رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المارونية فى عيد القديس متى: حيث كثُرت الخطيئة فاضت النعمة

شيحان
شيحان

يحتفل الموارنة في مصر بحلول عيد مار متى الإنجيليّ والرسول وتمت مراسم الاحتفال في شكل القداس الالهي الذي تخلله عظة القيت على مسامع المحتفلين حملت شعار "التبعية".

وقالت الكنيسة المحتفلة إن القديس متى كان مُوَظَّفاً لِجِبايَةِ الضَرائِب في كَفَرْناحُوم. وَقَدْ إتَّبَعَ المَسيح الذي دَعاه، وَكانَ شَاهِداً لَهُ في حَياتِهِ وَألآمِهِ وَمَجْدِهِ. أرجح الظن أنَّه كَتَبَ إنْجِيلَه بادِئ ذي بِدِء بِاللُغَةِ الآرامِيَة العامَة في فِلَسْطين، وَنُقِِلَ الإنْجِيل الى اللُغَة اليونانِيَة، وأنَّه َقَد فُقِدَ النَّص الآرامي وَلَـم يَبقَ إلاَّ اليوناني. مِيزَة هَذا الإنجيل هُوَ أنَّ مَتَّى قَد كَتَبَهُ لليَهود في فِلَسطين مُبَيِّناً لَهُم أنَّ يَسوع هو الذي وَعَدَ بِهِ الأنْبِياء، وَأنَّهُ يُتَمِّم الكُتُب والنُبُؤات.

وَيُحَذِّرُ مَتّى المَسيحيين الأوَلين مِن الفِرّيسيين، الذين حارَبوا المَسيح وَيَحاربون تَعاليمَهُ وَالـمُؤمنين بِهِ، مِن أَجْلِِ مَصْلَحَتَهُم الخاصَة بَعيدين عَن تَفسير الكُتُب. يَقول التَقليد إنَّ مَتّى بَشَّرَ بِلاد الحَبَشَة وإنَّهُ إستُشْهِدَ في أواخِر القَرنِ الأوَل.

وبالعودة الى خطاب الكنيسة للمحتفلين والمعروف باسم العظة، فنجده جزء من العظة 30 التي كتبها القدّيس بطرس خريزولوغُس الذي عاش في الفترة نحو 406 - 450، وهو أسقف رافينا.

وتقول العظة التي تحدث أيضا عن القديس متى: "كان وضع الجابي التعيس، وهو جالسٌ في بيت الجباية، أسوأ من وضع المقعد الذي كلّمتكم عنه سابقًا (مر 2 :1 وما يليه). في حين أن أحد الرجلَين مصاب بشللِ جسدي، فإن الآخر مصاب بشلل نفسي: فالأول يعاني من تشوّه في أعضائه بينما الثاني يعاني من تشوّه كامل في أخلاقه. 

نرى الرّجل الأول يتألم كونه سجين جسده فيما الرجل الثاني كان جالسًا أيضًا لأن نفسه وجسده مسجونان. وإذا ما كانت آلام المشلول جسديًّا تصيبه رغمًا عنه، فإن الجابي هو من جعل من نفسه، وبملء إرادته، عبدًا للسوء والخطيئة. والجابي، رغم اتهام الكل له بالطمع، كان يرى نفسه بريئًا، في حين أن المقعد، وسط كل جروحاته، كان يعرف نفسه خاطئًا. كان الجابي يزيد أرباحه، الربح تلو الآخر، وكانت كلّها خطايا، في حين كان المقعد يمحي خطاياه بأنين ألمه.

وتضيف:"لهذا السبب، الكلمات الموجّهة للمقعد هي صحيحة: "يا بُنَيَّ، غُفِرَت لكَ خَطاياك"، لأنه بآلامه، كان يكفّر عن أخطائه. أما للجابي، فقال له الرّب: "اتبعني!"، وكأنه يقول: "ستُصلح حياتك وأنت تتبعني، أنت من فقدت ذاتك وأنت تتبع المال".

وتختتم:"قد يتساءل البعض: لماذا نال الجابي، الأكثر ذنبًا على ما يبدو، الهبة الأعظم؟ وأصبح بالتالي رسولًا أيضًا.. فهو نال الغفران وحصل على نعمة منح الباقين العفو عن خطاياهم، وأنار الأرض كلها بشعاع نشر الإنجيل؛ بينما المُقعد، بالكاد ظهر لائقًا بنيل الغفران فحسب. أتريد أن تعلم لماذا نال الجابي نعمةً أكبر؟ لأنه، بحسب القديس بولس: "حَيثُ كَثُرَتِ الخَطيئَةُ فاضَتِ النِّعمَة".