رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بكاء دون صوت.. قصة سيدة تعمل بـ«اليومية» لعلاج ابنتها من ضمور العضلات

الزوجة
الزوجة

"بالقلب تبكِ والدموعُ تسبقُها.. بالعين تتحدثُ والكسور تملؤُها.. بالجوف تبوحُ واللسانُ يُصمِتُها.. بالرجفة ترتعشُ والجسمُ يُداريها"، وما هذا إلا همومٌ وأحمالٌ عَلت فوق طاقة الزوجة الثلاثينية "سماح حسن"، وناحت بها عند حديثُها معنا، واشتكت من ثِقليها الذي يؤرقُها، وحالة التعب التي تعيشُها كُلّ يوم من أجل توفير العلاج لابنتها المُصابة بـ"ضمور العضلات".

قبل أعوام، رمى النصيبُ بها في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، لتتزوّج وتعيش حياتها الزوجية هناك، وتبدأ رحلتها الأسرية بين غُرفتين صغيرتين وأخرى يشتركُ فيها "الحمّامُ والمطبخُ"، والصالة التي تتكوّن من ممرّ ضيّق لا يتسع لقدوم زائرين، ومع ذلك ترضى وتصبر ولا غير الله تلجأُ إليه.

أنجبت السيدة، 4 أطفال- من بينهم طفلة مُصابة بضمور العضلات والكهرباء الزائدة- ليتحوّل حُلم الزواج، لكابوسٍ تعيشه بعده ولا يزال يشقّ عليها الآلام والأوجاع، بعد أن ضاق بها الحال وزوجها في مُساعدة أطفالهم وعلاج ابنتهم المريضة بالضمور.

أبنائها

المصير والحياة

مصيرًا مجهولاً كان ينتظر السيدة "سماح"- في الخفاء- قبل انتقالها من بيت أهلها بـ"دمنهور"، إلى بيت زوجها في "دسوق"، واصطدم بها عند أوّل صرخة لطفلتها التي ابتلاها الله بمرض الضمور، ليثّبت القدر أنَّه موجود حقًّا وأنَّه كان ينتظرها طيلة هذه السنوات، دون استئذان.

الزوج يعمل سائق "توك توك"، ويحصل على 50 جُنيهًا يوميًا- هي أجرته- وتلك الجنيهات لا تكفي احتياجاتهم، ولا  يتوفّر منها ما يسد رمق أطفالها ويعالج طفلتهما المُصابة بالضمور، إذ يحتاج علاجها 2000 جنيه أو أكثر شهريًا.

 

ابنتها المصابة بضمور العضلات

خرجت للعمل

لذلك بدأت السيدة في العمل بـ"اليومية" لتوفير مصاريف البيت وتكلفة علاج ابنتها المريضة؛ فتعمل في الصباح "خادمة"، وفي المساء تمسح سلالم العمارات، مُقابل 40 جنيهًا فقط يوميًا، وتقول: "أخرجت ابني من المدرسة لضيق الأموال وليُساعد معنا ويرعى إخوته أثناء غيابي وزوجي عن البيت".

لم تتوقّف دموع الزوجة صاحبة الـ39 عامًا، أثناء حديثها مع "الدستور"؛ ولم تهدأ رعّشتها في الكلام حتى نهايته، ولم يصمت لسانُها أمام الفَلتات التي تؤكد قساوة ظروفها ومعاشاتها الضنّكة. 

تستيقظ الزوجة مبكّرًا لتجهيز الإفطار لأبنائها الأربعة وزوجها، ثُمّ تُلمّ أغراضها البسيطة، وتذهب إلى منزل سيدة تعمل عندها خادمة، "تمسح وتكنُس وتُنظف وتطبخ لها الطعام"، ثُمّ ترجع البيت سريعًا في الواحدة ظُهرًا، تُجهّز الغداء لأبنائها وتطمئن عليهم، وتذهب مرّة أخرى قاصدة سلالم العمارات لتنظيفها ومسحها مُقابل جنيهات بسيطة، تقول: "علشان أقدر أصرف على عيالي".

أمنيتها

يمتدّ عمل السيدة إلى 8 ساعات، تقتضي منهم 40 جُنيّها فقط، تُساعد بهم زوجها من أجل الإنفاق على أبنائها الأربعة، وتوفير القليل من علاج ابنتها "نور" المُصابة بضمور العضلات والتي تحتاج لمصاريف كثيرة.

تحلم السيدة بباب رزق يتكفّل بعلاج ابنتها المُصابة بضمور العضلات؛ فهي كما تقول: "بنتي دي.. هي نور عيني من جوّة"، أيضًا بمعاش شهري ثابت، لتُنفق منه على أبنائها ويكفي الحاجة لمُساعدتهم.. هذا ما تحتاجه من الطيّبين.