رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بلا قيود».. تفاصيل حوار رئيس الوزراء مع BBC

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن هناك اهتماما كبيرا بالشباب على مستوى الدولة المصرية، وهو ما انعكس في دخول جيل جديد من صغار السن في الكادر الحكومي، خاصة في المناصب القيادية، مضيفا: “عندما دخلت الحكومة كنت في النصف الثاني من الأربعينيات من عمري، ومعي الكثير من زملائي في الفئة العمرية نفسها، وهو شىء غير معتاد في مصر على الإطلاق، والحمد لله هذا النهج مازال مستمرا”.

وأضاف مدبولي خلال مقابلة تليفزيونية في برنامج بلا قيود المذاع على فضائية BBC عربي، أن الشباب المصري أصبح لديه وعي ورغبة في المشاركة في العمل العام، متابعا: “أنا بعتبرها خطوة جيدة كبداية في موضوع المشاركة السياسية الحقيقية”، لافتا إلى أنه في الفترة الأخيرة بدأت نسب مشاركة الشباب السياسية تزيد عن معدلاتها في حقب سابقة من عمر الدولة المصرية.

وأكد مدبولي أن المواطن العادي أصبح يشعر باختلاف كبير من خلال الحجم الهائل من الخدمات والذي أصبح متواجدا على الأرض، مشيرا إلى أنه كان يشكو من نقص العديد من الخدمات لكن الأمر الآن تحسن كثيرا، موضحا أنه تم تنفيذ نحو 300 ألف وحدة سكنية لفئات كانت مهمشة تماما على مستوى الحياة.

وحول الإسكان الاجتماعي، أوضح أن الإسكان الاجتماعي الذي تطرحه الدولة يكون بأسعار مدعمة بصورة كبيرة جدا، لافتا إلى أن الشقة تتكلف على الدولة نحو 500 ألف جنيه، وأخر عرض لهذه الوحدات كان 300 ألف جنيه وتسدد على 25 سنة، وبالتالي المقدم يكون بسيط جدا مقارنة بثمن الشقة.

أما بالنسبة لتطوير المناطق غير الآمنة، أكد أن هذا البرنامج يعد الأهم بالنسبة لي كخبير تخطيط، موضحا أن هذا المشروع لم يتم تنفيذه في أي دولة على مستوى العالم.

وتابع: “نقدم شقة بدون مقابل ومجهزة بالكامل للأسر، وكل ما يتم دفعه هو 300 إيجار يمثل فقط صيانة هذه الوحدة، وهذه الوحدة تتكلف على الدولة 600 ألف جنيه”.

الدولة المصرية أين كانت واليوم هي أين؟

وأوضح رئيس الوزراء أننا “تجاوزنا نسبة بطالة 13% في 2011 و2012، وكان وصل التضخم مع الوضع الاقتصادي وقتها لـ 30 و33 %، وعندما وضعنا خطة الإصلاح الاقتصادي الذي أجبرتنا عليه الأوضاع والظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد، بلغ حجم التضخم العام الماضي 4.2 لـ 4.3%، وهي أرقام لم نصل إليها ابدا من قبل، واليوم نتكلم على النصف الاول من العام الجاري متوسط 6 لـ 6.5%، ولعلمك هذا الرقم مدفوع بمستوى موجة التضخم العالمي، الذي يعيشه العالم كله، وعلى العكس ايضا يمكن ان نقول ان ما حدث في مصر يعد أقل من دول أخرى وهى دول متقدمة عنا”.

مدبولي: نعي تماما حجم التحديات والمشاكل المتراكمة في مصر

وأكد أن الحكومة لا تعتمد على الأرقام سالف الذكر فقط، بل متواجدة بشكل كامل في الشارع، قائلا: “وأنا حريص على أن يكون هناك زيارات ميدانية طول الوقت ونقابل الناس، والرئيس عبدالفتاح السيسي ينزل بنفسه تقريبا كل اسبوع، يجري جولات ويقابل الناس ويستمع اليهم ، حتى نعلم جميعا حجم معاناة الناس ومشاكلهم حتى نتمكن من التعامل معها، ونحن كحكومة واجب علينا ان نكون على علم بطبيعة وحقيقة الأمور، ولسنا غرباء عن الشعب.. نحن قادمين من بين الشعب، وبالتالي نحن كحكومة نعي تماما حجم التحديات والمشاكل المتراكمة في مصر، ولكن الاهم ان نكون مدركين ومعترفين حتى نتحرك للإصلاح وهذا هو ما يعطي الأمل للمواطنين في الشارع، وهذا الكلام لا يعني ان الوضع حاليا مثالي، بالطبع لا”.

خطة التعامل مع الدين العام

وأشار خلال حواره إلى أن حجم الدين العام مقارنة بالناتج المحلي حاليا يقدر بـ 91%، وعندما بدأنا من 4 سنوات كان 108%، بعدها بدأ يأخذ المسار التنازلي وفي أصعب أوقات كورونا كنا وصلنا لـ 87%، ولولا كورونا كنا سنصل لـ 83%، ومع أزمة كورونا التي اثرت على العالم كله وصل هذا الرقم لـ 91%، متابعا: “خطتنا أن نأخذه في الثلاث سنوات المقبلة الي المسار التنازلي مرة أخرى، بالتنسيق مع كل المؤسسات الدولية على رأسهم صندوق النقد الدولي”.

واستكمل: “نحن كمجموعة اقتصادية في الحكومة نعرف جيدا حجم هذا التحدي وكيف سنتعامل معه، لأنه من المهم جدا أن نحتفظ بأرقامنا والثقة التي اكتسبناها، وأي دولة ينمو اقتصادها في البداية تكون مصادر التمويل أكثر من شق وجزء منها من خلال الاستدانة سواء خارجية او داخلية حتى يكون يقوى الاقتصاد ويكون قادرا على رد هذه المبالغ، وكل النمور الاسيوية بدأت بهذا الشكل”.

وأضاف: “أكبر الاقتصاديات على مستوى العالم حاليا مستدينة، مثل الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الأخرى سنجد حجم الدين فيها كبير جدا، ولكن ما يهمني ليس رقم الدين كرقم، يهمني كم نسبته من الاقتصاد ومن الناتج المحلي، وبالنسبة للدين الخارجي في مصر ما زلنا في الحدود الامنة، فإنه يمثل 32% من الناتج المحلي الاجمالي وأقل، وبالتالي حتى هذه الأرقام نحن مستهدفين خلال الثلاث سنوات المقبلة بالرغم من التحديات الهائلة التي مرت بها مصر السنوات الماضية، لكن اعيننا دايما على مستهدفاتنا وكيف سنحقق مسار النمو الاقتصادي وبنسب لا تقل عن 5.5 لـ 6 لـ 7% في الثلاث سنوات المقبلة، وفي نفس الوقت ضبط عملية الدين سواء كان داخلي او خارجي”.

الاقتصاد المصري معتمد على القطاع الخاص

أما عن حجم تمثيل المؤسسات التابعة للقوات المسلحة في الاقتصاد المصري، أكد رئيس الوزراء أنها لن تمثل شئ بالنسبة له فهي أقل من 1%، مشيرا إلى أنه دائما كان اعتماد الاقتصاد المصري وسيظل معتمدا على القطاع الخاص.

كما أكد أهمية مراعاة الفترة الاستثنائية التي مرت بها الدولة وخروجها من ثورتين، قائلًا إن أغلب القطاعات التي دخلت فيها الدولة لم يكن القطاع الخاص متواجدًا فيها، وبعضه كان متواجدًا بنسبة قليلة لا تكفي احتياجات الاقتصاد ما كان يجعلنا نستورد بكميات هائلة وعملة صعبة؛ لأن القطاع الخاص لم يكن يغطي أكثر من 15% من تلك القطاعات.

الشراكة مع القطاع الخاص

ونوه مدبولي بأن الرئيس السيسي أعلن صراحة أننا سنطرح الشركات الاقتصادية في البورصة المصرية للشراكة مع القطاع الخاص، لافتا إلى أن الشركات التي تعمل في قطاعات اقتصادية مدنية يتم هيكلتها حتى تكون جاهزة للطرح في البورصة، تماما مثل شركات قطاع الأعمال العام المملوكة الحكومة والتي بدأنا طرحها هي الأخرى، الشئ نفسه نستهدفه العام المقبل لشركات كثيرة من بينها الشركات التابعة للقوات المسلحة التي تعمل في القطاع المدني.

العلاقة المصرية الأمريكية
أما عن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، أكد مدبولي أنها شراكة استيراتيجية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، تحديدا منذ توقيع معاهدة السلام بين مصر واسرائيل، وعلى اختلاف الادارات في الدولتين استمرت هذه الشراكة من منطلق ايمان الدولتين بمدى الحرص على استقرار وتقوية هذه العلاقات، ومثل اي دولتين في العالم تمر هذه العلاقات بمراحل تقارب او فتور طبقا لرؤي بعض الادارات.
وقال إنه ليس هناك فتور بين مصر والولايات المتحدة الامريكية حاليا، بل على العكس مصر كانت على علاقة افضل مع الادارة السابقة، ومع الادارة الحالية لأول مرة تم عمل الحوار الاستيراتيجي بين البلدين في نوفمبر الماضي وهو امر لم يحدث مع الادارة السابقة.
وأشار إلى أن التقرير الذي خرج من الحوار الاستيراتيجي بين المصريين والامريكان اغلبه ان لم يكن كله، كان يتحدث عن نقاط ايجابية في التعامل وتفهم الحكومة على القضايا المشتركة في هذا الموضوع ، ودعينى نتكلم من منطلق كيف يري الغرب مسألة حقوق الانسان في الدول النامية والشرق كله وليس في مصر فقط على الاخص، لا بد أن نعي أن ظروف هذه الدول تختلف من دولة لاخرى، وبالتالي عندما ننظر لقضية حقوق الانسان ننظر لها بشكل متكامل، فهي حقوق اجتماعية واقتصادية وسياسية.
مدبولي: إعلامنا ليس صوتا واحدا
وبالنسبة لحرية الصحافة والتعبير عن الرأي، قال مدبولي إن ظروف كل دولة تختلف عن الاخرى وبالتالي لا يمكن تطبيق المعايير نفسها التي يتم تطبيقها في العالم المتقدم بطرق معينة على كل الدول الاخرى، دائما هناك ظروف مختلفة، مشيرا إلى أن المشكلة الحقيقية أن الصورة تكون غير مكتملة، بالإضافة إلى ان هذه المؤسسات تستقي معلوماتها وتقاريرها من حالات فردية من الممكن أن  تكون موجودة ولكن لا يمكن القياس عليها بالوضع العام الموجود في الدولة المصرية .

وتابع: "هناك نوع من التنوع في الاعلام المصري بالتأكيد وليس صوتا واحدا، ودعينا نوضح ان التليفزيون لم يعد المنصة الوحيدة، هناك العديد من المنصات حاليا، وهناك نقد يومي نتلقاه، وهو موجود بصفة عامة ويناقش بشدة ، وهناك مساحات مفتوحة للمناقشة واذا كنتي تقولين بأنها غير كافية، هناك كثير من الدول في الشرق الاوسط ليس بها هذه المساحات" .

وأكد أن الدولة تحاول بقدر الامكان صنع حالة من التوازن، وهناك حاليا الكثير من المنصات الاعلامية كلها موجهة ضد الدولة المصرية، وهنا نحاول ان نخلق حالة التوازن لنشرح الوضع الحقيقي من خلال بعض المنصات التي تشرف عليها الدولة او تملكها، وفي نفس الوقت مساحة المنصات الاخرى موجودة ومفتوحة والمواطن يرى الاثنين وفي النهاية المواطن لديه القدرة على التمييز.

وبشأن أزمة سد النهضة وعقد رئيس الوزراء الإثيوبي اجتماعا لحكومته من أمام السد، قال مدبولي: "إننا كمصر منذ البداية، نؤكد على الالتفاف حول دول حوض النيل، وكنا حريصين وأعلنا في أوقات سابقة وأبلغنا الجانب الاثيوبي اننا حريصين ولدينا رغبة ان نتشارك في هذه السد، والشئ المهم جدا هو ان هذه النوعية من المشروعات هو أن لا تضر أو أن لا تسبب الضرر بمصر في حقوقها المائية في نهر النيل".

وأكد: "نتابع بحرص شديد جدا ما يجري في سد النهضة الاثيوبي، من خلال كل الوسائل الممكنة الدبلوماسية والسياسية، وكيف نتعامل مع هذا الموضوع، وكل ما ننادي به حتى هذه اللحظة ان نصل سويا كمصر واثيوبيا والسودان لنقطة توافق باتفاق قانوني ملزم ينظم التنمية وحقوق هذه الدول في حقها في التنمية والاستفادة من النهر".