رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة شريف تكتب: لقاءات فى الشتاء

سارة شريف
سارة شريف

عندما لا تكون هناك دراما حقيقية لا يكون هناك اهتمام إعلامى.. فى النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين الدراما تكون مواجهات عسكرية وانتفاضات وعمليات قتل وفوضى هنا وهناك، هذه الدراما التى عرفناها لعقود، وبغياب العمليات لا تكون دراما.

اليوم لدينا دراما جديدة، هى دراما «اللقاءات»، لقاءات مباشرة بين مسئولين إسرائيليين وفلسطينيين، المشهد الذى كان مستبعدًا أو نادرًا لسنوات، أصبح يتكرر، يبدو أنهم جربوا فى السابق كل شىء، والآن هم على الأقل يدركون، والعالم أيضًا يدرك، أنه ربما تكون هناك فرصة، وأن ربما شعار «لا يوجد من نتحدث معه ولا يوجد ما نتحدث عنه» أصبح غير مناسب. اللقاءات أعطت انطباعات للبعض فى الساحة السياسية عن إمكانية حدوث انفراجة فى مسيرة السلام، أو على أقل تقدير تغيير فى جمود الوضع الراهن، وتركت العديد من الدلالات، وكانت تحمل رسائل.

علينا أن نكون واقعيين، ونفهم أن مسار التقدم، إذا كان يوجد أصلًا مسار للتقدم، سيكون فى الأساس بطيئًا جدًا، وسيكون مُكرسًا للحفاظ على الوضع الراهن.

اللقاءات التى تمت فى الشتاء البارد كانت دافئة؛ التقى وزير الخارجية الإسرائيلى ورئيس الحكومة البديل يائير لابيد، فى أوائل يناير الجارى، مع رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج، حيث بحث الثنائى ملفات أمنية واقتصادية، ولم يتطرقا إلى القضايا السياسية، وهناك من فسّر الاجتماع بأنه دليل إضافى على دفء العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

«لابيد» اعترف بأنه التقى مسئولين فلسطينيين رفيعى المستوى عدة مرات، وأفادت مصادر فلسطينية بأن هناك المزيد من اللقاءات بين كبار المسئولين من الجانبين ستعقد الأسابيع المقبلة.

وقبل «لابيد»، التقى وزير الدفاع الإسرائيلى بنى جانتس، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فى منزل الأول فى «روش هعاين» فى أواخر ديسمبر الماضى.. الاجتماع كان فى إطار التعاون الأمنى والاقتصادى وليس السياسى بين الجانبين.

لابيد وجانتس كانا واضحين فيما يخص الاجتماعات، قال الأول إنه لا ينوى الدخول فى أى مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية لدى تسلُّمه رئاسة الحكومة، و«جانتس» كانت تصريحاته ليست بعيدة عن ذلك أيضًا.

لماذا علينا أن نكون متفائلين؟

الإسرائيليون يعرفون والفلسطينيون، أيضًا، أنهم لن يذهبوا إلى مكان غدًا صباحًا، ولكن الاجتماعات يمكن فهمها بأنها خطوة أولى فى بناء ثقة متبادلة، والحفاظ على المصالح المشتركة لكلا الجانبين، المشهد هكذا أيضًا يبعث على التفاؤل، ومن الممكن أن تُبنى عليه خطوات أكثر تطورًا، من الممكن أن تكون برعاية الوسيط الدائم «مصر».

لماذا علينا ألا نكون متفائلين بدرجة كبيرة؟

لأنه حتى الآن الاجتماعات فى سياق الملفات الأمنية والاقتصادية، والحكومة الإسرائيلية «المعقدة فى تركيبها» من الصعب عليها اتخاذ خطوات جدية فى مسيرة السلام نحو الفلسطينيين؛ لأن ذلك يهدد بقاء الائتلاف، ومن ناحية الفلسطينيين فإن المصالحة لا تزال بعيدة عن الحسم، وثمة فجوات لا تزال هناك بين الفصائل الفلسطينية، ومن الصعب عليهم اتخاذ قرار.

لماذا إذن اللقاءات؟

اللقاءات يمكن قراءتها بأنها بمثابة تغيير نسبى فى السياسة الإسرائيلية، وعودة لتقوية السلطة الفلسطينية، والحرص على بقائها بعد فترة كانت إسرائيل تعمد فيها لإضعاف السلطة والضغط عليها.

ويمكن قراءتها، أيضًا، بأنها استجابة إسرائيلية لمطالب الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى طلب من «بينيت» عرض رزمة تسهيلات مدنية للسلطة الفلسطينية، فى الوقت الذى تستهدف فيه حكومة «بينيت» تطوير وتقوية العلاقات مع إدارة بايدن و«الديمقراطيين».. وبالنسبة للسلطة تمنحها أفضلية أمام حركة حماس.