رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجمهورية الجديدة وصناعة الأحداث الكبرى

أصبحت مصر خلال السنوات السبع الماضية تنافس نفسها في المشروعات العملاقة كما وكيفا، فكل واحد من تلك المشاريع إذا ما تم إنجازه في دولة من تلك الدول ذات الاقتصاد العملاق والموارد الضخمة تظل أجهزة إعلامها تتباهى به وتستعرض قدراتها ولا يخفى على كل ذي عينين ما تم إنجازه على مستويات عديدة وفي قطاعات مختلفة في ريف مصر وحضرها.
كانت قناة السويس الجديدة هي باكورة تلك المشروعات، ثم مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، وهذه هي المدن الجديدة التي تتمثل في العاصمة الإدارية الجديدة، علاوة على مدن العلمين الجديدة، توشكى الجديدة، الفرافرة الجديدة، بورسعيد الجديدة، سوهاج الجديدة، أسيوط الجديدة، ومدينة دمياط الجديدة وغيرها، فضلا عن مدينة دمياط للأثاث.
وفي مجال الزراعة واستصلاح الأراضي كان هناك مشروع تنمية المليون ونصف المليون فدان ومشروع الاستزراع السمكي في بركة غليون بمحافظة كفرالشيخ.
وفي مجال الترويج السياحي والعناية بالآثار شهدنا افتتاح متحف الحضارة، والذي تم افتتاحه بحضور السيد رئيس الجمهورية، إذ كان في شرف استقبال موكب المومياوات الملكية التي تم نقلها من المتحف المصري بالتحرير إلى حيث مقرها الجديد بالفسطاط بحرفية شديدة، وتنسيق رائع وتنظيم احترافي نال احترام الجميع في مصر وخارجها،  ولا نزال في انتظار افتتاح المتحف المصري الكبير في رحاب الأهرامات بحضور عدد من زعماء العالم وكبار نجومه، في تنسيق يهدف للترويج للحدث ولمنتجنا الثقافي والحضاري برؤية وطنية خالصة ومخلصة تتسق وهذه الطفرة العمرانية والإنشائية والتسويقية لمصر الجديدة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ثم جاء الحدث الأحدث الذي شهدته مدينة الأقصر بافتتاح مشروع إحياء "طريق الكباش" مساء يوم الخميس، في دليل جديد يؤكد ما ذكرته آنفًا من أن مصر تقدم رؤية جديدة لتسويق منتجها وتحسن تسويقه للعالم كله، موكب طريق الكباش هذا الذي أبهر العالم كله بدقة تنظيمه وبطريقة تصويره وبروعة موسيقاه وبحرفية التنسيق بين كل عناصره، ومصدر انبهار العالم هو هذه العناية الفائقة بكل شيء في الاحتفالية والدقة التي راعاها المنظمون وحسن توزيع الأدوار، بحيث أدى كل عنصر من عناصر المنظومة مهمته بنجاح واحترافية.
والرسالة الواضحة التي تركها احتفال موكب المومياوات الملكية قبل أشهر قليلة في القاهرة، ثم مشروع "طريق الكباش" قبل ساعات في الأقصر هي رسالة أكبر من مجرد حدث احتفالي، أو حتى فعالية ثقافية كبيرة قادرة على جذب انتباه السياح لمناطق الجذب في مصر، فبعد سنوات من الجمود جراء فيروس كورونا الذي اجتاح العالم وأثر في الحركة السياحية في العالم كله وليس في مصر وحدها، جاءت رسالة مصر من الأقصر لتقول- بإيجاز شديد وبوضوح مبهر- إن في مصر جمهورية جديدة توشك أن تعلن عن نفسها وتلك إرهاصات التدشين فنحن أمام جمهورية تحترم مواطنيها وترحب بضيوفها وتعتني بتراثها وتحسن ترويج منتجها الثقافي والحضاري.
والأهم من هذا - من وجهة نظري المتواضعة - أن تتواكب كل تلك المنجزات مع حملة إعلامية قومية تتضافر فيها كل وسائل الإعلام الوطنية، مقروءة ومسموعة ومرئية، حملة تستهدف  توعية المواطن المصري بواجبه نحو وطنه من حيث حسن استقبال ضيوفه والعناية بتراثه الحضاري والاهتمام بمستوى نظافة مرافقه.
وعلى مؤسسات الدولة أن تبذل مزيدا من الجهد في ضبط السلوكيات العشوائية في الشارع المصري بداية من القضاء على كل مظاهر البلطجة وثقافة التوك توك التي كادت أن تحكم سيطرتها على الشارع، مصر تستحق من الجميع، أفرادا وجماعات ومؤسسات، بذل مزيد من الجهود في سياق ضبط الشارع.
وهنا أتذكر حملة قديمة نظمها التليفزيون المصري قبل عقود شاهدنا فيها إعلانات تدعو لضبط السلوكيات العامة وتنظيم التعامل في الشارع والحفاظ على الصحة العامة، حملة قدمها التليفزيون المصري بحرفية شديدة وبمساعدة نجوم الصف الثاني في زمنهم.
أما اليوم فقد صار لدينا نجوم كبار يبادرون بدعم الدولة ولديهم الاستعداد لمساندة الوطن بما يملكون وهو شعبيتهم وجماهيريتهم، ويقيني أن مصر القادرة على صناعة الأحداث والفاعليات الكبرى، كما رأينا في الأقصر للتو وقبلها ما تابعناه في قلب القاهرة ونقل المومياوات لهي قادرة أيضًا على التخلص من الشوائب العالقة بهذا الثوب الجديد الذي قررت أن ترتديه وهي تخطو نحو جمهورية جديدة تتجاوز سلبياتها لتبني أمجادا جديدة تبهر العالم كل يوم.