رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زكريا بطرس والأزهر والكنيسة




يدعو زكريا بطرس إلى المسيحية من خلال الطعن في الإسلام، تلك مشكلته الحقيقية التي يتنصل من ذكرها كثيرون، لو كانوا وعوها مثلما وعيتها منذ أول مرة استمعت فيها إليه بتركيز شديد؛ فمعناها خطير للغاية معناها أن الرجل ينشر عقيدته بآلية تقويض عقيدة أخرى؛ لأن لديه إيمانا بلا يقين، أو لأنه بلا إيمان ولا يقين، بينما المسيحية راسخة واقعيا ومنتشرة ومرغوبة؛ فلا تحتاج إلى مجهوداته المريبة، وبالذات ما يكون على حساب عقائد الآخرين!
لا يكف الرجل، في معظم فيديوهاته، عن حديث الإساءة إلى القرآن والرسول الكريم محمد (ص) فوق ما يتحدث ممجدا الإنجيل والمسيح، وعلى هذا لا يضلع بواجبه كداعية للمسيحية، ولكنه يفتئت على الإسلام، بل يفرق بين أبناء الأديان، ويشوش محاولات تقريب العقائد.. 
من يحبون طريقة الرجل ليسوا بموضوعيين وليسوا بطيبين وليسوا بأهل علم؛ فأية طريقة تلك التي أساسها الذاتية ومنهجها إزاحة الآخر واعتمادها كله على المغالطات التاريخية والجهل باللغة والخلط بين الأمور والنبش فيما يسبب الفتن؟!
الفيديو المسيء، مهما يكن قديما أو جديدا، يعبر تعبيرا صادقا عن حالة الرجل الذي يمكن وصم أقواله بالمعاداة الصريحة للإسلام والتنمر للمسلمين؛ لأنها كذلك بالفعل، من أولها إلى آخرها، بالحق وبلا أدنى مزايدة..
أحسن الأزهر الشريف إذ لم يتعرض للرجل بذاته، لا من قريب ولا من بعيد، إنما تحدث عن النبي (ص) كهاد للبشرية، مثلما يعرفه أتباعه، وكذلك المنصفون في العالم، وعدم التعرض للرجل أمر جيد من الجهة الأخلاقية، جميل أن تتحلى به المؤسسات الدينية الرسمية بما لها من المسئوليات العامة المنظورة؛ ففي ذلك كثير من تفويت الفرصة على الرجل بشأن ما يريد صنعه من المشادات الكلامية الخائبة والمعارك الأدبية والإعلامية البائسة، مما قد يقود إلى حروب دينية، مانحا التشدد الديني مبررات للوجود، والإرهاب مساحة للقيام بالأعمال التدميرية والتخريبية! 
أحسنت الكنيسة المصرية أيضًا لأنها بينت موقفها منه؛ قائلة: "إن الكاهن السابق لم يعد كاهنا تابعا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعد أن سوَّى معاشه بتاريخ ماض موثق وغادر الكهنوت، وإنها ترفض أساليب الإساءة والتجريح لأنها لا تتوافق مع الروح المسيحية الحقة، وإنها تحفظ محبتها واحترامها الكامل لكل إخوتها المسلمين".
وهكذا أصابته في مقتل، تبرأت من انتمائه إليها، وجردته من درع الاحتماء بها، لم تسبه ولم تنل من لحمه، كما هو دأبه مع خصومه، أو من يعتبرهم خصومه، لكنها تمسكت بوقارها المعتاد، وذكرت الحقيقة التي عندها، والتي تفيد بعمله منعزلا عنها، وبأن رأيها في توجهاته ليس إيجابيا!
تقول ثقافة ما: لا أحد يركل قطا ميتا. وفي الواقع لن ينفع أحد أن يركل مثل ذلك القط فعلا، ربما عليه تنحيته فقط، كتنحية الحجارة المؤذية من طريق السائرين!