رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الأوقاف: مؤسساتنا الدينية ليست «كهنوتية».. ومهمتها البيان لا الحساب

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن “النص المقدس شيء والفكر البشري شيء آخر، ولا يجوز إنزال أحدهما منزلة الآخر، فإنزال المقدس منزلة الفكر البشري جناية على الدين وعلى النص المقدس، وإنزال اجتهادات العلماء والفقهاء والمفكرين والكتاب منزلة النص المقدس سبيل الجمود والتحجر والخروج عن طريق الجادة”.

وأضاف “جمعة”، في تصريحات له: أن “عالمنا المعاصر يموج بثقافات متعددة، ما بين مدارس فكرية وعلمية وفلسفية كلها تثرى حياتنا الواقعية، فإن من أصيبوا بالجمود الفكري يقفون عند مراحل محددة من الفكر البشري لا يتجاوزونها، وينحازون لكل قديم لمجرد قدمه فحسب، حتى في الفكر والأدب والإبداع، فهم يُؤْثرون كل قديم على كل حديث”.

وتابع:"وهو ما تصدى له كثير من علمائنا كُتَّابًا ومفكرين وفلاسفة بالنقد والتفنيد، مؤكدين أن الله (عز وجل) لم يؤثر بالعلـم، ولا بالفقه، ولا بالاجتهاد، ولا بالشعـر، ولا بالإبداع قومًا دون قوم أو زمانًا دون زمان، أو مكانًا دون مكانٍ".

وواصل:"ولذا فإنهم لا يقدمون القديم لمجرد قدمه، ولا يبخسون الحديث أو المعاصر حقه لمجرد حداثته أو معاصرته، إنما الميزان عندهم منطقي موضوعي، وهو ألا ننظر إلى من قال وإنما إلى ما قال، فالحكم على العمل لا على صاحبه، وعلى النص لا على القائل، وعلى الإبداع لا على المبدع، ولكل جواد كبـوة، ولكل عالم زلة، ولكل مبدع سقطـة أو هفوة، والكمال لله وحده، والعصمة لأنبيائه ورسله".

واستطرد:“وفى المقابل ثمة فريق آخر أسرف في حداثته وإطلاق العنان للعقل البشرى حتى ذهب إلى رفع القداسة عن المقدس، وإنزال النصوص المقدسة منزلة النصوص البشرية القابلة للنقد والتفنيد، ويذهب البعض - وبخاصة في الجماعات المتطرفة - إلى إنزال شيوخهم وأمرائهم ومرشديهم منزلة القرآن الكريم أو أشد منزلة جهلًا وحمقًا”.

 ولفت إلى أن "أكثر شباب الجماعات المتطرفة يجعلون كلام مرشدهم فوق كل اعتبار، وهو المقدس الذى لا يرد، ولا مجال للتفكير أو إعمال العقل فيه، على أن أحدهم قد يجادلك فى فهمك للنص القرآنى إن تناقض مع شيء من كلام شيخه أو مما دُسَّ له عبر كتبهم ومحاضراتهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم، ولا يسمح لك أن تناقضه أو تناقشه فى كلام شيخه المقدس لديه، فقضية تأليه البشر أو تقديسهم، أو رفعهم إلى درجة المهـديين المنتظرين عند هؤلاء المتطرفين أمر فى غاية الخطورة على التفكير المنطقى السليم ".

وأكمل:"وأننا نفرق - تفريقًا واضحًا لا لبس فيه - بين إنزال الناس منازلهم وإكرام العلماء وبين تقديس البشـر أو محاولة تقديسهم أو إضفاء هالة من التقديس عليهم، تُصَوِّرُ نقد كلامهم على أنه نقد للإسلام وطعن فى فهم صحيح الكتاب والسنة، مع أن كل البشر بعد المعصوم (صلى الله عليه وسلم) يؤخذ منهم ويرد عليهم فى ضوء أدب الحوار ومراعاة أصوله؛ ولذا نؤكد دائمًا أن مؤسساتنا الدينية ليست مؤسسات كهنوتية ولا ينبغى أن تكون أو تقترب من ذلك، كما أنها ليست محاكم تفتيش، فمهمتها البيان لا الحساب" .

واختتم وزير الأوقاف تصريحاته:"وأؤكد على حاجتنا إلى مزيد من إعمال العقل فى فهم النص فى ضوء معطيات الواقع والحفاظ على ثوابت الشرع الشريف، وإلى مزيد من الاهتمام بالأبعاد الثقافية المختلفة، والتوازن فى حياتنا بين دراسة العلوم التطبيقية والبحثية ودراسة علوم النفس والاجتماع والفلسفة والآداب والتاريخ والحضارة والعمران، فالمجتمعات فى حاجة إلى هذا وذلك وإلى كل فكر إنسانى يفيد البشرية فى شئون دينها أو شئون دنياها" .