رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كأن الريح تحته: التطورات تتلاحق فى قطاع النقل المصرى

تتلاحق التطورات فى قطاعات الاقتصاد المصرى بسرعة شديدة، حتى إنه بات على أشد المتخصصين حصرها فضلًا عن تحليلها، ففى قطاع الصناعة تتطور مجموعات من المصانع بعرض البلاد وطولها، فى النشاطات الإنتاجية المختلفة، كمصانع الغزل والنسيج فى المحلة، والسكر فى المنيا، والكيماويات فى أسوان، والبتروكيماويات فى السخنة والإسكندرية.

وفى قطاع الطاقة تتوالى الاكتشافات البترولية، ويوازيها تدشين شراكات جديدة لنقل الغاز الطبيعى إلى أوروبا عبر أنابيب من آسيا، يواكبهما تطور لمحطات الطاقة المتجددة فى بنبان وجبل الزيت، وأول محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى العين السخنة، ورغم هذا التسارع فإن قطاع النقل جعل المراقبين يلهثون لمتابعة مجرياته خلال الأسبوع الجارى.

ففى بداية الأسبوع أعلنت شركة المنصور للسيارات عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة جنرال موتورز تمهيدًا للدخول فى شراكة لإنتاج السيارات الكهربية فى مصر، على أن تحدد دراسة يجرى العمل عليها متطلبات الإنتاج، وحجم المبيعات المتوقع، ونسبة المكون المحلى وغيرها من الشروط الدقيقة، بحيث تعرضها المنصور على الحكومة المصرية، التى من المفترض بها أن تبدأ بناء على ذلك فى تحديد الحوافز التى ستعرضها على الشركتين.

وتعتبر السوق المصرية بالنسبة لجنرال موتورز صفقة مربحة ومناسبة فى الوقت الحالى، حيث إن الشركة تخلفت عن ركب تصنيع السيارات الكهربية فى الولايات المتحدة، كما تواجه منافسة شرسة فى السوق من شركات، مثل: تسلا وريفيان اللتان باتتا تسبقانها بأميال، فى حين تقدم مصر سوقًا محلية ضخمة واتفاقات تبادل تجارى حر مع الاتحاد الأوروبى ودول الاتحاد الإفريقى فى المدى المنظور، ستسمح للشركة باكتساب حصة سوقية فى القارتين بسهولة نسبية إذا ما قورنت بالسوق الأمريكية.

على الجانب المصرى ستعد الشراكة فى حالة إتمامها نقلة نوعية فى السوق المصرية، وذلك لأنها تأتى مع القطاع الخاص ابتداءً، وثانيًا: لأن الشراكة التى كانت تعمل عليها الحكومة، ممثلة فى وزارة قطاع الأعمال وشركة النصر لصناعة السيارات مع دونج فانج الصينية أعلنت عن فشلها نهاية شهر نوفمبر الماضى بسبب خلاف على المكون المحلى، لكن الوزارة والشركة لم تستلما ودخلت فى مفاوضات جديدة خلال الأسبوع الجارى مع ثلاث شركات صينية جديدة، لم تُعلنا عنها حتى وقت كتابة هذه الكلمات.

على صعيد آخر، تعمل شركة حكومية ثانية هى الهندسية لصناعة السيارات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية مع شركة بيلاروسية تسمى ماز، على تصنيع الأتوبيسات التى تعمل بالغاز الطبيعى فى مصر، فيما يعد تفعيلًا لمذكرة تفاهم وقعت بين الجانبين فى عام ٢٠١٩، وفى حال إتمام الصفقة، ستقدم ماز معدات الإنتاج، وسيبلغ المكون المحلى نحو ٦٠٪ مما إجماليه ٢٥٠ أتوبيسًا فى العام، هى الطاقة الإنتاجية للمصنع، وهو رقم مناسب للغاية، حيث بلغت مبيعات الأتوبيسات نحو ٢٠ ألفًا فى متوسط العام، يعمل معظمها بالديزل والبنزين، ما سيجعل الطلب على الأتوبيسات الجديدة مرتفعًا للغاية.

فى ذات الأسبوع توصلت وزارة النقل إلى اتفاق مع شركة ترانس ماش هولدنج الروسية لتقديم الدعم الفنى شامل توريد قطع الغيار لمدة ١٢ سنة لعدد ١٣٠٠ عربة ركاب جديدة جارٍ توريدها لهيئة السكك الحديدية، وقد تضمن الاتفاق قيام الشركة بتوفير الدعم الفنى بواسطة ٢٠ خبيرًا من تابعيها بورش الهيئة لتدريب المهندسين والعاملين المصريين على كل أعمال الصيانات والعمرات بما فيها العمرة الجسيمة للعربات، وكذلك إنشاء شركة ورشة صيانة حديثة بمنطقة أبوزعبل التابعة لهيئة السكك الحديدية وإمدادها بكل المعدات الحديثة اللازمة لصيانة عربات الركاب التى ستقوم الشركة بتوريدها.

يجمع بين الاتفاقات الثلاثة السابقة ثلاثة عناصر جديرة بالملاحظة، أولها أنها جميعًا تأتى داخل قطاع النقل، ورغم ذلك تعمل عليها مجموعة مختلفة من الوزارات وشركات القطاع الخاص، وفى ذات الوقت يحاول جميعها نقل التكنولوجيا وتوطينها فى مصر، وأخيرًا أنها تحاول رفع نسبة المكون المحلى فى هذه الصناعات، حتى إن تصميم الإدارة على هذا العنصر أفشل المفاوضات مع دونج فانج الصينية، توجه جديد جدير بالمتابعة.