رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمى لمكافحة العنف ضد المرأة

وسط ازدياد جرائم العنف ضد النساء والفتيات فى السنوات الأخيرة «التى طالت كل بلدان العالم الغنية والفقيرة فى الشمال والجنوب والشرق والغرب» يجىء الاحتفال هذا العام باليوم العالمى لمناهضة العنف ضد المرأة فى الخامس والعشرين من نوفمبر ولمدة ١٦ يومًا الذى أقرته الأمم المتحدة فى عام ١٩٩٩.

إن التجريف الذى طال المجتمع المصرى منذ سبعينيات القرن الماضى لم يكن تجريفًا للسياسة والاقتصاد فقط، ولكنه كان تجريفًا اجتماعيًا وثقافيًا طال أيضًا منظومة متكاملة من القيم والأخلاق والأفكار، مما أدى لتغلغل الأفكار الظلامية والمتشددة التى لا علاقة لها بالمفهوم الصحيح للدين، وأدى أيضًا لسيطرة قيم الاحتيال والمحسوبية والفساد، وسادت ثقافة مجتمعية تكرس التمييز ضد المرأة التى كان من نتائجها ازدياد ارتكاب جرائم ضد المرأة «التحرش، وختان الإناث، وزواج القاصرات، والحرمان من التعليم، والعنف الأسرى ضد الزوجة والأطفال».

يجىء الاحتفال هذا العام وسط ازدياد العنف والتمييز ضد المرأة فى كل الدول بدءًا من تعرضها للعنف الأسرى والمجتمعى، مرورًا بالعنف الناتج عن الهجرة غير الشرعية، والصراعات والنزاعات والحروب التى تؤدى إلى النزوح واللجوء والإقامة فى مخيمات تفتقر لأبسط مظاهر الحياة من توافر مياه نظيفة وأدوية وغذاء، يعيشون تحت شدة حرارة الصيف وشدة برودة الشتاء وأمطاره، وانتهاءً بمواجهة فيروس كورونا الشرس الذى أدى لزيادة العنف الأسرى ضد المرأة لثلاثة أضعاف بعد اجتياح الفيروس وفقًا لتصريح الأمين العام للأمم المتحدة. كما أدى لفقدان الملايين من سكان العالم لوظائفهم.

كل هذا بجانب ما تتعرض له الأسيرات فى سجون الاحتلال الصهيونى من عنف وقهر وتعذيب ومنع الزيارات والأدوية، بجانب تعرض النساء والأطفال والمسنين الفلسطينيين لجرائم الطرد من منازلهم وتدميرها واقتلاع زراعاتهم على يد العدو الصهيونى الغادر. 

كما يجىء الاحتفال هذا العام مع تزايد العنف ضد المرأة فى بلدنا وفى منطقتنا العربية رغم محاولات عديدة ووضع تشريعات وتغليظ العقوبات لمواجهته، وذلك نتيجة لاستمرار ثقافة مجتمعية ظلامية متخلفة لا ترى فى المرأة غير الجسد، مما يعرض النساء والفتيات للتحرش بجميع أشكاله، سواء فى الأسرة أو الشارع أو المدارس والجامعات أو أماكن العمل.

لذا بادر، منذ عام ٢٠١٨، العديد من منظمات المجتمع المدنى المهتمة بقضايا المرأة فى عمل مشروع متكامل موحد لمكافحة العنف ضد المرأة «مؤسسة المرأة الجديدة، ومؤسسة قضايا المرأة، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، ومركز وسائل الاتصال من أجل التنمية، وتدوين لدراسات النوع الاجتماعى، ومبادرة المحاميات المصريات» ومعها النائبة البرلمانية نادية هنرى. لقد عملت تلك المنظمات معًا على وضع قانون متكامل يتضمن جميع جرائم العنف. نتمنى تقديم هذا المشروع لمجلس النواب فى الدورة الحالية ومناقشته وعمل أوسع حوار مجتمعى حوله من أجل إصداره فى وقت قريب.

ونطالب بـ:

إقرار قانون موحد لمكافحة العنف ضد المرأة.

إنشاء مفوضية عدم التمييز الدستورى وفقًا لما جاء بالمادة ٥٣.

تفعيل وتنفيذ القوانين والتشريعات والعقوبات الخاصة بجرائم العنف ضد المرأة.

توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية رقم «١٨٩» لسنة ٢٠١٨ الصادرة من الأمم المتحدة بشأن «حماية العاملات فى المنازل».

توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية رقم «١٩٠» لسنة ٢٠١٩ الصادرة من الأمم المتحدة بشأن «مناهضة العنف فى أماكن العمل».

إن المرأة المصرية، الأم والأخت والخالة والعمة والابنة والزوجة والجدة، التى تتقدم الصفوف والمواقع وتشارك فى بناء ونهضة وتقدم بلدنا مصر وتقدم فلذات أكبادها من الأبناء شهداءً فى سبيل تحقيق الأمن والأمان والعزة والكرامة، ستستمر رافعة راية النضال لتغييرالثقافة المجتمعية التى تميز ضد النساء من أجل مجتمع الكرامة والحرية والمساواة والمواطنة، ومن أجل عالم خالٍ من العنف.