رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالم السرى لتجارة الأعضاء.. استغلال الفقراء والأغنياء!

يتجدد الحديث عن مافيا الاتجار في الأعضاء البشرية مع كل قضية تكشف الأجهزة المختصة في بلادنا النقاب عنها، فهذه الظاهرة البغيضة التي تنتشر في كثير من دول العالم، تعكس حجم الاستغلال الذي يمارسه هؤلاء المجرمون سواء لحاجة البائع وفقره أو لمرض المشتري.

الجريمة التي أعلنت تفاصيلها أخيرًا، متورط فيها رئيس قسم الكلى بأحد المستشفيات في القاهرة، وأستاذ مسالك بولية وأستاذ تخدير بإحدى كليات الطب ومدير إدارة بأحد معامل التحاليل الطبية، بالإضافة إلى موظفة بمعهد الكلى وممرض وأربعة سماسرة تخصصوا في تجارة الأعضاء.

وهكذا في كل جريمة نكتشف أن المتهمين الرئيسيين أطباء يفترض فيهم الرحمة والإنسانية لكنهم يتجردون من كل هذه المعاني ويتحولون إلى منفذين وسماسرة لأبشع تجارة على الإطلاق!

يستغل سماسرة الأعضاء الفقراء ممن يعيشون تحت خط الفقر، لإقناعهم بالتبرع بأعضائهم، خصوصًا "الكلى"، ويشترون منهم أعضاءهم بثمن بخس لا يتجاوز 30 ألف جنيه، ويدفع المشتري مبالغ طائلة تصل في بعض الأحيان إلى 120 ألف دولار، وهكذا يجني السماسرة وهؤلاء الأطباء مئات الآلاف من الجنيهات في كل عملية.

لا شك أن مصر تتصدى لهذه الجريمة البشعة وتعمل على مكافحتها بشتى الطرق سواء بتشديد الرقابة وملاحقة هؤلاء المجرمين من خلال الأجهزة الرقابية والأمنية الذين يرصدون الإعلانات المشبوهة ويترصدون القائمين عليها، أو من خلال تشديد التشريعات المتعلقة بالاتجار بالأعضاء.

وجاء التعديل بقانون رقم 142 لسنة 2017 على بعض أحكام القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية رادعًا إلى حد كبير لسماسرة الفقر والموت، حيث نص في المادة 17 منه على معاقبة كل من نقل عضوًا بشريًا أو جزءًا منه بقصد الزرع بالمخالفة لأحكام القانون وتسبب في وفاة المبترع بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف جنيه، وبالسجن المشدد لمدة تصل إلى عشر سنوات في غير ذلك.

كما نصت المادة 19 من القانون ذاته على معاقبة كل من نقل بقصد الزرع عضوًا بشريًا بطريق التحايل أو الإكراه بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه وتكون العقوبة الإعدام إذا ترتب على هذا الفعل وفاة المنقول منه أو إليه.

وبالإضافة إلى حزمة عقوبات السجن والغرامة المشددة، يجوز  للمحكمة بحسب المادة 24 اتخاذ تدابير منها، الحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات للأطباء المتورطين، وغلق المنشأة الطبية غير المرخص لها، ووقف ترخيص المنشآت التي تجرى فيها هذه العمليات مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات.

وبالنظر إلى الجريمة الأخيرة، أرى ضرورة تعديل التدابير الأخيرة بإلغاء ترخيص مزاولة المهنة للأطباء المدانين في مثل هذه القضايا وإغلاق المنشآت الطبية التي تتورط في هذه الممارسات نهائيًا. فالمتهمون في القضية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية أجروا نحو 120 عملية جراحية على مدار عامين، في أكثر من مستشفى، لذا يجب اتخاذ إجراءات أشد صرامة حيال هذه المنشآت.

إن بلادنا تبذل ما بوسعها لتحسين حياة جميع أفراد المجتمع خصوصًا الطبقات محدودة الدخل، لذا أتمنى أن تتم توعية فئات المجتمع المختلفة بخطورة بيع الأعضاء البشرية من الناحيتين القانونية والصحية، وعدم الانسياق خلف هؤلاء السماسرة، والاستسلام لإغراءاتهم، حتى لا نترك ثغرة أمام تجار الفقر والحاجة لاستغلال بعض الفئات المحتاجة.

  • محامٍ بالنقض