رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزوجة المصرية.. محمية بالقلوب قبل القوانين

لا شك أن الاعتداء على الزوجة بالضرب أو أي شكل من الأشكال مرفوض ومستهجن، ولا يمكن أن تقبله أي فطرة سليمة بغض النظر عن إصرار البعض على لي عنق الفتاوى والنصوص الدينية لمنح الرجل هذا الحق، الذي لا يتسق مع سماحة الدين والأخلاق القويمة!

وفي المقابل، لا يجب تصدير سلوكيات البعض باعتبارها ظاهرة عامة تهدد تماسك المجتمع، وليس هناك حاجة لتبني مشاريع قوانين تستهدف حماية الزوجة على وجه الخصوص، كأنها مهددة في منزلها ووطنها، وكأن الزوج المصري تحول إلى بعبع يصّبح زوجته بعلقة ويمسّيها بأخرى، فكلنا أزواج في نهاية المطاف ويمكن أن نقيس الأمور على أنفسنا!

تعجبني حماسة نائباتنا في البرلمان، تحديدًا مجلس النواب، وقد اخترت استخدام كلمة "نائباتنا" للتأكيد على أنهن يجب أن يمثلن الجميع، رجالاً ونساء، أطفالاً وشيوخًا، وليس بنات جنسهن فقط، لأننا بهذه الطريقة نحول المجلس الموقر إلى ساحة فئوية يمثل كل نائب الفئة التي ينتمي إليها.

وأركز على هذه النقطة في ظل مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة أمل سلامة لتعديل المادة 242 من قانون العقوبات، بهدف تغليط بعض العقوبات المتعلقة بالاعتداء على الزوجة فقط دون غيرها من الفئات، ولي بعض الملاحظات في هذا الشأن..

بقدر تقديري للنائبة الموقرة، إلا أنه من الضروري الانتباه إلى أن القوانين تسن كقاعدة عامة مجردة، ولا يجوز تخصيصها لفئة بعينها، وقد نص قانون العقوبات على عقوبات للضرب تطبق على الجميع، ولا تفرق بين زوج أو زوجة أو غيرهما من الفئات.

مطالَبة النائبة بتطبيق الحبس الوجوبي التي تصل مدته من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات على الزوج الذي يعتدي على زوجته، من شأنها أن تغل يد القاضي عن استخدام سلطته التقديرية في النزول بالعقوبة في حدود ما رسمه القانون، وتغليب مصلحة الأسرة وإتاحة الفرصة لتسوية خلافاتهما بطريقة ودية بعيدًا عن المحاكم، خصوصًا إذا كان الزوج هو الذي يتولى الإنفاق على أسرته، فبحبسه تهدد الأسرة وتكون عرضة للتفكك.

وهذا لا يعني على الإطلاق التجاوز عن خطأه إذا اعتدى على زوجته، لكن على الأقل إتاحة المساحة الكافية للقاضي لمراعاة ظروف الأسرة.

أؤكد أن الاعتداء بأي حال من الأحوال مُجرَم في قانون العقوبات، وتتدرج العقوبات المتعلقة بهذا السلوك حسب الظرف والتبعات والأدوات المستخدمة، وليس هناك أي حاجة لقانون جديد يُفصل عقوبات استثنائية للزوج.

كما أرى أن البيانات والإحصاءات التي استندت إليها النائبة لتقديم التعديل مبالغ فيها إلى حد كبير، ولا أتخيل إطلاقًا أن تصل نسبة الاعتداء على الزوجات في بلادنا إلى 86%، فهذا يجردنا كرجال من الإنسانية والرحمة، وتقدير زوجاتنا، وهذا أمر لا يمكن تخيله، فالرجل المصري بغض النظر عن أي محاولة لتشويهه يدرك جيدًا أهمية دور زوجته في الأسرة، وقد تربينا جميعًا على هذه القيم!

لا داعي لتأجيج انقسام نوعي داخل النسيج المصري، فالمرأة في بلادنا هي عمود الخيمة، ورمز الكفاح والنضال، وبنت الأصول وست البيت ومحمية بالقلوب قبل القوانين.

  • محام بالنقض.. مستشار قانوني أول بدبي