رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حين ترى مصر من الخارج

لا يمكن أن يرى التغيير الذي يطرأ على مصر في جميع القطاعات، أفضل من أبنائها الذين يعيشون خارجها، أو الزوار الذين غابوا عنها لسنوات، وسافروا إليها أخيرًا.

دعوني أبدأ بشهادة صديق أجنبي قضى إجازته أخيرًا في مصر، وقال لي بكل حماسة، كل شيء تغير في بلادكم، لم أتخيل الطفرة التي طرأت على الطرق، والمدن الجديدة، والخدمات، إن مصر الآن مختلفة كليًا عن تلك التي زرتها قبل عشر سنوات.

تمنى صديقي لو يمدد إجازته أكثر، وأكد لي عزمه على العودة في أقرب وقت، إذ لم يشبع من بلادنا- على حد قوله.

لا شك أن انطباعه أسعدني كثيرًا، لكنه لم يدهشني، فأنا أرصد في كل زيارتي شيئًا جديدًا في مصر، بداية من الاستقبال في مطار القاهرة، والتطور الذي طرأ عليه، والتدقيق في اختيار كوادره، من شباب وشابات، بالإضافة إلى أهل الخبرة، وهذا شيء مهم للغاية، فالمطار هو واجهة الدولة، وبقدر تنظيمه وسلاسة خدماته، يرسم المسافر انطباعه عن بلادنا. 

كما اختلف الوضع كليًا خارج المطار، إذ نجد أن طريق السويس الذي يعد المحور الرئيس لمطار القاهرة، لم يعد ذلك الشارع الضيق ذا المسارات الثلاثة، الذي تتزاحم فيه مئات الآلاف من السيارات على مدار اليوم، بل تحول بما يشبه السحر إلى طريق سريع رائع متعدد المسارات والخدمات، لا يقل بأي حال من الأحوال عن أفضل الطرق السريعة في أكثر دول العالم تقدماً.

والمبهر بالنسبة لي، أن هذه الطفرة لا تقتصر على طريق واحد أو اثنين، بل هناك نقلة حقيقية في مستوى الطرق ببلادنا، وهذا أمر بالغ الأهمية، لا يمكن أن يشعر بقيمته أكثر من شخص يعيش في دولة تتمتع بواحدة من أفضل شبكات الطرق في العالم.

إن جودة الطرق تؤثر على الصحة النفسية للإنسان، إذ تمنحه شعورًا بالأمان، والهدوء والقناعة بأن بإمكانه الوصول إلى وجهته في توقيت مناسب، دون معاناة أو احتكاك بآخرين.

القيادة في معظم الطرق بمصر الآن صارت ممتعة، عكس الماضي القريب، ولم يتبق في هذا الجانب سوى زيادة جرعة التوعية للسائقين، فمسببات الحوادث في العالم أجمع ثلاثة، حالة طريق، أو خلل في سيارة، أو خطأ سائق. 

والآن لدينا طرق ممتازة، وهناك طفرة في مستوى السيارات التي نملكها، لذا ليس أمامنا سوى التشديد على ضرورة الالتزام بقوانين المرور، وإصدار وثيقة تأمين موحدة ضد الحوادث والمسئولية المدنية تلزم شركات التأمين بالتعويض عن الأضرار بمجرد الإخطار من الجهات المختصة وتدريب الناس على القيادة الآمنة، لأن هناك كثيرين يعتقدون أن القيادة ما هي إلا القدرة على تحريك السيارة، فتجدهم جاهلين بشواخص الطرق والعلامات المرورية.

إن مصر تتغير إلى الأفضل، وهذه شهادة حق أجدها فرضًا واجبًا على كل من يرصد شيئًا إيجابيًا، لأن بلادنا تستحق ذلك، وبقدر أهمية التنبيه إلى الأخطاء، تجب الإشادة بالتطور، خصوصًا إذا كان ملموسًا، ويمس كل شيء في حياتنا.

فخور بما تحققه بلادي، ولا يزال هناك الكثير الذي يستحق تسليط الضوء عليه، حفظ الله مصر.

  • محام بالنقض- مستشار قانوني أول بدبي