رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بابا مات!


جملة مكنتش اتخيل إني ممكن اقولها، أه الموت علينا حق ومؤمنين والناس بتموت حوالينا وبنروح ندفن ونعزي ... بس بابا؟
اه ممكن كنُا متخيلين بس مش دلوقتي، بعد عمر طويل ولما نكون كبرنا
طب احنا مكبرناش؟ 
الحقيقة المؤلمة أن الواحد مش هيحس إنه كبر إلا لما أبوه يموت
يبقي مسئول وبيشتغل وعنده بيت وأسرة، لكن فاكر نفسه لسه صغير طول ما أبوه عايش وبيسأل عليه وكل شوية يكلمه يسأل علي حاجة .. أي حاجة، ويروح علي الأقل مرة في الأسبوع بولاده ويشوف فرحتهم بيه وفرحته بيهم
وتشوف ازاي الكلام اللي بتحاول تعمل كل حاجة عشان تعلمهالهم وبتقوله وتعيده مليون مرة ولا الهوا .. ويجي جدهم بطريقة سهلة وجميلة يسمعوا كلامه وهما منبهرين بيه وبيحاولوا يقلدوه.

لما يتعب بتخاف عليه وتجري عليه وتساعده في علاجه بس في حاجة جواك دايما بتقول هيقوم منها ده بطل ماهو ياما قام من كل التعب اللي عدى عليه.

دايما بتشوف الأب أقوى من كل حاجة في الدنيا.. هو ضهرك وسندك وقدوتك في الدنيا.. هو بطلك الوحيد اللي بتخاف منه وبتخاف عليه وبتتحامى فيه من الدنيا كلها.

بتروحله بولادك وكأنك طفل زيك زيهم معاه، لو جابلهم هدية ولا حاجة حلوة بتقف جمبهم مستني منابك.

وكل شوية تكلمه أو تروحله وتقوله بابا أنا عايز .. وتقريبا هو الوحيد اللي بتقدر تطلب منه وتقوله أنا عايز

لحد ما تسمع جملة "البقاء لله" أبوك مات .. شد حيلك.

تلاقي الدنيا فجأة اتهدت وأسودت وتحس إنك وحيد وضعيف ملكش ضهر ولا سند، وأنت أول حاجة بتفكر فيها أنك عايز تكلمه تسأله أعمل ايه يا بابا؟ اتصرف إزاي في الموقف ده.

يا بابا رد عليا لو سمحت بيقولولي أبوك مات، المفروض أعمل ايه؟

أنت اللي كنت واقف جمبي في كل المواقف في حياتي، ازاي تسيبني في موقف زي ده؟

وتكتشف إنك ملكش حد في الدنيا بعده، واللي كان بيكلمك عشان تيجي تحضر معاه عزا فلان.. تروح العزا تلاقي مكتوب إنه ده عزا أبوك وأنت اللي بتاخد عزاه.

يابابا كل ده أنا مش قده، قوم وكلمني، وقولي إن كل ده هزار ومش حقيقي.

طب لو مزعلاك في حاجة سامحني ومش هعمل كده تاني بس قوم وتعالي ناخد العزا سوا أنا حتي مش عارفة المفروض أرد أقول ايه لما يقولولي "البقاء لله.. شدي حيلك"، كلمني قولي

شريط حياتك كله بيمشي قدامك وذكريات كتير مكنتش متخيل إنك تكون لسه فاكرها من وأنت طفل من كتر ما أنت كنت متخيل إنك لسه صغير أصلاً.

صوت مفاتيحه لما بيبقي راجع من برة أو رنة الجرس المميزة بتاعته، والبيت كله يطلع يجري عليه، وفرحة بابا جه بابا جه وتشوف بشغف هو جايب ايه معاه كل مرة.

لما تعمل مصيبة في البيت وبتجري من انهيار مامتك، وتستخبي في ضهر باباك ومن غير مايعرف عملت ايه يقولها خلاص سيبيها أنا هتصرف، ولما يطمن إنها مشيت يقولك عملتي ايه؟ تحكيله فيقولك بحنية ينفع كده؟ متعمليش كده تاني وياخدك قدام مامتك يقولها أنا ضربتها خلاص، وهتتأسفلك اهي فتحسي بالأمان.

فرحتك وهو موصلك لصحابك في المدرسة أو الجامعة أو النادي أو جاي ياخدك.

كل ذكري في كل خروجة أو كل لمة علي الأكل، وجوده وتعامله مع كل مشاكلك،

دفاعه عنك قدام الدنيا كلها.. سؤاله عنك كل يوم حتي لما كبرت واتجوزت صحيتوا؟ اكلتوا؟ نزلتوا؟ روحتوا؟

كل مرة تبقى شايل هم حاجة وهو من نبرة صوتك بس يعرف إنك مهموم فيسألك مالك ويحلهالك ويشيل من عليك زي كل مرة.

مواقف وذكريات وأحاسيس كتير عمالة تعدي عليك وأنت مش قادر تسمع ولا تشوف اللي أنت فيه وحاسس إن ضهرك اتقطم

معقول كل ده خلاص؟ مفيش تاني؟ انتقلت الي رحمة الله من غيري؟ ده كل مرة كنت بتيجي تنزل كنت اجري وأقولك ممكن أجي معاك وأنا بتنطط عليك تقولي طب روحي البسي بسرعة، ليه المرة دي نزلت لوحدك؟

كل مراحل الحياة حاجة واللي جاي من غيرك حاجة تانية خالص

أنا كده كبرت ومبقتش صغيرة زي ما كنت حاسة وأنت عايش
كده شيلت مسئولية بجد مش زي ما كنت بقف قدامك وأقولك أنا كبرت خلاص يابابا، وبعرف اشيل مسئولية أنا كنت بكدب عليك انا مكبرتش ولا حاجة.

أنا كنت ضامنة وجودك أوي، وكنت فاكرة أن كل الناس هتمشي إلا أنت!

أنا معرفش أعمل حاجة من غيرك، كل حاجة أنا فيها دلوقتي بفضلك وبسببك، أنت شقيت وربيت وتعبت عشان تسعدنا فيارب يرحمك أضعاف اضعاف كل تعبك ومجهودك.

نفسي يرجع بيا الزمن وانا مزعلكش ابدا ولا اضيع اي يوم بعيد عنك واترمي في حضنك اكتر يمكن اقدر اشبع منه، لو كنت اعرف انك ماشي كنت اعتذرتلك وبوست ايديك ورجلك واقولك قد ايه انا بحبك .. ازاي انا معملتش ده كتير ازاي مصورتش ومسجلتش كل ذكرى بينا

انا بحبك اوي يابابا حقيقي بحبك