطرة لا يمكن جحدها»، معتبرًا أنه «لا أدل على تأصّلها فى النفوس، مما طبع الله عليه القلوب من الحنين والشوق إليها».

وقال «عبدالله» إن مصلحة الأوطان تعلو على مصلحة الأفراد الزائلة، يجتمع فيها الجميع من أجل إعلاء راية الوطن، وفى ظلها ينعم الأفراد بالأمن والاستقرار، ويتنافسون فى الإحسان إلى بعضهم البعض، فى ظل طوارئ وتقلبات الحياة.

وأضاف أن «النبى، صلى الله عليه وسلم، كان فى حياته الشريفة بين أصحابه رضى الله عنهم، يُعلمهم ويوجههم ويرشدهم إلى هذه المبادئ العليا السامية، ويأخذ بيدهم إلى واقع السلوك والعمل، فكانوا بذلك وبحق دعاة الخير والبناء، ورسل الهداية والوحدة».

وحذر عضو «المجلس العلمى المغربى لأوروبا» من الطائفية، واصفًا إياها بأنها داء عضال، ومرضٌ خطير، إذا استشرت فى جسم أمة من الأمم أنهكته وأرهقته واستنزفت قواه، وأوقفت تطوره وتقدمه، وبثّت اليأس فى المجتمع، كما أنها دخيلة على وطننا العربى وديننا الحنيف.

وتابع: «التدين فى وطننا قديم، لكن الطائفية حديثة، ربما دعمها الاستعمار البغيض، وصب الزيت عليها المتطرفون والمتزمتون والإرهابيون لحاجة فى نفوسهم».

وشدد على أن «وثيقة المدينة» نموذج لترسيخ العلاقات بين المواطنين جميعًا، ونشر السلام العالمى، ومجابهة فكر التفرقة بين المواطنين، داعيًا إلى الاستفادة منها بقدر الإمكان.

وشرح: «هذه الوثيقة يجب أن يستفيد منها كل المسلمين، فى علاقاتهم مع بعضهم البعض، وعلاقاتهم مع غير المسلمين، فى المجتمعات العربية والإسلامية وفى البلاد الغربية، وهى وثيقة قوية لنشر السلام العالمى، ومواجهة الفكر المتطرف الذى يدعو إلى تقويض السلم المجتمعى، بين التركيبة المجتمعية للمجتمعات المسلمة والأقليات فى الغرب، ونشر الكراهية للآخر، ومحاولة تفريغ أدمغة الشباب من القيم الإسلامية السلمية الصحيحة، وملئها بأفكار التخريب والتدمير والتطرف والكراهية».

البرازيل عبدالحميد متولى: نحتاج لقوانين رادعة لناشرى الفوضى 

رأى الدكتور عبدالحميد متولى، رئيس مركز التسامح فى البرازيل، أن المواطنة «فضيلة»، والفضيلة تكون بين رذيلتين: الغلو فى مقابل التفريط والتهاون، اللذين حاربتهما وزارة الأوقاف، وكانت الصخرة التى تحطمت عليها أفكار المتطرفين.

وقال «متولى» إن وزارة الأوقاف ساعدت فى تثقيف الأئمة داخليًا وخارجيًا، من خلال أكاديمية الأوقاف الدولية، ومن خلال كتب وزير الأوقاف التى وصلت إلى جميع الناس، وحارب فيها الفكر بالفكر.

وأضاف: «نشكر جهود وزير الأوقاف فى تثقيف الدعاة داخل أكاديمية الأوقاف الدولية، التى تخدم جميع دول العالم تدريبًا وتثقيفًا، فأصبح المبعوث الخارجى للأوقاف المصرية يقدم صورة مشرفة، لأنه لا يدرس الدين فقط، وإنما يدرس جميع العلوم التى تخدمه فى حياته العملية، فضلًا عن دوره العظيم فى محاربة المتطرفين بكل إصدارات الكتب التى أصدرتها وزارة الأوقاف بأكثر من ١٢ لغة».

وشدد على أن المجالس التشريعية فى دولنا العربية والإسلامية عليها دور مهم للغاية فى موضوع المواطنة، يتمثل فى سن القوانين اللازمة لردع الذين يريدون نشر الفوضى وهدم المواطنة.

سويسرا فوزية العشماوى: تفعيل دور المرأة يسهم فى إقرار السلام

أكدت الدكتورة فوزية العشماوى، أستاذة الحضارة الإسلامية فى جامعة «جنيف» السويسرية، أن المرأة المسلمة التى تعيش فى المجتمعات غير المسلمة استطاعت أن تثبت للأوروبيين أن الإسلام جعل للمرأة مكانة رفيعة.

وأضافت أن المرأة المسلمة التى تعيش فى المجتمعات غير المسلمة أثبتت هذه المكانة، خاصة فى زمن جائحة «كورونا»، وبفضل مشاركتها الفعّالة فى مواجهة هذا الوباء اللعين، بامتثالها للإجراءات الوقائية لها ولأسرتها، ومساعدتها لجيرانها ومعارفها، وفى الحفاظ على صحة أسرتها، وتفاعلها مع زملائها فى محيط العمل.

وواصلت: «هذه المكانة تحسدها عليها المرأة الأوروبية، التى لم تحصل على كثير من حقوقها المدنية والسياسية، إلا بعد صراع مرير استمر أكثر من ١٠٠ عام أو يزيد، بينما المرأة المسلمة تمتعت بكل هذه الحقوق فى عهد الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، فى المدينة المنورة منذ ١٤ قرنًا».

ونبهت إلى أن تفعيل دور المرأة فى المجتمعات المسلمة يسهم إيجابيًا فى إقرار السلام والتسامح فى هذه المجتمعات، لأن المرأة هى الركيزة التى تضمن استقرار الأسرة وتكاتفها، فهى الأم والأخت والزوجة والابنة، ولكل منهن دور أساسى فى كل أسرة.

وتابعت: «على كل منهن تأدية وظيفتها الأساسية فى الأسرة، بالمساهمة الفعّالة فى التربية والرعاية، والحفاظ على الأخلاق الإسلامية، وتطبيق المبادئ الإنسانية فى التعامل مع الآخرين فى المجتمع، والاعتراف بالآخر مهما كان دينه أو عرقه دون تفرقة، ومراعاة حق الجيرة، والمساهمة فى الحياة الاجتماعية والسياسية مساهمة فعّالة، للارتفاع بمستوى الدولة فى جميع المجالات التى يمكنها المشاركة فيها».

وشددت على أن المرأة فى الدول التى يدين شعبها بالإسلام، تتمتع بحقوق كفلها لها القرآن الكريم قبل أن تقرّها وتقننها القوانين الوضعية فى كل دولة من هذه الدول، لافتة إلى أن الإسلام جعل للمرأة دورًا مهمًا، لأنه كلَّفها برسالة، وجعل لها دورًا فعّالًا واضحًا داخل المجتمع، وليس فقط داخل أسرتها الصغيرة.

وأوضحت أن الله سبحانه وتعالى يأمر فى القرآن الكريم كلًّا من الرجل والمرأة بتأدية دورهما الاجتماعى، وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بين الناس جميعًا، ولم يخصّ المرأة بمجال محدود فقط فيما يختص بأمور النساء والأولاد، بل جعل المجال أمامها مفتوحًا مثلها مثل الرجل.

وأضافت: «الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، أكد مبدأ المساواة بين الناس جميعًا، ولم يفرّق بين البشر بسبب الدين أو الجنس البشرى، بل كفل لكلّ البشر المساواة طبقًا لحديثه الشريف: (الناس كأسنان المشط)، الذى يركز على المساواة بتشبيه الناس- أى الرجال والنساء- بأسنان المشط، التى وإن اختلفت فى الأطوال والسمك، إلا أنها كلها سواسية، تكمل بعضها بعضًا، ولها نفس الحقوق داخل المشط الذى يمثل المجتمع».

واعتبرت أن هذا «تأكيد للمساواة المطلقة بين البشر دون تفرقة، أو عنصرية، أو تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العرقية أو اللغة أو حتى الدين، طالما أن المصطلح المستخدم هو (الناس)، وليس تعبير المسلمين أو المؤمنين، ولكن الناس جميعًا، أى الرجال والنساء عامة».

فلسطين حاتم البكرى: الانتماء للوطن لا يعارض الانتماء للأمة 

قال الشيخ حاتم البكرى، وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينى، إن المواطنة هى ثقافة الانتماء للوطن، ولا تتعارض مع الانتماء للأمة، لذا يجب غرس تلك الثقافة فى الأبناء. 

وأضاف: «نحن أمة واحدة، ولا نعيش فى جزر منعزلة، والإسلام يدعو لبناء العلاقات وحفظ السلم والأمن بين أفراد المجتمع، وتكريس مبدأ الوطنية».

وشدد على ضرورة أن يكون الدعاة معاول بناء لا هدم، وألا يكونوا دعاة ثقافة عنصرية، فالإسلام يرفض أى نوع من الشقاق والخلاف، ويسعى للحفاظ على علاقات أبناء المجتمع الواحد، لبناء مجتمع إيجابى متكامل يبذل الخير للغير. 

وواصل: «كل من يحاول ممارسة ما يوقع الفتن فى المجتمع، فهو يناقض روح الشريعة الإسلامية، التى تبنى الانتماء الجماعى للفرد فى المجتمع الذى يعيش فيه». واعتبر أن المشاركة فى فعاليات المؤتمرات الدينية تنبع من أهمية العمل على صياغة خطاب دينى وسطى ومعتدل، يعبر عن رسالة الإسلام السمحة، ويعزز التواصل والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى لما فيه خير الإنسانية.

وعن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعمار قطاع عزة، قال وزير الأوقاف الفلسطينى إنه لا يستغرب هذا الموقف من مصر، لأن هذا هو موقفها الطبيعى الذى أدته تاريخيًا، وهو دور مقدر ومشكور، معربًا عن ثقته فى مصر ورئيسها، وثقته فى مواصلتها جهودها لوقف العدوان حقنًا لدماء الفلسطينيين.

الإمارات محمد البشارى: التعدد ثراء.. تناقض الهويات ليس حتميًا.. و«الإخوان» وراء شائعات «الديانة الإبراهيمية»

اعتبر الدكتور محمد البشارى، الأمين العام للمجلس العلمى للمجتمعات المسلمة فى دولة الإمارات العربية المتحدة، أن التعدد يتيح فرصًا لإثراء المجتمع، خاصة إذا وجد إدارة فعالة له.

وأضاف: «يمكن قبول التعدد ووجود دوائر للانتماءات المختلفة داخل الدائرة القومية، ما يعنى أنه يمكن أن تحل قيم التقبل والاحترام المتبادل محل قيم التعصب من جهة، ومحل نهج الموقف الأحادى الذى يفرض على الجميع من جهة أخرى».

وبَين أن الدولة كيان سياسى وقانونى وذو سلطة سيادية معترف بها فى رقعة جغرافية محددة وعلى مجموعة بشرية معينة، وهى ظاهرة حديثة برزت إلى الوجود بعد أن تجاوزت المجتمعات الغربية العصور الوسيطة، ودخلت العصور الحديثة بكل ما تبعتها من التحولات والتغييرات فى كل المجالات الحياتية.

ورأى أن علاقة الدولة الحديثة بالهوية تتجلى عن طريق إشكالية الهوية الوطنية، والهوية القومية، كأنماط وأشكال حديثة للهوية الجماعية فى المجتمعات الحديثة، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة الإشكالية مرت بصعوبات كثيرة ومختلفة على مرحلتين رئيستين، هما: مرحلة نشأة الدولة الحديثة وبلورة هويتها الوطنية وكل ماصاحبها من صعوبات وتحديات، والمرحلة المعاصرة ومايواجهها من تحديات تهدد هويتها الوطنية.

وشدد على أن التناقض بين الهويات ليس أمرًا حتميًا، فلا يمكن تخيل أن هناك شعبًا فى العالم يعيش فى حالة انتماء أحادى، ذلك أن تعدد دوائر الانتماء والهويات هو أمر إنسانى عام، ولو أنه يمكن أن تتغلب هوية ما على غيرها من الهويات فى ظرف معين.

وأوضح أن التعددية العرقية والثقافية ليست سببًا لفشل مشروع الدولة الوطنية الحديثة، بل إنه يعود بالدرجة الأساس لفشل المدارس البنيوية المتعاقبة على الحكم والمشتغلة فى ميادين السلطة والثقافة والاقتصاد.

وعما يسمى «الديانة الإبراهيمية»، قال «البشارى» إنه من المستحيل أن يرضى أتباع الديانات السماوية بتغيير دينهم أو صهره فى دين جديد، حتى لو كان ذلك هو «الديانة الإبراهيمية»، محذرًا من أن المزاعم بهذا الشأن هى من تأليف جماعة «الإخوان» الإرهابية، ومن ينحو نحوها.