رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القاتل المتخفي».. كيف يمكن مواجهة الابتزاز الإلكتروني؟

الابتزاز الإلكتروني
الابتزاز الإلكتروني

فجرت واقعة الفتاة "بسنت" الأخيرة التي انتحرت بسبب فبركة بعض الشباب لصور لها أظهرتها عارية مبتزّين إياها بهم، وبالتالي خوفها من تصديق أهلها بأنها حقيقية، قضية "الابتزاز الإلكتروني" والترهيب والتهديد الذي يٌسببه في نفوس المتعاملين مع "السوشيال ميديا" أو حتى ممن لا يتعاملون معها، والذي قد يؤدي إلى أصعب العواقب مثلما حدث في حالة "فتاة الغربية".

 

"بسنت" صاحبة الـ17 عامًا لم تتحمّل ضغوط الابتزاز والتشهير بها بصور مفبركة، وأنهت حياتها بـ"الحبة القاتلة".. "الدستور" تفتح في هذا الملف وتستعرض مع عدد من الخبراء والمتخصصين كيف يمكن مواجهة أي ضغوط أو ابتزاز من الغير، والقوانين الرسمية التي تضمن الحقوق، ودور المجتمع وبالأخص الأهل في التصدي للخوف الذي يعتري ضحايا هذا الابتزاز ويدفع بعضهم إلى الرحيل وترك الوجع ينهش في القلوب. 

الاستسلام للابتزاز مرفوض 

المهندس محمد سعيد رئيس شعبة البرمجيات بالجمعية المصرية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قال في حديثه "للدستور" إن مفهوم "الابتزاز الإلكتروني" حاليًا توسع بشكل كبير ولم يعد مقصورًا على مجرد التلاعب في  صورة وإضافة صور مزيفة عليها- فهذا أكثر طرق الابتزاز بدائية-  موضحًا أن الأمر تطور إلى ما هو أعقد من ذلك بكثير مثل فبركة فيديوهات كاملة وغيرها من المواد، وبالتالي جعل من الصعب على المواطن العادي تمييز ما هو حقيقي عن ما هو مُزيف.

 

أضاف سعيد أن الابتزاز الإلكتروني لم يعد كذلك قاصرًا على  الأفراد بل تطرق إلى كبرى المؤسسات، لافتا إلى أنه من الممكن أن يبتز مجموعة من الأشخاص مؤسسة كبرى بسبب عدم تأمينها الجيد لنظامها الإلكتروني.

 

المتهمون في قبضة الداخلية 

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي أنه تم تحديد مكان المتورطين في واقعة "بسنت"، والقبض عليهم وتقديمهم للنيابة العامة لاستكمال التحقيقات.

 

كيفية الحماية 

ويطالب الخبير الإلكتروني في حديثه مع جريدة "الدستور" المواطنين بمحاولة وضع أقل قدر  ممكن من بياناتهم على صفحاتهم الإلكترونية، وعدم الاستجابة إلى أي طلبات صداقة غريبة، وكذلك عدم استقبال أي تطبيقات إلكترونية على الهاتف أو الحاسوب إلا بعد التأكد تمامًا من كونها آمنة، لأن هناك بعض التطبيقات التي تُعد وظيفتها الأساسية هي التجسس على صاحب الجهاز.

 

واختتم أنه بعد كل هذه الاحتياطات وفي حال لم يسلم الشخص أو المؤسسة من هذا الابتزاز فعليه اللجوء إلى مباحث الإنترنت والجهات المسئولة فهي وحدها لديها من الإمكانات التي يمكنها الإثبات الرسمي بأن المادة التي يٌبتز بها الشخص حقيقية أم لا، مؤكدًا ضرورة عدم استسلام ضحية الابتزاز الإلكتروني لمحاولات القائم به. 

التعامل في حال الابتزاز

خصصت الحكومة رقم (108) لمكافحة الابتزاز الإلكتروني، للإبلاغ عن أي محاولة ابتزاز سواء عن طريق استخدام الهاتف المحمول، أو عن طريق استخدام الخط الأرضي، أو عن طريق القيام بتقديم بلاغ عن طريق استخدام الموقع المخصص لوزارة الداخلية.

 

كما يمكن الاتصال على رقم (0224065052) للإبلاغ عن الابتزاز، بجانب إمكانية التواصل عبر الرقم 0224065051 الخاص بإدارة تكنولوجيا المعلومات، أو الاتصال على الرقم المُختصر لمباحث الابتزاز وهو 122 من داخل مصر.

ماذا يقول الطب النفسي؟ 

"المجتمع والأهل شريكين أساسيين في خوف ضحية المٌبتز الإلكتروني من البوح بما تتعرض له، وبالتالي ما يتبع هذا الخوف من تصرفات" بهذه الكلمات بدأت ياسمين محمود استشاري الطب النفسي حديثها "للدستور"، موضحة أنه بواقعة الفتاة "بسنت" سواء كانت الصور حقيقية أم مزيفة فالخوف من الأهل والمجتمع هنا هو دافعها الأول للانتحار، وهو يعني أن الأهل لم يكونوا على القدر الكافي من الاحتواء والتفهم لابنتهم وكذلك الاستماع لمبرراتها حتى ولو أخطأت.

أردفت أن المجتمع وتربصه لأي فضيحة تخص الفتيات والسيدات وبالتالي التشهير بهم جعل "بسنت" تخشى أن تنتابها الفضيحة من هذا المجتمع كما نالها غيرها.

وتابعت استشاري الطب النفسي أن "بسنت" ما هي إلا حالة واحدة من بين آلاف من ضحايا الابتزاز الإلكتروني الصامتين خوفًا ممن حولهم سواء كانوا أهل أو مجتمع، مشيرة إلى أن أكثر من 90% من ضحايا هذا الابتزاز لا يتجرأون على البوح بما تعرضوا له.

وأوصت ياسمين بضرورة تفهم الأهل لطبيعة أبنائهم، والحرص على صداقتهم واحتواء أخطائهم لكي لا يقع هؤلاء الأبناء فريسة الخوف الذي قد يفقدهم حياتهم ويُعرضهم لمخاطر أخرى لا يتمنى الآباء أن يرون أبنائهم فيها.

قانون حماية المعلومات الشخصية 

"وينص قانون حماية المعلومات الشخصية على حظر عمليات نقل البيانات الشخصية التي تم جمعها أو تجهيزها للمعالجة إلي دولة أجنبية أو تخزينها أو مشاركتها مع جهات أخري إلا بتوافر الحماية اللازمة المنصوص عليه في هذا القانون وبترخيص أو تصريح من مركز حماية البيانات". 

 

كما حدد القانون عقوبة الانتهاك بغرامة لا تقل عن 200 ألف جنية ولا تتجاوز 2 مليون جنيه، بالإضافة إلي ذلك وضع قانون حماية البيانات الشخصية آلية واضحة للتعامل في حالة وجود اختراق للبيانات بإبلاغ مركز حماية البيانات خلال 72 ساعة.


العقوبة القانونية

وعرّف محمود أسعد المحامي بالاستئناف العالي المفهوم المُتعارف عليه للابتزاز الإلكتروني بأنه عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مقاطع فيديو أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية.

 

أما عن عقوبته أشار إلى أن قانون العقوبات المصرى نصّ فى المادة 327 على "أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادي".