رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرام عليكم .. مش أنا!

في هذه المساحة وقبل نحو ثلاثة أسابيع فقط، حذرت في مقال تحت عنوان "جريمة مدمرة.. خطر يهدد أبنائنا" من تبعات الابتزاز الإلكتروني، وأعتقد أن فاجعة انتحار الفتاة البريئة بسنت ابنة محافظة الغربية بسبب تعرضها للابتزاز تؤكد أنني لم أكن أبالغ على الإطلاق في وصف هذه الجريمة بالمدمرة!

حالة بسنت كما أكدت سابقًا ليست الأولى في مصر أو في العالم، ولن تكون الأخيرة، إذا لم ننتبه ونعي ضرورة تغيير ثقافتنا تجاه ما يمكن أن يتعرض له أبناؤنا من مخاطر جمة نتيجة الانفتاح الإجباري على السوشيال ميديا، وإدراك أهمية قربنا منهم واحتوائنا لهم واحتضانهم ومساندتهم ونحن موقنون عظيم اليقين بأنهم ضحايا وليسوا متهمين!

يجب أن نفهم أننا شركاء فيما يمكن أن يتعرضوا له، فإننا كآباء من نشترى لهم الهاتف، والآي باد وجهاز الكمبيوتر، ونوفرلهم خدمة الإنترنت دون توعيتهم بمخاطرها.

الخلاصة أننا من فتحنا الباب أمام كل ما يمكن أن يدخل إليهم من هذا العالم، فلا مبرر لادعاء البراءة والفضيلة ولومه أو لومها إذا استدرجها أحد وتلاعب بمشاعرها وصورها وابتزها، بل يجب أن نتحمل المسئولية وتقديم كل ما بوسعنا من دعم ومساندة لهم، دون النظر إلى انطباعات الناس أو آرائهم، فلا يوجد من هو أغلى من فلذات أكبادنا!

وما أكدت عليه في المقال السابق وأكرره الآن، أن هناك إمكانية لتفادي كل ذلك، من خلال الوقاية، وأتمنى العودة إليه للاطلاع عليها بتوسع، وباختصار، يجب أن نشارك أبناءنا في كل شيء، ونطلع على أصدقائهم الافتراضيين، مثل الحقيقيين تمامًا، ونتفق معهم أن لا أسرار في المنزل، وأن بإمكاننا الاطلاع على محتوى الهاتف متى أردنا، وصدقوني بقدر ما يبدو هذا التصرف مزعجًا لهم، بقدر فعاليته في حمايتهم وتأمينهم.

يجب أن نتحلى بالشجاعة، وندرك أن الأبوة مسئولية، وحتى نكون أبطالًا في أعين أبنائنا، يلزمنا حمايتهم، وردع كل من يحاول المساس بهم بشكل قانونى، دون أن نهدر دقيقة واحدة في الشك فيهم، فالمساندة واجبة هنا دون تأخير أو تردد، وبعد أن ننصفهم، نوضح لهم خطأهم.
لقد تركت بسنت رسالة مؤثر إلى إمها، أبكتنا وأوجعتنا، لكن لدي قناعة أنها لم تجد الدعم والمساندة الكافيين، إذ أنهت رسالتها قائلة "مش قادرة، أنا بتخنق، تعبت بجد، مش أنا، حرام عليكم أنا متربية أحسن تربية".

أصرت ابنة السابعة عشرة أن الصورة ليست لها، وليتكِ قاومتِ، وهزمتِ ذاك المجرم المبتز، وهزمتِ كل نظرة لا تليق بكِ وجهها أحدهم إليكِ.

رحم الله بسنت، وجعلها سببًا لتغيير ثقافتنا وإدراك خطورة ما نواجه واحتواء أبنائنا مهما كانت زلاتهم.

محام بالنقض- مستشار قانوني أول بدبي