رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دين.. الفرص الضائعة!

الأديان والشرائع السماوية أمر عظيم فى حياة البشرية، كل شعب- حسب دينه- يخضع فى خشوع لربه.. إلهه الذى يعبده يتضرع إليه، يناجيه ويحاول أن يرضيه كى يكون من الفئة الناجية، معكم فى هذا الأمر كونى مسلمًا مؤمنًا بالله، لكن منذ متى كان الدين مما يخشى عليه من كلمة هنا أو هناك أو بحث هنا أو هناك، أو حتى فرية يطلقها أحدهم: قمص مشلوح من الكنيسة، مجلة كاريكاتور أجنبية، كاتب أو مفكر أو مستشار، عالم أو جاهل، ملحد أو مؤمن، نصر حامد أبوزيد، أحمد عبده ماهر، أو غير هولاء؟ 

منذ متى كان الدين المنزل مما يخشى عليه من أقوال وآراء وأفكار ودراسات أو حتى من الدين المبدّل نفسه؟

- العالم كله يدرس الأديان والشرائع ويبحث فيها، وأوروبا نفسها صانعة الحضارة الحديثة وقاطرة التقدم فى عالم اليوم، اشتعلت ذات عصر بمعركة حول الله حول الدين، واحترقت وغرقت لعقود فى بحر الفتنة المتلاطم الأمواج، ثم نجت من الحرب الأهلية وخرجت من العصور الوسيطة الموصوفة بالظلامية إلى العصور الحديثة، بكل ما فيها من تقدم واستنارة، لأنها درست وبحثت وفكرت واكتشفت ووضعت الدين على طاولة الاختبار والتشريح ووجدت، مثلًا، أن عليها أن تضع الدين وراءها، تبقيه فى الوجدان، أما الدولة فتتقدم بالعلم والعقل.

- حلت أوروبا مشكلاتها بأنواعها كافة.. حتى مشكلة الجنس التى تمثل هاجسًا عربيًا مخيفًا، نحكم على أساسه ونحاكم بموجب تقاليده الناس! فهذا مخرج إباحى لا توقروه و«هينوا» كرامته، وتلك ممثلة متعرية فاجرة مرغوها فى التراب.. اذبحوها أو ارجموها، وهذا- وهو فعل عربى متكرر يحدث فى مصر كما فى الأردن كما فى السعودية- يقتل أمه أو شقيقته دفاعًا عن «شرفه» الذى انتهكته، بأن سلمت نفسها لأحدهم.. حتى إنه فى استعراض عقابى جرى علنًا، أقدم مواطن «إسماعيلاوى» على قطع رأس صديقه بالسيف، ثم رفعه محتفلًا به فى الشارع علنًا.. يرقص منتشيًا فى عرس الدم، تعبيرًا عن رجولته، وثأرًا لعرضه وشرفه المسلوب!

الدين.. كان هاجسًا دائمًا عند مفكرين عظام.. حتى كارل ماركس الذى وصف الدين بأنه «أفيون الشعوب»، كان يقصد ألا تسىء السلطة استخدام الدين، فتستعبد الناس فى الدنيا وتعدهم بالحرية فى الآخرة. 

تقديرى أن الدين المعاملة.. أقوى أثرًا من الدين الشريعة.. فالأخيرة علاقة بينك وبين الله، هى التى تجعلك تعرف حقوقك فتأخذها وواجباتك فتؤديها، إلا أن الناس يفضلونها نقلًا عن إمام أو خطيب أو شيخ زاوية وما أدراك ما شيخ الزاوية، فى عصر كعصرنا مهما كانت ثوابت الدين عند أغلبيتنا مستقرة، فإن آخرين يرونها نسبية ومتغيرة.. وأظن- وبعض الظن ليس إثمًا - أننا إذا قبلنا بطرح هؤلاء فلن نضر الدين فى شىء، ماذا يضير المسلمين الذين يعتقدون فى رسوخ عقيدتهم أن يخرج عليهم أحدهم بأفكار أخرى؟ نوال السعداوى قاومت وخاضت معركة ضد الحجاب باعتباره «حجابًا على العقل».. قاصدة بذلك طريقة تفكيرهن وخضوعهن وقبولهن لأى طرح فى الدين حتى ولو انتقصت من كرامتهن، إلا أن أغلب نساء مصر ما زلن يضعن حجابًا على رءوسهن!

قال نصر حامد أبوزيد إن القرآن منتج ثقافى، فأقتيد إلى محكمة الحسبة التى فرقت بينه وبين زوجته وخسر الدين وأتباعه فرصة عظيمة فى التفقه والتفكير والدراسة.

المستشار أحمد عبده ماهر قال أيضًا إن الحجاب أكذوبة لقهر المرأة وإنه لا يوجد ما يسمى بعذاب القبر وإن هناك ١٥٠٠ آية فى القرآن تؤكد ذلك.

وقوله إن أبا بكر لم يكن مع الرسول فى الغار ولم يهاجر معه، هل هذا مما يعد إنكارًا لمعلوم فى الدين بالضرورة أو ازدراءً للدين؟ وقوله إنه لم تكن هناك فتوحات فى الإسلام، وإن المسلمين يصومون رمضان فى مواعيد خاطئة، وإن الإسراء والمعراج ليست حقيقية، وإن البخارى حرّف كتاب الله عمدًا.. إلخ، ألم تكن فى ذلك كله فرصة جديدة ضائعة لمناقشة الآراء اليقينية الثابتة واختبار مدى صمودها للنقاش؟