رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المرأة العربية ناقصة الأهلية.. ما الحل؟

التحيز ضد المرأة ورؤيتها نصف إنسان أو شبه إنسان أصيل بكل أسف فى ثقافتنا العربية الإسلامية الموروثة، وهذا أمر مشهود يوميًا فى الحوادث المتواترة قديمًا وحديثًا، فالمرأة هدف للتحرش، ويلتذ الذكر الشرقى فاقد الإنسانية بإهانتها والنيل منها ومن جسدها، ولو على سبيل اللهو واللعب، فضلًا عن رغبته فى ما يسميه السوقة بالتعليم عليها؛ ليفرض سيطرته الذكورية المشوهة.

وليس ببعيد ما حدث من تنمر على المُدرسة لرقصها فى حفل عائلى تابع للنقابة التى هى من أعضائها، ولم يكن الرقص داخل محل عملها، أو بين تلاميذها، وكان تنمر المجتمع الذكورى عليها قميئًا، والمفارقة عدم ذكر أى من الرجال الخمسة الذين رقصوا معها، وغض الطرف عنهم، وتداولت أنباء بإيقافها عن العمل من وزارة التعليم، لكن سرعان ما صحح الوزير هذا الوضع المعيب، بإلغاء أى إجراء تعسفى ضدها، وهذا يبين أهمية دور السلطة فى مكافحة النظرة المتدنية للنساء والبنات التى لا ترى فيهن إلا أغراضًا جنسية وعورات، ينبغى حبسها لمتعة الذكر المشوه ثقافيًا.

ولو نظرنا لكَم التقييد ضد المرأة فى مجتمعنا، فى حركتها، وضحكتها، ولبسها، وكلامها، وطريقة جلوسها، لوجدناه يريد تنميط المرأة وتدجينها؛ لتقوم بوظيفتها كهدف جنسى يُملك لذكر معين يستمتع ويحرثها ليخرج منها أطفالًا، وتقوم بخدمته وكأنها جارية من جوارى العصور الوسطى.

والتمييز ضد المرأة ليس فى كل ما سبق فحسب، ولكن أيضًا فى حقها، فى العمل وكسب الرزق، فتتحكم الثقافة الذكورية فى هل يحق لها العمل، فنجد من الرجعيين من يقول: عمل المرأة حرام، وخروجها للشارع فتنة للذكور الجائعة الضالة.

ومن يقبل بعمل المرأة يريد أن يحدد ما تعمل، وما لا تعمل، بوضع مواصفات للمناسب للمرأة، ورفض بعض الوظائف، وكأن المرأة ناقصة، لا تعرف ما يناسبها، وما لا يناسبها، وكذلك تضع الذكورية المشوهة أوقاتًا ووظائف مشينة لعمل المرأة، وهو شأن شخصى جدًا لا يهم المجتمع بتاتًا، بل هو شأن المرأة وحدها، ومن يشاركها حياتها وتشاركه، فيتفقان على ما يناسبها جميعًا، وليس لرجال الدين أو غيرهم شأن فى ذلك الأمر.

إن مأساة المرأة العربية المكبلة بأغلال القيود والتخلف كثيرة، ولا انعتاق منها إلا بإرادة حقيقية، ونهضة شاملة، من طليعة واعية نسوية، وبحماية دولة واعية جديدة، تكمل مسيرة الحركة النسوية التى بدأت من نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، وإكمال ما قام به قاسم أمين ولطفى السيد وسلامة موسى وهدى شعراوى ودرية شفيق، وغيرهم كثير.

لا صلاح ولا تنمية بمجتمع نصفه عورة مكبلة بالأغلال، تعانى ثقافة موروثة قاسية متحيزة.