رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«واشنطن بوست»: «أوميكرون» قد يكون أسوأ تحدٍ للصحة العامة

أوميكرون
أوميكرون

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه مع دخول العام الثالث من وباء كورونا يشهد العالم حالة من الارتباك، إذ تجاوزت الولايات المتحدة بقدر كبير عدد الإصابات اليومية بفيروس كوفيد- 19 مقارنة بالذروة السابقة في الشتاء الماضي، مع تسجيل مليون إصابة جديدة خلال 24 ساعة، ومع ذلك لا تزال العديد من الشركات مفتوحة والملاعب مكتظة ويعود الأطفال إلى المدرسة، بينما تعلن عناوين الأخبار أن عدوى «أوميكرون» تبدو أكثر اعتدالا من المتغيرات السابقة ومع ذلك قد يكون هذا أسوأ تحدٍ للصحة العامة في حياتنا.

ورصدت الصحيفة في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، كيفية التوفيق بين التناقضات الواضحة لما نعيشه حاليا: إذ يعد الخطر على الأفراد منخفضا في حين أن الخطر على المجتمع مرتفع، ولن تنجح الحلول السياسية التي تتطلب تضحيات فردية كبيرة ولكننا بحاجة- بدلا من ذلك- إلى الاعتراف بحالة الضجر الحقيقي التي يعاني منها الشعب والتوصل إلى استراتيجيات عملية تحافظ على أداء المجتمع.

- أعراضه أقل حدة مقارنة بالمتحورات السابقة

وذكرت الصحيفة أن الأبحاث تشير بشكل متزايد إلى أن «أوميكرون» يسبب مرضا وأعراضا أقل حدة مقارنة بالمتحورات السابقة، بالإضافة إلى ذلك يبدو أن التطعيم، خاصة مع الجرعة المعززة، يحمي بشكل كبير من الاستشفاء والوفاة.
ويشير ما وصفته الصحيفة بتسونامي انتقال الفيروس إلى أن العديد من الأشخاص الذين تم تطعيمهم سيكون لديهم انفراجة فيما يتعلق بالعدوى، لكن الغالبية العظمى سيكون لديهم أعراض تتراوح ما بين نزلة برد معتدلة والإنفلونزا.

ونتيجة لذلك، فإنه من غير المعقول مطالبة الأشخاص الذين تم تحصينهم بالامتناع عن الأنشطة السابقة ما قبل الوباء، فالمخاطر الفردية التي يتعرضون لها منخفضة، وهناك ثمن باهظ لإبقاء الطلاب خارج المدرسة، وإغلاق المطاعم ومحلات البيع بالتجزئة ووقف السفر والتجارة.

وأضافت الصحيفة أنه في الوقت نفسه تشكل ديناميكيات الفيروس الخارجة عن السيطرة تهديدات وجودية للمجتمع، حيث كان واحدا من كل ستة من ضباط الشرطة في مدينة نيويورك مصابا بأعراض أو تم تشخيص إصابته بـ كوفيد-19 الأسبوع الماضي، وتم إلغاء آلاف الرحلات الجوية لأسباب منها عدم كفاية عدد العاملين في الحجر الصحي، كما أن الوضع الذي تواجهه المستشفيات مريع بشكل خاص، إذ تحولت ستة مستشفيات على الأقل في ولاية ماريلاند إلى معايير الرعاية الصحية خلال الأزمات، مشيرة إلى نضوب الموارد المتاحة، وطلبت ولاية نيويورك من 32 مستشفى تأجيل العمليات الجراحية الاختيارية المجدولة.

- خيارات أمريكا للتعامل مع زيادة الإصابات بسبب أوميكرون


ورأت الصحيفة أنه لدى الولايات المتحدة ثلاثة خيارات للتعامل مع هذه الزيادة، أولا: إعادة فرض عمليات الإغلاق، في حين أن بعض الدول الأوروبية والآسيوية قد اختارت هذا المسار، مشيرة إلى أنه غير مناسب هنا، فحتى لو تمكنت عمليات الإغلاق من السيطرة بسرعة أكبر على أوميكرون فلا توجد شهية سياسية أو دعم عام لهذا المستوى من التضحية الجماعية.
وثانيا: يمكننا ترك أوميكرون يأخذ مجراه وهناك مدرسة فكرية مفادها أن الأوميكرون معدٍ لدرجة أنه سيصيب الجميع تقريبا على أي حال، ومن الأفضل الإصابة بهذا المتغير وتطوير مناعة إضافية بدلا من محاولة إيقافه، ويمكننا التعامل مع أوميكرون كما نفعل مع نزلات البرد، فنحن لا نعزل الأشخاص المصابين بنزلات البرد، والتخلص من العزلة والحجر الصحي من شأنه أن يخفف النقص في الموظفين ويحافظ على استمرار الاقتصاد، ومع ذلك فإن هذا المسار من الانتشار غير المنضبط سيدفع بالتأكيد العديد من المستشفيات صوب حافة الهاوية، ويمكن أن يموت المرضى لأنهم لا يستطيعون الحصول على الرعاية في الوقت المناسب.

 وتابعت الصحيفة: هناك مسار ثالث يهدف إلى إنقاذ مستشفياتنا مع تقليل الاضطراب في نفس الوقت، فلا نحتاج إلى مطالبة الناس بالبقاء في المنزل ولكن يتعين أن نطلب منهم ارتداء أقنعة عالية الجودة في جميع الأماكن العامة والمغلقة، كما لا نحتاج إلى إلغاء التجمعات ولكن يتعين أن نفرض إثبات التطعيم- والجرعات المعززة- لجميع المطاعم المغلقة وصالات الألعاب الرياضية، ودور السينما والأحداث الرياضية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في غضون ذلك، يتعين علينا بذل المزيد لحماية الفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك ضمان الجرعات المعززة لجميع المقيمين في دور رعاية المسنين والعاملين فيها، وتكثيف إنتاج الأجسام المضادة وحيدة النسيلة الوقائية للمرضى الذين يعانون من نقص المناعة وتسريع الموافقة على اللقاح للأطفال دون سن الخامسة.

وأوضحت أنه يتعين أن تكون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الصدارة وتقول إنها تتخذ هذه الإجراءات بدافع ضرورتها، وهذه ليست أكثر الطرق فاعلية من الناحية العلمية أو أكثر الطرق فاعلية للحد من مرض كوفيد- 19، لكنها المسار الأوسط العملي الذي يوازن بين ما يمكن أن يتحمله الأمريكيون وما نحتاج إلى القيام به لتجنب انهيار نظام الرعاية الصحية لدينا.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول إن هذا هو واقعنا الجديد في المستقبل، ويمكن أن تكون هناك ارتفاعات كبيرة في المتحورات الجديدة كل عام، أو حتى كل بضعة أشهر، وما دامت اللقاحات مستمرة في توفير الحماية من الأمراض الشديدة والمخاطر التي يتعرض لها معظم الأفراد تبقى منخفضة، يتعين أن يتحول نهجنا من منع العدوى إلى وقف الدمار المجتمعي.