رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضحايا المستشفيات المهجورة يتحدثون لـ «الدستور»

مستشفيات مجهولة
مستشفيات مجهولة

مع انتصاف ليل ١٥ ديسمبر الماضي، كانت «ندى» 35 عامًا تحمل طفلها الصغير 8 أعوام، على كتفها بعد أن أصيب بكسر في قدمه اليُسرى أثناء لعبه مع جيرانه أمام المنزل، باحثة عن مستشفى قريب تطيب إصابته وتُسكت آهاته، إلا أنها لم تجد مستشفى قريب يسكت آلامه.

«ندى» تقطن في مركز طوخ بالقليوبية، وتقول إن هناك مستشفيات مركزي وتخصصي قريبة لكن المستشفيات العامة تبعد كثير، بعدما تم هدم المستشفى العام خلال العام ٢٠١٦، من أجل تطويره إلا أنه ظل مجهورًا كما هو 

قالت: «المستشفى العام الذي تم هدمه كان يخدم في 50 قرية و239 عزبة، وتعتبر أنها أقرب مستشفى للطريق الزراعي بالقليوبية، وتستقبل عشرات الحوادث يوميًا، المستشفى كان واخد 3 أفدنة ومبني من سنة 1960، وبيخدم كل الأهالي، لأنه المستشفى الوحيد العام القريب من الجميع، وهدموه بس ووعدونا إنهم هيعملوا مستشفى تاني متطور ومفيش حاجة».

نجل ندى هو واحد ضمن آلاف المرضى يعانون يوميًا على أبواب المستشفيات المهجورة أو المعطلة، التي تم بنائها وتركها كما هي بلا أطباء أو خدمات، حتى أصبحت مرتع للحيوانات الضالة، في وقت تراص فيه المرضى على الأبواب.

في آخر إحصاء صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام ٢٠١٨ بلغ عدد المستشفيات في مصر نحو 2062 مستشفى (660 منها حكومي)، بطاقة سريرية تصل 131 ألف سرير، تقدم الخدمة الطبية لنحو 91.5 مليون نسمة.

وفي دراسة لأحد المعاهد الكندية "كوليرز" أكدت أن القطاع الحكومي المصري يمثل ثاني أكبر قطاع فى عدد الأسرة بنحو 41 ألف سرير، بينما يمثل القطاع العام أو شبه الحكومي أكبر قطاع في عدد الأسرة، حيث يوفر حوالي 57 ألف سرير في مصر من خلال 268 مستشفى.

ليست طوخ فقط، فبمجرد أن تطأ قدمك تلك البقعة التي تبعد عن الجيزة 37 كيلو، تشعر كأنك دخلت كوكب آخر، قرية صغيرة سقطت من ذاكرة الزمن، حتى خرجت من نطاق الآدمية وربما نطاق الحياة.

 هنا قرية المنصورية، التي يقطن بها أكثر من 40 ألف مواطنًا، ورغم ذلك حُرمت من وجود مستشفى عام يخدم الأهالي، فلا يوجد بها سوى مستشفى المنصورية الوحيد الذي تحول إلى مبنى مهجور بمرور الأيام، حتى بات نحو 40 ألف نسمة يعالجون من أمراض شتى داخل وحدة صحية بديلة تتساوى في مساحتها مع غرفة نوم عادية.

يحكي قصّة المستشفى الوحيد، عم «رجب» حارس بوابة الوحدة الصحية: «كان عندنا مستشفى عام كبير متجهز بكل التخصصات، من 15 سنة جه نائب ووعدنا بتطويرها، ووقفنا كلنا وراه، لحد ما هدم المستشفى، ومن ساعتها لا حسّ ولا خبر، والمبنى على حاله بالطوب الأحمر، و«شكاير» الرمل المركونة جواره منذ زمن بعيد، لا عمال يبنونّ شيء ولا أطباء يعالجون أحد، فقط مرضى يموتون على الأبواب».

وأضاف: «اشتكينا كتير لرئاسة الحي، لحد ما فتحت لنا شقة في عمارة وقالت دي هتبقي الوحدة الصحية بتاعتنا لغاية ما المستشفى تجهز».