رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القدر.. أوميكرون.. وحظر السفر!

لا يُغنى الحذر، أو حظر السفر، من القدر، أو من «أوميكرون». وبالفعل، أكدت منظمة الصحة العالمية أن قيام الدول بإغلاق حدودها لن يمنع انتشار المتحور الجديد من فيروس «كورونا المستجد»، وحذرت من أن هذه القرارات تضع عبئًا ثقيلًا على سير الحياة، وقد تؤثر سلبًا على الجهود الدولية لمكافحة الوباء. 

المتحور الجديد، انتشر فى كل القارات، وتم رصده فى الأقاليم الجغرافية الستة التابعة للمنظمة الأممية. وأمس، الخميس، أعلنت وزارة الصحة الهندية عن تسجيل أول إصابتين به، وأشارت إلى أن الأعراض لا تزال بسيطة، حتى اللحظة. كما تأكدت، أمس الأول، الإصابة الأولى فى الولايات المتحدة. وقالت «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» الأمريكية، CDC، فى بيان، إن المصاب خضع لفحص فى كاليفورنيا وجاءت نتيجته إيجابية، و«كانت تظهر عليه أعراض خفيفة فى طور التحسّن». 

ما قد يطمئن أكثر، هو أن وكالة «رويترز» نقلت عن مسئول فى منظمة الصحة العالمية أن «معظم الإصابات بالمتحور أوميكرون بسيطة ولا توجد حالات خطيرة». كما أن أنجليك كويتزى، التى تدير عيادة خاصة فى «بريتوريا» وترأس الجمعية الطبية لجنوب إفريقيا، وتوصف بأنها مكتشفة المتحور الجديد، سبق أن قالت إن المصابين بـ«أوميكرون» أبلغوا عن أعراض أقل خطورة من أولئك المصابين بالمتحور «دلتا»، وأوضحت أن تلك الأعراض شملت التعب وآلام العضلات والسعال الجاف الخفيف، ولم تشمل فقدان حاستى الشم والتذوق، وأشارت إلى أن بعض مرضاها، المصابين، يخضعون للعلاج فى بيوتهم، ما يعنى أن حالتهم ليست خطيرة.

مع كل ذلك، ومع تأكيد منظمة الصحة العالمية على أنه «لا دليل حتى الآن على تراجع فاعلية اللقاحات الحالية أمام المتحور الجديد»، وبرغم عدم توفر بيانات علمية وافية، أو مؤكدة، إلى الآن، ظهرت توقعات، أو مزاعم، بأن «أوميكرون»، أكثر خطورة من سابقيه، وبأنه قادر على الالتفاف، كليًا أو جزئيًا، على الوقاية التى توفرها اللقاحات، ما أدى إلى تزايد المخاوف من حدوث «انتكاسة وبائية»!.

سرعة تفشى المتحور الجديد وخطورة الإصابة به ومقاومته للقاحات أو للحماية المناعية، إذن، ما زالت فى باب الاحتمالات أو التوقعات، التى قد يحتاج تأكيدها أو نفيها إلى أشهر، كما أشرنا أمس. أما ما تأكد، فقط، فهو أن طفرات كثيرة من تلك التى تم رصدها فى «أوميكرون»، موجودة أصلًا فى متحورات سابقة. وعليه، وسواء وصل المتحور الجديد إلى مصر، أم لم يصل، فإنه ليس بعيدًا عنها، ولا يوجد ما يقلق فى وصوله. 

فى مواجهة حالة الهلع المسيطرة، من المتحور الجديد، دعا تيدروس أدهانوم جيبريسوس، مدير عام المنظمة الأممية، فى مؤتمر صحفى، عقده مساء الأربعاء، إلى «الهدوء»، وطالب كل الدول باتخاذ إجراءات منطقية ومتناسبة لخفض الأخطار. وقال إنه يتفهم رغبة الدول فى حماية مواطنيها «ضد متحور لم نفهمه تمامًا بعد»، لكنه أعرب عن قلقه من فرض تدابير لا تستند إلى أدلة، وقد تؤدى إلى تفاقم عدم المساواة بين الدول. 

منذ ظهور نسخته الأصلية نهاية ٢٠١٩، أودى «كورونا المستجد»، ومتحوراته، بأرواح أكثر من ٥ ملايين و٢٠٠ ألف شخص. وطوال السنتين الماضيتين، كان أى تطور فى المشهد الوبائى، كظهور متحور، تسبقه بأشهر تحذيرات وتوصيات متكررة تصدرها الهيئات العلمية الأكاديمية المتابعة للوباء والمعنية بمكافحته. وكانت القارة الإفريقية هى المرشحة الأولى لظهور متحور فيروسى جديد، لكونها المنطقة التى تسجل أدنى مستويات التغطية اللقاحية فى العالم. لكن ما قد يثير الدهشة، أن السلطات الصحية الهولندية أعلنت أنها رصدت المتحور الجديد فى عينات فيروسية جمعتها بين ١٩ و٢٣ نوفمبر، أى قبل ستة أيام من إعلان جنوب إفريقيا!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدورة الاستثنائية لجمعية الصحة العالمية، أنهت أعمالها، مساء أمس الأول، الأربعاء، فى جنيف، بالاتفاق على إنشاء هيئة تفاوض حكومية دولية، لحماية العالم من الأمراض المعدية فى المستقبل، وتعزيز الوقاية من الأوبئة والاستجابة لها، سواء بتعديل لوائح منظمة الصحة العالمية، أو بصياغة اتفاقية جديدة، تمنح المنظمة الأممية صلاحيات أوسع، وتكفل لها الحصول على الموارد المالية والبشرية الكافية.