رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: الإسلام دين يخاطب الناس فى كل زمان ومكان

على جمعة
على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إنه بدء الأمة من سيدنا آدم يجعل لقصة الخلق الواردة في القرآن الكريم معنا جليلا، ولا تكون إقرارا لحقيقة أو لواقع فحسب، بقدر ما تكون تأسيسا لمفهوم يبنى عليه الاجتماع البشري، فماذا قالت القصة؟ قالت الحقائق الآتية:  إن آدم من الأرض، فالأرض أذًا أمه وأبوه، ليس شعارا لدعاة الحفاظ على البيئة، بل جزء من تصديق كلمة الله سبحانه وتعالى، وكون آدم من الأرض معناه أنه لابد عليه وعلى أبنائه أن يعاملوها معاملة الابن للوالدين، وأن العلاقة بينهما هي علاقة البر، وكون آدم من الأرض معناه المساواة التي ستكون بين بنيه فهم كلهم لآدم وآدم من تراب كما ورد في الحديث النبوي فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن) [رواه أحمد وأبو داود والترمذي] (والجعلان هي الخنافس).


وتابع "جمعة" قائلا: كون آدم من الأرض معناه أنه سيعود إليها، وأن حياته هنا محدودة بالموت، ولذلك فهي دار ابتلاء واختبار وتكليف، وليست دار خلود وتشريف قال سبحانه: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}، وكون آدم من الأرض يقتضي أنه محتاج إلى غيره وليس قائما بنفسه، وهو معنى قولهم (لا حول ولا قوة إلا بالله) التي ورد في الحديث أنها كنز من كنوز الجنة فعن أبى موسى - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ فإنها كنز من كنوز الجنة). أو قال: (ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة، لا حول ولا قوة إلا بالله) [متفق عليه]؛ حيث تدل هذه الكلمة على حقيقة وجود الإنسان في الأرض، وحقيقة سعيه فيها.


وأضاف "جمعة" إن آدم قد نُفخ فيه من روح الله سبحانه وتعالى، وروح الله مخلوق راق من مخلوقاته، فروح الله، مضاف ومضاف إليه، والإضافة فيها للقداسة مثل قولنا: (بيت الله) و (رسل الله) قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.


وأوضح : إن آدم قد سجدت له ملائكة الرحمن مما يدل على تكريمه قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}،كما  إن آدم يمثل الخير في أصله، في مقابلة الشر الذي عند إبليس، ولذلك من تشبه بآدم فهو خير، ومن انحرف وخالفه وتشبه بإبليس فهو شر. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} ، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }،آدم هُدي النجدين قال الله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} أي طريق الخير وطريق الشر.


وأضاف: هذا ما يسمى بمبدأ عالمية الدعوة الذي يعني أن الإسلام دين جاء بنسق مفتوح يخاطب الناس في كل زمان ومكان، وهذا لا يوجد في كثير من الأديان، بل في جلها، وقد تتفرد المسيحية بعد بولس الرسول بهذه الخاصية، فلقد كان النبي يرسل إلى قومه خاصة، حتى إذا ما جاء النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم أرسل للناس أجمعين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) ، وقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (فضلت على الأنبياء بست: (أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدًا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون).