رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريبرتوار.. الماضى والحاضر فى «أهلًا يا بكوات»

مسرحية «أهلًا يا
مسرحية «أهلًا يا بكوات

 

فى هذا الركن سنسلط الضوء على مسرحيات بارزة فى تاريخ المسرح المصرى، وسنتناول أهم القضايا والأفكار التى تتشابك مع مشكلات المجتمع المصرى.

تم عرض مسرحية «أهلًا يا بكوات» لأول مرة عام ١٩٨٩ فى المسرح القومى، وتمت إعادة إنتاجها عام ٢٠٠٦ على نفس المسرح، من بطولة حسين فهمى وعزت العلايلى، وإخراج عصام السيد.

تفاعل الكاتب المسرحى لينين الرملى مع أحداث الثمانينيات، حيث سيطرت الجماعات التكفيرية على الفضائيات والنقابات والجامعات، وساعد ذلك على نشر التطرف والإرهاب والتفكير الخرافى فى المجتمع، وحدثت ردة إلى الماضى، على حد قول الكاتب فى افتتاحية المسرحية.

وتحكى المسرحية عن «الدكتور برهان»، حسين فهمى، وهو أستاذ فى العلوم ومتأثر بالثقافة الأوروبية على مستوى المظهر، والأثاث فى منزل «برهان» أوروبى الطابع، وعلى الحائط توجد لوحات سيريالية، ويسمع موسيقى أوروبية حديثة، ويُضمّن كلمات إنجليزية فى كلامه، يذهب إلى منزله صديقه «نادر»، عزت العلايلى، وهو الرسام والشاعر الذى يعانى من أزمة عاطفية، وأزمة فى العمل، نجد «نادر» مهمومًا بمستقبل مصر ومستقبل البشرية، يقرأ من كتاب عن التطورات العلمية والتكنولوجية فى بدايات القرن الواحد والعشرين، ويتساءل: «لما العالم فيه التقدم ده كله، بلدنا هتبقى فين منه؟!»، وهو يعبّر عن هموم جماعية عن مستقبل مصر فى العلوم والتكنولوجيا فى ظل جماعات تدعو إلى الكراهية والعنف والإرهاب والخرافات.

يحدث زلزال فى منزل الدكتور برهان، فتعود الشخصيتان إلى الماضى، وبالتحديد فى أواخر القرن الثامن عشر أثناء فترة حكم المماليك، وقبل الحملة الفرنسية، حيث يقابلان «مراد بك»، ولكن المماليك يقررون قتلهما، لكن «برهان» يفكر سريعًا فى حل لإنقاذهما، وهو أنهما سيخبرانهم عن المستقبل والعلوم الحديثة، فـ«برهان» يصنع لهم المطبعة والميكروفون والتليفون، ولكن يتم رفض كل هذه المخترعات باعتبارها بدعة، أما «نادر» فيحاول أن يحذرهم من جيش نابليون الذى سيأتى ويغزو البلد، لكنهم لم يصدقوه، فـ«نادر» هو «الزرقاء» فى التراث العربى، وكاساندرا فى الأساطير الإغريقية، فيقول النبوءة ولكن يتم اعتباره مجنونًا ولا يأخذون بكلامه.

يرمز الكاتب بالارتداد للماضى إلى أن المجتمع المصرى المعاصر يعيش فى الماضى، ويؤكد ذلك قول «نادر»: «أتحدث إليكم بلغة الغد وأنتم مشدودون للأمس، تعيشون يومًا بيوم، بل أنتم تجترون الماضى وتحيون عليه»، فنجد أن الدكتور برهان تماهى مع المماليك على مستوى المظهر والجوهر، وتطبّع بطباعهم، حتى مارس عاداتهم، فنجده تزوج من فتاة قاصر فى الثانية عشر من عمرها، ويقرر فتح شركة لتوظيف الأموال، وهنا تناصّ مقصود مع «الريان»، وإسقاط على شركات توظيف الأموال وسرقة أموال المصريين.

أما «نادر» فيقابل «آمنة»، لقاء سويدان، وهى جارية يحدثها عن قيم الحرية والحداثة والتفكير النقدى، والتحقق من المعلومات بالتجربة، وأن المجتمع ليس عبيدًا وأسيادًا، ولا فرق بين رجل وامرأة، الكاتب يقصد بـ«آمنة» وضع المرأة المصرية الحالية.

المسرحية تدور أحداثها فى الثمانينيات، لكننا نجد القضايا التى يناقشها لا تزال موجودة حتى الآن، فوضع المرأة المصرية لا يقل سوءًا عن وضع «آمنة» فى المسرحية، و«نادر» لا يخاطب المماليك، بل يخاطب الشعب، من يقرأ أو يشاهد المسرحية، يقول لهم لن تنهضوا إلا بتمزيق أكفان القرون الوسطى. 

الحوار النهائى فى المسرحية يعبر عن ازدواجية النظرة تجاه ما فعلته الحملة الفرنسية بمصر، فهى أفادت مصر بيد، وباليد الأخرى أذلّت وأهانت المصريين وهزمتهم شر هزيمة.