رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«إرادة حواء».. حكايات نساء يسترزقن من سياراتهن الخاصة (صور)

إرادة حواء
إرادة حواء

هناك عدد ليس بالقليل من الأعمال التي رسخت في الذهن على أنها خاصة بالرجال فقط ولا يمكن للنساء القيام بها، ومجرد التفكير في ذلك تجد رفضًا كبيرًا من الأهل قبل المجتمع، لكن هذا الأمر تبدل بشكل كبير في العقود الأخيرة، وأصبح من الممكن أن نرى نجارة وحدادة وسواقة، مع ترحيب من البعض ورفض من البعض الآخر، فعلى الرغم من عدم اقتناع الكثيرين بأن المرأة من الممكن أن تقدم على الأعمال الشاقة الصعبة، إلا أنها تصر على إزالة هذه الصورة الذهنية حولها والتأكيد على كونها تستطيع القيام بكل شيء، شأنها شأن الرجل وربما أفضل.

“الدستور” التقت نماذج نسائية قررت التمرد على أفكار المجتمع، واقتحام عالم التوصيل أو السواقة بمختلف صوره، سواء كان السواقة لتوصيل الأشخاص عبر التطبيقات المعروفة، أو توصيل الطلبات من وإلى الآخرين.

واختلفت الغايات من هذا العمل بين من تريد أن تثبت للعالم من حولها أنها تستطيع فعل كل شيء، وبين من فرضت عليها الظروف وضعًا صعب تطلب معه خوض سوق العمل من خلال هذه المهنة وليس غيرها.

رضوى محمد: لا أبالي بالتعليقات السيئة

رضوى محمد فتاة في منتصف العشرينيات من عمرها من محافظة الزقازيق، خاضت ذلك المجال الذي نعتبره إلى حد ما حكرا على الرجال، حيث تستخدم منذ ثلاث سنوات سيارتها الخاصة من أجل توصيل الأشخاص إلى الأماكن التي يريدونها، وكذلك تقوم بتدريب الفتيات على القيادة من أجل امتهان حرفة لهن فيحصلن منها على دخل يومي، أو من أجل أنفسهن للترفيه ومساعي الحياة الشخصية. 

“رضوى” خريجة ليسانس آداب اجتماع لكنها لم تفضل العمل كأخصائية اجتماعية بقدر رغبتها الجارفة في القيادة، وكانت في البداية تسخدمها من أجل الفتيات فقط، حيث لم يكن الأمر منتشرا حينها بالقدر الذي هو عليه الآن، وعليه فكان لديها مخاوفها الخاصة ودوافعها للعمل على فئة بعينها.

وقررت بعد ذلك العمل كمدربة قيادة، والتحقت بمدرسة الأكرم للعمل بها قرابة 10 أشهر، لكنها في النهاية خلصت بأن يكون لها جروب خاص على الفيسبوك تقدم فيه نصائحها وإمكانياتها وخدماتها من أجل التدريب، وبالفعل استطاعت الوصول إلى شريحة كبيرة كانت مجهولة، كن يريدن الدافع، والوسيلة، فعندما ينطوي الأمر على فتاة تقوم بالتدريب، ذلك سوف يسمح لعدد كبير بالالتحاق من أجل عاملي الأمان والخصوصية.

تقول رضوى خلال حديثها  لـ "الدستور" أنها تعمل من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء في إدارة مشاوير الآخرين، أو تدريب الفتيات والسيدات على قيادة سيارتهن الخاصة، والاعتماد على أنفسهن، وبالفعل أشعر بسعادة غامرة عندما أنتهي من تدريب إحداهن بنجاح، وتكون قادرة على السفر، والقيام بمساعي الأطفال الصغار.

لكن في نفس الوقت أشعر أحيانا بأنه يتوجب عليا أن استدعي روح الأخصائية النفسية بداخلي، بسبب تخوف بعض الفتيات على التدريب بعد إبداء رغبتهن في الٌإقبال على الأمر، لذلك هن يكن في حاجة إلى بعض من كلمات الدعم والتحفيز، حتى يثابرن، ويحققن شيئا مختلفا بعيدا عن المعتقدات الخاطئة كون الفتيات لايستطعن القيادة بشكل جيدة، ويحتجن لفترات كبيرة من التدريب.

وواجهت العديد من الصعوبات والتنمر كونها مهنة شاقة للغاية، ولكن لم تستسلم للتعليقات السلبية، فهي تحب تلك المهنة كثيرا، وتشعر بالسعادة عندما تُحقق إنجازًا جديدًا.

 

رضوي محمد 

 

سارة السيد: "تجربتي مع السواقة جاءت بعد الطلاق وخسارة كل شيء"

قبل ثلاث سنوات تقدمت سارة السيد، اسم مستعار لسيدة ثلاثينية، إلى تطبيق شهير يقوم بتوظيف كل من يمتلك سيارة خاصة للعمل على توصيل المواطنين من خلال التطبيق الخاص بهم، إلى هنا تبدو التجربة عادية، ولكن هذا يخفي ورائه مشوار كبير من المعاناة عاشته سارة.

البداية كانت عندما قرر زوجها الطبيب التخلي عنها هي وأطفالها الثلاث بعد خمسة عشر عامًا من الحياة الزوجية، ووجدت نفسها فجأة بعد أن كان لديها بيت كبير وخدم، عرضة إلى الانتهاكات المختلفة بعد أن فقدت كل شيء.

وبعد فترة كبيرة من التخبط، نتيجة عدم قدرتها على التعامل مع الآخرين، بسبب قلة خبرتها في الحياة، قررت أن تقوم بتحويل سيارتها الكبيرة إلى سيارتين أصغر وفتح مكتب لتعليم السواقة، قامت بإدارتها بنفسه، حتى تعرضت لأزمة مالية اضطرتها إلى بيع أحد سيارتها وغلق المدرسة.

"بعد ما قفلت المدرسة سمعت عن تطبيق التوصيل ومكنش عندي حل غير أني أقدم فيه بالعربية الوحيدة اللي فاضله عندي"، تقول "السيد"، مشيرة إلى أنها اتجهت إلى هذا العمل بعد أن فقدت الأمل في كل شيء، وتفاقمت عليها الديون، وأصبحت تعمل قرابة الـ20 ساعة في اليوم، أكثر من تحمل أي رجل، حتى تكفي طلبات أولادها الذي يدرس أكبرهم الهندسة في ماليزيا، وتقوم من خلال ما تبقى بتسديد ديونها.

ثلاث سنوات شاهدت خلالهم السيدة الثلاثنية ألوان مختلفة من البشر، تنوعوا بين المنبهر بعملها ومشجع لها، وبين مستغرب ومتنمر، وفي جميع الأحوال هي لاتزال مستمرة في عملها، لتلبى احتياجات أولادها، رغم التعب الشديد الذي أصابها نتيجة العمل لساعات طويلة، "ربنا يساعدني عشان أكمل رسالتي في الحياة تجاه أولادي".. اختتمت السيدة حديثها بأنها لا تهتم لسخافات الآخرين وأن ما يعنيها حقًا هو الوصول بأولادها إلى بر الآمان.

شيماء فكري: حصدت الثناء.. وقدمت رحلات للسيدات فقط

شيماء فكري سيدة مصرية لديها أطفال، تعمل موظفة حكومية، لديها من العزيمة والإرادة ماجعلها تتخطى فكرة الخوف من المجهول، كل ما كانت تريده أن توفر حياة كريمة لصغارها بعد وفاة زوجها، وأن تلبي رغباتهم الكثيرة في ظل هذا العالم الذي تتزايد احتياجاته.

"اعمل بالمتاح حتى تجد المفتاح.. كانت تلك النظرية التي سارت عليها شيماء بعد وفاة زوجها وقلة الدخل الذي كانت تتقاضاه، ومن هنا اتجهت إلى استخدام سيارتها الخاصة كمصدر رزق آخر، لتكون وسيلة للتنقل من أجل الفتيات والسيدات فقط داخل المحافظة التي تقطن بها، ثم بعد ذلك بدأت تتنقل خارج الحدود، وتوسعت أمامها الآفاق، وصارت مشهورة على نطاق واسع.

والجميع كان مصدر تشجيع بالنسبة لها، وحتى والديها اللذان لم يكو في البداية يدركان أبعاد الخطوة، لكن مع الوقت تم التفهم تماما، واستطاعت أن تنشئ جروب كبير حصدت منه على الثناء والإعجاب.

وتقول "فكري" في حديثها لـ "الدستور":"بعد فترة من الوقت بدأت كل مجموعة من الفتيات مع نفسهن يطلبن مني أن نقوم بجولة في أماكن مختلفة، وبالفعل ذهبنا إلى مناطق مثل التجمع الخامس والعبور والإسماعيلية والبحيرة..ثم بدأت بتنظيم رحلات للفتيات والسيدات فقط، ونجحت أولهن التي كانت إلى مدينة بورسعيد بأكثر من 100 شخص".

شيماء فكري 

وبعد كل تلك الثقة التي حصدتها قررت أن تقدم برامج للرحلات غير عادية بعكس شركات السياحة، فقدمت رحلات خاصة لليشمك في الساحل الشمالي وكانت أول من يقوم بها، وكذلك لمتحف الحضارة، وجزيرة المعادي، ومهرجان المانجا مع الإعلامية أسما رؤوف ودانا حمدان.

ونظمت حفلات شواء في محافظة الإسماعيلية في مكان خيالي يطل على البحر، وتم تناول الشاي والقهوة والاتجاه في مركب حول القناة، لتحصد بذلك النجاح الذي كانت تحلم به وتضيف إنجازا جديدا بجانب قيادتها السيارة كمصدر للدخل، فالجميع ينتظر رحلاتها، وهى تستمع إلى العديد من المقترحات التي تقوم بتطويرها وتنفيذها.

أما الصعوبات التي واجهتها كانت عدم المصداقية والالتزام من قبل بعض السيدات ضعاف الأنفس، ولكنها واجهت ذلك بحكمة.