رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جريمة مدمرة .. خطر يهدد أبناءنا!

القصة لمراهقة "طفلة بحسب القانون" تبلغ من العمر 16 عاماً تعرفت على شاب عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعى، وبمرور الوقت توطدت علاقتهما حتى تحولت إلى صداقة افتراضية على أساسها وثقت به الفتاة وأرسلت إليه صورًا فاضحة لنفسها!

وفي هذه اللحظة كشف الأخير عن وجهه القبيح، وهددها بنشر صورها على الإنترنت وإرسالها إلى أسرتها وأصدقائها، حتى أخضعها وأرسلت إليه أموالاً لكى لا يقوم بنشرها، إلا أنه تمادى في غيه وطلب أموالاً أخرى وتحول الأمر إلى كابوس حقيقي، إلى أن أفصحت المراهقة لأسرتها عما تتعرض له ولجأت إلى الشرطة!

هذه الواقعة المؤلمة، مجرد حالة من جريمة عالمية متكررة في معظم بلدان العالم يرتكبها عادة أشخاص مضطربون نفسياً يستهدفون الأطفال بشكل أساسي ويتسمون بقدر كبير من الإصرار والقدرة على الاستدراج والتلاعب بنفسيتهم.

وبحسب خبراء الأمن الإلكتروني فإن الأطفال حتى سن 18عاماً ضمن الفئات الأكثر تعرضاً لخطر الاستدراج والابتزاز الإلكتروني لقلة الوعي وعدم قدرتهم على رصد المخاطر بشكل كاف وهذا يكشف عن حجم المخاطر التي تهددهم.

إن مصر مثل جميع البلدان في العالم تتشدد حيال هذه الجرائم، سواء من جانب القانون والعقوبات الرادعة أو من جانب الأجهزة الأمنية المختصة، لكن بكل موضوعية وأمانة يتحمل الآباء الجزء الأكبر من المسئولية  لأسباب عدة.

أولها أن هذه جريمة عابرة للحدود كما أوضحنا في المقال السابق، فالجاني قد يوجد في النصف الآخر من الكوكب على بعد آلاف الأميال من ضحيته وفي هذه الحالة يصعب، بل ربما يكون من المستحيل تعقبه!

وثانيها، أن الطفل يتعرض للاستدراج غالباً وهو داخل منزله، حيث لا يمكن أن تتوافر له الرقابة أو الحماية سوى من الأسرة فقط!

أما ثالث الأسباب فهو استسلام الآباء لضغوط الأبناء في كثير من الحالات وعدم وضع قواعد لاستخدام الإنترنت أو أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية!

أدرك جيدًا أن سياسة المنع لا يمكن أن تجدي مع الجيل الجديد من الأبناء الذين ينعزلون غالباً داخل عالمهم الخاص، لكن إذا كان الواقع يفرض علينا أن نسّلم باستحالة منعهم من ارتياد هذا العالم الرقمي المعقد، فيجب في المقابل أن ننتبه جيدًا ونتخذ أقصى درجات الحذر من هذه المخاطر لأنها قريبة منهم، لدرجة لا يتخيلها الكثيرون، وآثارها مدمرة.

وهناك وسائل حماية يجب علينا كآباء الالتزام بها، أهمها على الإطلاق، الاطلاع بشكل دوري على محتوى هواتف الأبناء، والتعرف على الأشخاص الذين يتواصلون معهم افتراضيًا، سواء عن طريق السوشيال ميديا أو أي وسيلة، وتوعيتهم بأن ذلك لحمايتهم وليس بغرض انتهاك خصوصيتهم.

يجب على الآباء كذلك تحديد وقت لاستخدام الإنترنت، والحرص على وضع أجهزة الكمبيوتر أو البلايستيشن في مكان مفتوح بالمنزل، وإذا اضطر إلى وضعه في غرفة الطفل، فيجب أن يحرص على بقائها مفتوحة فلا يغلقها على نفسه بأي حال من الأحوال!

هناك أيضاً أنظمة لتطبيق الحماية الأبوية على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر يجب على الآباء التعرف عليها وتحميلها لتوفير حماية مضاعفة.

أدرك جيداً أن كثيرًا من الآباء ليس لديهم الطاقة للالتزام بكل هذه النصائح، لكن من منطلق خبرة واسعة في هذه الجرائم أؤكد لكم أنها لا تقل أهمية عن كل الالتزامات الحياتية الأخرى، فهم فلذات أكبادنا ويستحقون منا كل حماية واهتمام.

  • محام بالنقض- مستشار قانوني أول بدبي