رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فساد وسنينه

يمثل الفساد الوجه السلبى والسيئ والمرفوض للأفراد أو الجماعات أو الأوطان.

لأن الفساد ضد الإصلاح. فأفسد نقيض أصلح. والفساد شكل من أشكال خيانة الأمانة من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة واستخدام السلطة لصالح فرد . وتتعدد أساليب الفساد من الرشوة والاختلاس والابتزاز. وضمن أنواع الفساد الفساد السياسى، وهو إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة.

وبالطبع فالفساد بكل أساليبه يقلل من عائد الأنشطة الإنتاجية وينتج عدم المساواة، فيكون السعى وراء الربح وممارسة أنشطة فاسدة الشىء الذى يولد إحباطا نفسيا للمحرومين من الطبقات الفقيرة، مما يولد الحقد والكراهية بين أفراد الشعب وبين الأنظمة الحاكمة. ولا شك فإننا عشنا ونعيش حالة فساد متصاعدة وغير مسبوقة، بالرغم من أن الفساد موجود فى كل مكان وكل زمان، ولكن بنسب تحددها القيم والأخلاق الدينية والمجتمعية.

خاصة بعد حالة الفوضى الحقيقية التى اجتاحت المجتمع بعد عملية الفلتان المجتمعى والقيمى والأخلاقى بعد ثورة يناير ولأهداف بعيده عن مصلحة الوطن والمواطنين. نعم إننا نرى الآن تلك الحملات الموجهة إلى الفساد والفاسدين من جانب المؤسسات الرقابية، خاصة ضد النخبة بكل أنواعها ومستوياتها. ولكن ما يلفت النظر بحق أن الفساد لم يعد قاصرًا على من يزيد دخله بالرشوة التى تأخذ مسمى البقشيش أو الإكرامية لقضاء مصلحة بسيطة.

ولم يعد الفساد قاصرًا على المحتاج اقتصاديًا ولا يجد مصدرًا حلالًا لزيادة دخله، فيعتمد على هذه الحالة هو تبرير مغلوط . لم يعد الفساد مقتصرا على المحليات التى قال عنها زكريا عزمى وكان رئيس ديوان رئيس الجمهورية "أن الفساد فى المحليات وصل للركب". فقد اعتدنا على تقديم الرشوة للإدارة الهندسية حتى تسهل استخراج رخصة المبانى وبالطبع المخالفة . حتى إننا أصبحنا الآن نعانى أشد المعاناة نتيجة لعمليات البناء على أراضى الدولة والأراضي الزراعية.

بل أصبح الفساد بكل أشكاله من رشوة ومحسوبية وابتزاز يجوب كل الساحات، ويحتل كل المساحات. حتى إننا شاهدنا وزير الزراعة الأسبق الذى كان يدعى التدين يطلب رشوة ويا للأسف من ضمنها زيارة الأراضى المقدسة …إلخ . وقد تم القبض عليه فى عرض الشارع . وجدنا هناك قضاة وما أدراك من جلال القضاء الذى هو العدل يقبض عليهم بجرائم مخدرات وجرائم جنسية. وجدنا رؤساء مؤسسات يرتشون بملايين الملايين وعلى حساب الاقتصاد القومى . والأغرب كانت تلك القضية المخجلة والمؤسفة، والتى طالت رئيس جامعة وهو مرتش باكثر من سبعين مليون من الجنيهات.

وتبعه عميد لمعهد دراسات عليا. والغريب هنا أن الجامعة يطلق عليها اسم "الحرم الجامعى" أى أن الجامعة لها حرمة مثل حرمة بيوت العبادة !!!!!. فهل هناك أسباب موضوعية يمكن أن تفسر هذا؟.مع العلم بأن الفساد لا يوجد له أى أسباب موضوعية وغير موضوعية تبرره. فهذه النماذج تمتلك السلطة والمال والوجاهة الاجتماعية. هناك سؤال يطرح نفسه بكل وضوح وصراحة . كيف تم تعيين هؤلاء فى أماكنهم الحساسة هذه ؟ كما أن هذا التعيين يتم أيضا من خلال تلك الأجهزة الرقابية بالطبع . فأين الخلل؟ أما حالة الفساد التى نراها الآن ونحاول السيطرة عليها .فهناك أسباب كثيرة لهذا الفساد.

وأهم هذه الأسباب هو التهاون فى تطبيق القوانين فى التوقيت الواجب. فوجدنا قبل ٢٥ يناير نظام الحكم عند إجراء أى انتخابات يقوم تطوعا برفع الغرامات عن المخالفين وإسقاط الأحكام على الذين استولوا على أراضى الدولة... إلخ الشىء الذى جعل هناك يقينًا بأن القوانين التى تشرع لا مكان لها غير الأدراج، حيث إن المنوط به تنفيذ القانون والحفاظ عليه هو الذى يتهاون!!

مما جعل الشارع المصرى يشكو ويئن من حالة الفوضى العارمة التى نعيشها حتى إننا نظن أن الأمر قد أفلت من بين أيدينا . كما أن هناك جانبا آخر، وهو حالة ذلك التدين الشكلى الذى حوّل الدين إلى تجارة بائرة . فشاهدنا أغلب الفاسدين هم الذين كانوا يتظاهرون بالتمسك بالدين والحفاظ على الشكل الدينى الظاهرى والكاذب. أو التظاهر بمحاربة الفساد فى موقعه أو التشدق بحب الوطن!!! فهل حان الوقت للاختيار الصحيح للمواقع؟ هل سنظل نتحدث عن تجديد الخطاب الدينى حتى نحمى الدين من المتاجرين طوال الوقت دون بداية حقيقية لتحقيق ذلك؟

ألم يحن الوقت إلى إعادة دور المدرسة للتربية قبل التعليم؟ ناهيك عن دور المؤسسات الدينية والإعلامية. والأهم ذلك الواعز الفردى الذى يتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية أيا كانت مصاعب الحياة . حمى الله مصر وشعبها العظيم من الفساد والفاسدين.