رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«سنكسار الكنيسة» يفصل: مولد المسيح 25 ديسمبر أم 7 يناير؟

الكريسماس
الكريسماس

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الجمعة، برأس السنة الميلادية.

ويتسائل البعض حول التاريخ الاقرب لميلاد المسيح هل هو 25 ديسمبر أم 7 من يناير المقبل، ويقول كتاب التاريخ الكنسي المعروف باسم السنكسار، إنه تعتمد الكنيسة القبطية في حساب أعيادها على التقويم القبطي الموروث من أجدادنا الفراعنة ومعمول به منذ دخول المسيحية مصر، أما الكنائس الشرقية فتعمل بالتقويم اليولياني المأخوذ عن التقويم القبطي، بينما الكنائس الغربية تعمل وفق التقويم الغريغوري الذي هو التقويم اليولياني المعدل.

التقويم القبطي:

التقويم القبطي هو التقويم الفرعوني أقدم تقويم في الأرض، إذ يرجع علي الأقل إلى عام 4241 ق م، وقد اتخذ المصري القديم أساس تقويمه نجم الشعري اليمانية المسمى باليونانية سيريون "Seirios" وأسماه بالمصرية "سيدت"، وهو ألمع نجم في السماء ينتمي كوكبه إلى مجموعة الدب الأكبر ويبعد حوالي 8.5 سنة ضوئية عن الأرض وشروقه الاحتراقي على الأفق الشرقي قبل شروق الشمس، وهو يوم وصول فيضان النيل إلى العاصمة "منف"، فحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين فوجدوها 365 يوما وربع اليوم، وقسموها إلى ثلاثة فصول كبيرة وهي:
1 – فصل الفيضان "آخت"
2 – فصل البذور “برت”
3 – فصل الحصاد "شمو"

ثم قسموا السنة إلى 12 شهراً؛ كل شهر 30 يوما، ثم أضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع يوم وجعلوها شهرا وأسموه الشهر الصغير أو النسيئ، على أن يكون عدد أيامه خمسة أيام كل ثلاث سنوات، وسميت سنوات بسيطة، وإجمالي عدد أيامها 365 يوماً، وفي السنة الرابعة يكون عدد أيامه ستة أيام، وسميت بالسنة الكبيسة وإجمالي عدد أيامها 366 يوماً.

وهذا التقسيم دقيق جدا بالنسبة للسنة الزراعية، ولهذا السبب اتخذه المصريين للعمل به ولم يتخذوا الشمس أساسا لتقويمهم، مع أنهم عرفوها منذ القدم وقدسوها ليس فقط، بل وعبدوها أيضاً "الإله رع" الذي أدخلوا أسمه حتى في تركيب بعض أسماء ملوكهم مثل خفرع ـ ومنقرع ـ ومن كاو رع ـ ورعمسيس " إبن رع ". كذلك في أسماء مدنهم وقراهم مثل القاهرة " كاهي رع " أي أرض رع ـ المطرية أو البطرية أي بيت رع ـ ومدينة رعمسيس في أرض جاسان (خر 1 : 11 تك 47 : 11، خر 12 : 27، عد 33 : 3 ؛6).

التقويم اليولياني

كانت السنة الرومانية سنة شمسية ومقسمة إلى اثنتي عشر شهرا وعدد أيامها 365 وظلت هكذا إلى عهد الأمبراطور يوليوس قيصر الذي لاحظ اختلاف هذا التقويم عن التقويم المصري، ففي عام 45 ق م أصدر أمره لعالم فلكي من الإسكندرية يسمي سوسيجينس Sosigenc بأن يجعل يوم 25 مارس (أزار) أول الاعتدال الربيعي فجعل السنة الرومانية كالسنة المصرية تماماً وعدد أيامها 365 يوماً و6 ساعات "ربع اليوم"، معتمدا في حسابه علي دورة الأرض حول الشمس.

وجعل السنة تتكون من 12 شهرا فقط، بأن جعل يناير 31 يوماً، وفبراير 30 يوماً في السنوات الكبيسة و29 يوماً في السنوات البسيطة، ومارس 31 يوماً، وأبريل 30 يوماً، مايو 31 يوماً، ويونيو 30 يوماً، ويوليو 30 يوماً، وأغسطس 30 يوماً، وسبتمبر 30 يوماً، وأكتوبر 31 يوماً، ونوفمبر 30 يوماً، وديسمبر 31 يوماً.

لما تولى أغسطس قيصر استبدل اسم الشهر الثامن الذي يلي يوليو باسم أغسطس تخليدا لذكراه وجعل عدد أيامه 31 يوماً، جاعلا فبراير 28 يوماً في السنوات البسيطة، و29 يوماً في السنوات الكبيسة، وظل استعمال هذا التقويم ساريا في الشرق والغرب حتى قام البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما سنة 1582، والذي لاحظ وجود خطأ في الأعياد الثابتة بسبب أن التقويم اليولياني الشمسي بنقص عن التقويم القبطي الشعري 11 دقيقة، 14 ثانية، وأصبح هذا الفرق 10 أيام حتى أواخر الفرن 16 فعمل على تصحيحه، وهو ما عرف فيما بعد بالتعديل الغريغوري أوالتقويم الغريغوري الذي عمل بمقتضاه الغرب إلى يومنا هذا.

التقويم الغريغوري

لاحظ البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما اختلاف موعد الأعياد الثابتة ناتج من استخدام التقويم اليولياني عما كان في أيام مجمع نيقية الذي أساسه التقويم القبطي سنة 325 م، بما قدر بعشرة أيام، لأن الاعتدال الربيعي بعد أن كان 21 مارس (أزار) الموافق 25 برمهات في أيام مجمع نيقية سنة 325 م أصبح يقع في يوم 11 مارس (أزار) في سنة 1825م. فلجأ لعلماء اللاهوت ليعرف السبب فأقروا ليس لديهم سبب لاهوتي أو كنسي لأن الأمر يرجع إلي الفلك، فرجع لعلماء الفلك ولاسيما الفلكيان ليليوس Lilius وكلفيوس Calvius فعللوا بأن السبب مرجعه إلى أن الأرض تستغرق في دوراتها حول الشمس دورة واحدة ما يساوي 365 يوماً، 5 ساعات، 48 دقيقة، 46 ثانية، بينما كان يحسب في التقويم اليولياني 365 يوماً، 6 ساعات، فقط أي بفرق يساوي 11 دقيقة، 14 ثانية، ويتجمع هذا الفرق مكوناً يوماً واحداً كل 128 سنة. وهذه الأيام تجمعت منذ مجمع نيقية سنة 325 م إلى سنة 1825 م إلى عشرة أيام.

ولما استقر البابا غريغوريوس علي علاج هذا الخطأ، فقرر علماء الفلك إجراء هذا التعديل بأن نام الناس ليلة 5 أكتوبر استيقظوا صباح اليوم التالي علي أنه 15 أكتوبر لتلافي العشرة أيام التي تجمعت من أيام مجمع نيقية . كما ننام نحن عند ضبط الساعة الصيفية بإرجاع الساعة إلي الخلف ونعود ننام لنرد الساعة مرة أخرى عند بدء التوقيت الشتوي.

كما وضعت قاعدة لضمان عدم زيادة هذه الأيام في المستقبل بحذف 3 أيام من كل 400 سنة لأن كل 400 سنة تحتوي علي 100 سنة كبيسة حسب التقويم اليولياني الذي يحسب السنة الرابعة كبيسة بلا قيد أو شرط.

أما التقويم الغريغوري فقرر عدم احتساب سنة القرن " التي تحتوي على الصفرين من اليمين في الأحاد والعشرات " أنها كبيسة ما لم تقبل هذه السنة القرنية القسمة على 400 "أربعمائة" بدون باقي، وعلي ذلك تكون سنة 1600، 2000 كبيسة في كلا من التقويم اليولياني والغريغوري، أما السنوات 1700 ،1800 ،1900، فتكون كبيسة في التقويم اليولياني وتكون بسيطة في التقويم الغريغوري.

معنى ذلك أن يكون هناك فرق بين التقويم اليولياني والتقويم الغريغوري ثلاثة أيام كل 400 سنة، كل وهذا لضمان رجوع الاعتدال الربيعي وكذلك الأعياد الثابتة إلي ما كان عليه أيام مجمع نيقية.

هذا هو السبب الذي جعل عيد الميلاد عند الغرب 25 ديسمبر، وأما عند الشرق 7 يناير حسب تقويمهم اليولياني. وجدير بالذكر أن هذا الفرق قد أصبح إلي يومنا هذا 13 يوما وسوف يزداد هذا الفرق في المستقبل.

أما نحن الأقباط فنعيد بالتقويم القبطي ليلة 29 كيهك كل ثلاث سنوات وذلك في السنوات البسيطة أي التي تقبل القسمة على 4 ويكون الباقي 3، ثم في السنة الرابعة التي تقبل القسمة على 4 بدون باقي فنعيد ليلة 28 كيهك لتكون فترة الحمل الفعلية بالسيد المسيح ثابتة وهي تسعة أشهر كاملة من عيد البشارة 29 برمهات حتي موعد عيد الميلاد وهي "275 يوما" حسب تقويمنا القبطي ويوافق هذا التاريخ ما يوافق من هذين التقويمين لأن من شأن هذا الأختلاف أن يحدث يوما كاملا كل 128 سنة مما يجعله يرحل اليوم المقابل له في التقويم الغربي يوم واحد كاملا.

فإذا جاء عيد الميلاد 28 كيهك"7يناير" تكون ليلة 28 هي عشية العيد ويقرأ في القداس مساءً قراءات 29 كيهك ويكون يوم 29 "8 يناير" هو العيد ويقام فية القداس صباحا ويقرأ فيه أيضا قراءات 29 كيهك، حتى لو كان يوم أحد، وفي البرامون 27 كيهك "6 يناير تقرأ فصول 28 كيهك.

إذا جاء يوم 30 كيهك يوم أحد تقرأ فصول 30 كيهك ولا تقرأ فصول الأحد الخامس لأنها تتكرر ولا تناسب ثاني أيام العيد.

عيد الميلاد المجيد مناسباته:

29 عيد الميلاد المجيد، وذلك في السنوات البسيطة التي تقبل القسمة على أربعة ويكون هناك باقي ويكون عدد أيام شهر النسي 5 أيام، أما في السنوات الكبيسة والتي تقبل القسمة على أربعة بدون باقي فيكون عيد الميلاد يوم 28 كيهك، لأن شهر النسيئ يكون 6 أيام، وذلك حتى تظل مدة الحمل بالسيد المسيح ثابتة وهي (275 يوما)، وهى فترة الحمل الطبيعية، وهي الفترة بين عيد البشارة 29 برمهات وعيد الميلاد، وهذا يتكرر كل أربعة سنوات قبطية، ولا دخل لنا بالتقويم الميلادي اليولياني أو الغريغوري.