رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السياحة المصرية تدفع معدل الاقتصاد لأسرع معدل نمو فى 20 عامًا

بعد تطوير وافتتاح طريق الكباش للمرة الأولى منذ اكتشافه قبل نحو مائة عام، ينطلق قطاع السياحة المصرى بكثير من الأمل والرجاء أن يكون عام ٢٠٢٢ أفضل من العام الجارى والسابق، ومع هذا الأمل يقبع الكثير من القلق والحيرة والارتباك بدافع من الأزمة العالمية التى تستمر للشهر الخامس على التوالى، وليس هناك آفاق منظورة للحل وانتهاء هذه الضبابية.

ما يجعلنا متفائلين وواثقين فى قدرتنا على المناورة واستمرارنا الناجح فى تفادى الأزمة الحالية هو تنوع الاقتصاد المصرى، وأن مواردنا ليست منحصرة فى قطاع بعينه، مما جنبنا الكثير من ويلات ما يحدث حول العالم آخر عشرين شهرًا، مما دفع الاقتصاد لتحقيق معدل نمو ٩.٨٪ فى الربع الثالث من العام الجارى «الربع الأول من العام المالى»، والربع المقصود هنا يعنى شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر ٢٠٢١، مقارنة بنفس الشهور فى ٢٠٢٠.

إذن أول طريقة لمعرفة ما إذا كنا نتحسن أم نتراجع هو المقارنة بأنفسنا فى فترات سابقة، ومعدل النمو بـ٩.٨٪ يعنى أننا نتحسن مقارنة بعام مضى، والطريقة الثانية أن نقارن أنفسنا بغيرنا من دول العالم فى نفس الفترة الزمنية، أى الربع الثالث، وقد وجدنا الآتى:

■ الصين: نمو بـ٤.٩٪.

■ الولايات المتحدة: نمو بـ٤.٩٪.

■ بريطانيا: نمو بـ٦.٦٪.

■ دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية: نمو بـ٤.٥٪

■ دول الاتحاد الأوروبى: نمو بـ٣.٩٪.

■ تركيا: ٧.٥٪.

■ المكسيك: ٦.٣٪.

■ كوريا: ٤٪.

إذن الطريقة الثانية تثبت أننا ما زلنا على الطريق السليم وأفضل من دول ناشئة ومتقدمة فى مناطق جغرافية متنوعة وظروف مختلفة، الطريقة الثالثة والأخيرة أن نقارن المسار الذى نسير فيه حاليًا بالمسار الذى نستهدفه، وفى هذا الإطار تستهدف الحكومة الوصول إلى معدل نمو للعام المالى الجارى بأكمله عند ٥.٥٪ إلى ٥.٧٪.

هل هذه المعدلات المرتفعة من النمو تعنى أن جميع المصريين يشعر بها بشكل مباشر؟

بالتأكيد لا، مجتمع كبير مثل المجتمع المصرى يتكون من أكثر من ١٠٠ مليون نسمة يعنى أن الثمار الاقتصادية تحتاج إلى وقت للوصول إلى كل الناس، لكن أول من يشعرون بتحسن حياتهم هم الفئات المنخرطة أو المرتبطة بما يلى:

■ المصريون القاطنون بمناطق مشروع «حياة كريمة.»

■ الشركات الخاصة المرتبطة بعقود فى مشروعات حكومية للبنية التحتية.

■ شركات التشييد والبناء من القطاع الخاص المسندة إليها مشروعات المدن الجديدة وهيئة المجتمعات العمرانية.

■ الشركات التى تقدم خدمات السياحة: المطاعم والفنادق والمولات التجارية والمقاهى والمسارح وكل قطاعات الترفيه والسفر.

■ مصانع الأدوية ومستحضرات الصيدليات.

■ الشركات المتخصصة فى تقديم الحلول التكنولوجية والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والاتصالات والبيانات.

لننظر معًا إلى معدلات النمو القطاعية فى الربع الثالث:

■ قطاع الفنادق والمطاعم: نمو بـ١٨٨٪.

■ قناة السويس: نمو بـ٢٠٪.

■ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: نمو بـ١٦.٣٪.

■ قطاع الصناعات التحويلية: نمو بـ١٥.٢٪.

■ قطاع التشييد والبناء: نمو بـ١٠.٥٪.

وبذلك نرى أن كل الشركات والأنشطة التجارية المرتبطة بتقديم خدمات السياحة، من فنادق ومطاعم ومولات وبازارات ووكالات سفر وخطوط طيران وشركات تأجير طائرات، كلها مجتمعة قد استطاعت أن تدفع الاقتصاد وتجره لتحقيق أسرع معدل نمو ربع سنوى لم نشهده منذ عقدين من الزمان، بمعدل بلغ ١٨٨٪.

لِمَ نبرز الدور الاقتصادى للفعاليات السياحية مثل حفل طريق الكباش؟

لأننا لو عدنا بضعة أشهر للوراء سنجد أن حفل موكب المومياوات الملكية قد أسهم بشكل كبير وواضح فى دفع إيرادات السياحة فى الربع الذى تلا الحفل مباشرة، لتصل إلى ١.٧ مليار دولار فى فترة أبريل ومايو ويونيو ٢٠٢١، مقارنة بـ١.٣ مليار دولار فى فترة يناير وفبراير ومارس، بزيادة قدرها ٤٠٠ مليون دولار.

لكن لم يكن الاقتصاد مرهونًا بقطاع السياحة فقط، بل كان هناك دور كبير لأهم ممر ملاحى فى العالم: قناة السويس، وكذلك الصناعات التحويلية وقطاع التشييد والبناء وغيرها من القطاعات التى شكلت مجتمعة قوة دافعة للاقتصاد المصرى.. إذن الاقتصاد المصرى يستفيد من الطفرة التى تعيشها السياحة المصرية، لكنه غير مرهون بها، بدليل أنه فى الفترات السابقة التى شهدت كسادًا للفنادق والمطاعم كنا لا نزال نحقق نموًا إيجابيًا للاقتصاد بشكل عام. خلاصة القول، إن قطاع السياحة هو قطاع حساس للغاية، يركد ويتدهور حاله بضربة واحدة، وكذلك ينمو ويتوسع ويزدهر قبل أى قطاع آخر بمجرد تحسن الظروف المحيطة، لذا فإن الاستثمار فيه ودعمه وتعزيز محركات نموه يؤتى ثماره سريعًا قبل أى صناعة وسوق أخرى، بالتالى فإن حفل طريق الكباش وإخراجه بشكل يليق بمصر ويشاهده كل العالم سوف يسهم مساهمة كبيرة فى تدعيم إيرادات السياحة الفترة المقبلة، ونتمنى أن يكون الأثر أكثر روعة من حفل موكب المومياوات.