رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ربنا بيحب الحُسن

أرى أن أمر تنمية الوعي السياسي والثقافي لدى شبابنا هو الهدف الأهم في ظل هذا الكم من التحديات التي يشهدها العالم والوطن العزيز في تلك المرحلة، والتي نخطو فيها بكل حماس نحو دنيا وعالم الجمهورية الجديدة، والذي تتسابق فيه كل أجهزة الدولة ومؤسساتها لاستكمال إعادة بناء وطن، والأهم بناء مواطن تلك الجمهورية.. وعليه فإن أمر مواجهة الفكر المتطرف بمشاركة مجتمعية  مع كل مؤسسات الدولة المعنية ببناء الإنسان وصناعة الإبداع وإضاءة مصابيح التنوير يمثل التحدي الأهم.
لن أنسى ما صرح به خطيب مسجد الروضة الذي شهد مجزرة استهداف هذا العدد الضخم من المصلين في دور للعبادة بالقتل العشوائي المُرعب الوحشي، وأصيب وهوعلى منبره، قال لوسائل الإعلام "سمعت الله أكبر ولكني لم أعرف قائلها أهو القاتل أم القتيل؟".. عندما يتوحد نداء المجرم بنداء المصلي الطيب في مسجد يوم الجمعة، فنحن أمام مشهد يمثل حالة لا ينبغي تجاهل أبعادها ومعانيها.
نحن أمام مشكلة مظاهر التدين المضللة المتوهة لنفر من شبابنا، كان قد وصفهم د. طه حسين منذ 75 سنة أنهم صبية ضعاف العقل، فاسدي الرأي، مشوهي التفكير، عاجزون عن الفهم والحكم، مستعدون للتأثر بكل ما يُلقى إليهم، والاستجابة لكل ما يُدعون إليه، وهذا النوع من الشباب خطر على نفسه وعلى أمته، لأنه خطر على النظام الاجتماعي دائماً.
فقط أدعوك عزيزي القارئ لقراءة فقرة من مقدمة "ابن خلدون" تم تحريرها في القرن الـ14 لنتدبر أمرنا نحن أبناء القرن الـ21 .. كتب عن أسباب انهيار الدول  “عندما تسوء الأحوال يسود الرعب ويقول الناس بالطوائف وتظهر العجائب وتعم الإشاعة ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي وجوه مؤنسة وتشح الأحلام ويموت الأمل.. وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقاً وإلى الأوطان ضرباً من ضروب الهذيان ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء والمزايدات على الانتماء، ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين . ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة وتسري الإشاعات عن هروب كبير..وتحاك الدسائس والمؤامرات.. وتكثر النصائح من القاصي والداني .. ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته.. ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار ويتحول الأمر إلى مشروعات مهاجرين.. ويتحول الوطن إلى محطة سفر.. والمواقع التي نعيش فيها إلى حقائب.. والبيوت إلى ذكريات.. والذكريات إلى حكايات”..
انتهى الاقتباس من تلك المقدمة ، وكأنها كانت تصف أحوال شعوب ودول رأيناها بالفعل من حولنا ولن يسمح المولى رب العبادــ بإذن الله ــ بأى انهيار على أي مستوى في بلادنا، ولكن علينا أن نحسن العمل ونجزل العطاء.
لاشك أن الإرهاب بات صناعة مرعبة بقناعات أيديولوجية وغطاء من فتاوى المضللين السحرية وعبر استدعاء تراث وفق الطلب، ونحن للأسف من نطيل عمر الإرهاب ونثبت قواعده لو اكتفينا بالمواجهات الأمنية الباسلة والعظيمة دونما معالجة وتصويب أمور التنشئة والتعليم والإعلام والثقافة لإنشاء صناعة مواجهة الإرهاب عبر صك مفاهيم أيديولوجية عكسية لضرب مؤثر وفاعل لأصحاب ذلك الفكر الخرب الغبي الجاهل .
إنه فكر القبح الذي استهجنه الرئيس السيسي بقوله “ربنا بيحب الحُسن.. والسلام حُسن.. والخير حُسن.. والتعاطف حُسن.. وأي حاجة قبح، مالهاش مكان، أى قبيح مالهوش مكان بيننا . الجمال فقط هو اللي ليه مكان، واحنا هنا في بلدنا هنقدّم ده، هنقدّم الجمال والحُسن للعالم كله”.
وهانحن بالفعل نقدم الحُسن ـ على سبيل المثال وليس الحصر فهو كثير ومتعددـــ شهدناه في الاحتفال بذوي الهمم وكيف كان الحسن والجمال وكل المشاعر الإنسانية المتبادلة بين الرئيس وأولاده وشعبنا العظيم، ويكفي القرارات التي أصدرها الرئيس وتم تنفيذها على الهواء، والتي أعلن عنها كقرارات للتنفيذ عبر خطابه، والتي منها: تضمين المشروعات المنفذة ضمن مبادرة حياة كريمة في جميع المحافظات لكل المتطلبات والاحتياجات المجتمعية والثقافية والرياضية والتنموية الخاصة بذوي الهمم، والتوسع في مجالات تدريب وتأهيل المعلمين بآليات ومهارات وأسس الطرق الحديثة في التعامل والتواصل مع ذوي الهمم من أجل تمكينهم من التعلم والتحصيل الجيد والتفوق في مختلف المجالات الدراسية والعملية، وقيام قطاعات الإنتاج الفني والثقافي بإنتاج العديد من الأعمال الدرامية والثقافية التي تستهدف إبراز قدرات وإبداعات ذوي الهمم وإسهاماتهم في بناء الجمهورية الجديدة، وقيام كل الهيئات الشبابية والرياضية بتوفير برامج وأنشطة مخصصة لذوي الهمم تستهدف رفع لياقتهم البدنية وثقل مهاراتهم الرياضية، والتنسيق بين أجهزة الدولة المعنية لصياغة برامج تستهدف تدريب وتشغيل الشباب من ذوي الهمم، لثقلهم بمتطلبات سوق العمل في مختلف قطاعات التشغيل، مما يفتح لهم آفاق المستقبل.