رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مُنتدى الشباب ... مبتدا مُجابهة الصعاب

منذ بضع سنوات، وتحديدًا عام 2018م، أعددت بحثًا عن مشاكل الشباب تحت عنوان "الشباب المصري وتحديات الواقع الراهن– ثقافيًا– اجتماعيًا– اقتصاديًا"، وقد تحدثت فيه عن العلاقة بين الزيادة السكانية ومشكلات الشباب، مثل البطالة والإدمان، وتأثير ذلك على التنمية الاقتصادية، وعلى الاستهلاك، وعلى الدخل، والادخار، والإنفاق القومي، وبالتبعية على مُتغيرات سوق العمل، مما يؤثر قطعًا على فرص العمل بالنسبة للشباب.

وأثناء إعدادي لهذا البحث كنت أستشعر أن تلك المشاكل بدون حل، أو على الأقل تحتاج إلى فترة كبيرة لبحثها ودراستها، وبداية التفكير في وضع خطة محددة لحلها.

ولكن فكرة مُنتدى شباب العالم التي أصبحت محفلاً سنويًا ينتظره الشباب المصري، بل وينتظره شباب العالم، وينتظره كافة طوائف المجتمع، أشعلت الأمل في قلبي، وفي قلوب كل المصريين بأن الشباب موضع اهتمام الدولة والقيادة السياسية، بل إنهم في بُؤرة اهتماماتها، وتم تسليط الضوء على مشاكلهم، وأخذها على محمل الجدية. فذلك المنتدى أصبح حدثًا سنويًا يُعقد في مصر بهدف الجمع بين الشباب من جميع أنحاء العالم، ويُعقد في شرم الشيخ تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية (عبدالفتاح السيسي)، وبداية إطلاقه كانت في عام 2017م، تحت شعار (الابتكار، التقدم)، وقد تحول إلى منصة للحوار المباشر بين الدولة المصرية ومُؤسساتها المُختلفة والشباب المصري.

ولقد أطلقت مصر النسخة الأولى في ذلك المنتدى، لتكون منصة عالمية تهدف إلى الجمع بين الشباب الاستباقي في المجالات من مختلف الجنسيات، والخلفيات لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا والموضوعات التي تهم العالم بأكمله.

والجدير بالذكر أن هذا المنتدى يوفر فرصة للأجيال الشابة لتبادل رُؤيتهم، والتعبير عن أفكارهم، من أجل تعزيز الحوار المفتوح بين الثقافات والحضارات المُختلفة، وإرساله رسالة السلام والوحدة والتقدم إلى العالم بأسره.

ونحن في هذه الأيام نحتفل بالنسخة الرابعة من هذا المُنتدى بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، وتنطلق جميع موضوعات أجندة النسخة الرابعة من المحاور الأساسية للمنتدى وهو السلام، الإصلاح، والتنمية، واللافت للنظر أن تلك الأجندة تطرح أهم القضايا على الإطلاق، وهي مستقبل الطافة، واستمرار الأمن المائي والسلم، والأمن العالمي، وإعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع، والتحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، كما يعقد كذلك نموذج مُحاكاة الأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان. وعليه فقد تحول هذا المنتدى من فكرة شبابية إلى منصة حوار دولية، باعتراف وإشادة الأمم المتحدة، كما أن هذا المنتدى يتسق مع رؤية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في محوريها، الأول المُتعلق بـ"الحقوق البيئية والسياسية"، لاسيما فيما يتعلق بحُرية التعبير، فالشباب المصري أصبح يتمتع بمناخ صحي بالنسبة لحُقوق الإنسان، على كافة الأصعدة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو يأتي في ضوء خطة مصر 2030م، والتي تستهدف تحقيق التنمية الشاملة المُستدامة.

فالشباب هم أمل الدولة، فهم جيل المستقبل الذي على يديه ستتحقق كل آمال وأحلام وطموحات الشعب والدولة، لذا فمشكلاتهم لابد وأن تكون هي المحور الذي ترتكز عليه حل المشكلات الأخرى، والحقيقة أن أول درس لابد أن يُدركه الشباب جيدًا هو الحوار الديمقراطي المبني على أسس وقيم ثابتة وراسخة، فهذا هو الذي سيكُوّن فكر ووجدان الشباب، ويخلق لديهم قريحة فكرية وثقافية ثابتة، تُؤهلهم لإدارة أفكارهم وعُقولهم ومن ثم إدارة مُؤسسات الدولة في المستقبل.

فذلك المُنتدى جعلنا نكتشف مواهب في شبابنا لم تكن واضحة من قبل، كما أنه أشعل الحماس بداخلهم لكي يُبرزوا إمكاناتهم وأفكارهم، وإعلانها للعالم بأسره، كما أنه خلق روح المنافسة القوية، والشريفة بين شباب العالم، ودفعهم لإخراج طاقتهم الإيجابية، وأهم ميزة من وجهة نظري في ذلك المُنتدى هو نجاحه في إخراج الشباب من بوتقة العالم الافتراضي والسوشيال ميديا إلى عالم حقيقي وواقعي يتفاعل مع كل طوائف المُجتمع من كل دول العالم، ويتأثر بمشاكله، ويطرح الحلول لها.

فحقًا، مُنتدى شباب العالم هو طريق مبتدا الشباب المصري لمُجابهة الصعاب.