رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكاثوليكية» تحتفل بعيد القديس يوشافاط الأسقف والشهيد

كنيسة
كنيسة

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، بعيد القديس يوشافاط الأسقف والشهيد، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلاُ: وُلِدَ "إيڤان (يوحنا) كونساڤتش"، حوالي عام 1580م، بمدينة ڤلاديمير ڤولنسكي بأوكرانيا هو من عائلة "كونساڤتش" إحدى عائلات الطبقة العُليا في المجتمع الپولندي المُسماة كان والده يعمل بمكتب مجلس المدينة، لأنه لم يكن من ذوي الأملاك برغم انحداره لهذه العائلة النبيلة.

وتابع: «تمت معموديته بالكنيسة الشرقية الأرثودكسية، وهي الكنيسة التي تنتمي لها عائلته، وكانا الوالدين يشجعان الفتىَ إيڤان على عيش حياة التقوىَ والنمو الروحي منذ نعومة أظفاره».

وواصل: «التحق بمدرسة في مسقط رأسه - ڤلاديمير ڤولنسكي – وهناك أظهر مستوى دراسي متميز وشغف إيمانياً رغم حداثته، حيث أتقن اللغة الكنسية لبلاده (اللغة السلاڤية)، وحفظ معظم كتاب صلوات الساعات بسبب مداومته على الصلاة منه يومياً، وقد كان تقدمه وشغفه للتكوين الديني شئ نادر لأن الإكليروس لم يكن يعطي الجرعات التكوينية اللازمة في تلك الفترة».

وتابع: «بسبب فقر الوالدين، إتجه الشاب إيڤان للعمل لدى تاجر يُدعى پاپوڤيتش بمدينة ڤيلنوس، وفي تلك المدينة لمس حالة الإنقسام والخلافات بين الطوائف المسيحية المتعددة (الوحدويين واللاوحدويين ، وخلال تلك الفترة تعرَّف إلى يوسف ڤيلامين روتسكي وهو پروتستانتي من الطائفة الكالڤانية، تحوَّل إلى الكاثوليكية فصار بيزنطياً بحسب قوميته، وصار متحمساً لجهود الوحدة مع الكنيسة الجامعة، كان لمعرفة الشاب إيڤان به عظيم الأثر في إنتمائه للكنيسة الجامعة». 

واستكمل: «في العشرينات من عمره – تقريباً عام 1604م – إلتحق إيڤان بدير الثالوث الأقدس الواقع بمدينة ڤيلنوس ، التابع لرهبنة القديس باسيليوس الكبير، وصار اسمه الجديد هو يوشافاط، شاعت أخبار قداسة الراهب الشاب يوشافات، وبدأ في زيارته البسطاء والمُوَقّرين على حدٍّ سواء». 

وتابع: «مع حصول يوشافاط على الرتبة الشموسية، بدأ في الخدمة بالكنسية، وبسبب أمانته وشهادة حياته إنضم عدد متزايد من الدعوات التكريسية لرهبنته، وعام 1609م، تمت السيامة الكهنوتية ليوشافاط، لاحقاً أصبح رئيساً لعدة أديرة، ينشر فيها روح التقوىَ والنُسك والتجرُّد، في أواخر عام 1617م، نال الدرجة الأسقفية، كان إنجازه الأول خلال فترة أسقفيته هو إعادة بناء كاتدرائية القديسة صوفيا في پولوتسك».

وتابع: «كان عطش الأسقف يوشافاط كونساڤتش للوحدة وحياة الشركة و تضميد جراح المسيح، يدفعه للعمل على تحريك المياه الراكدة مهما كلّف الأمر من معاناة، وقد واجه مصاعب شاقة في إقناع السكان المحليين بقبول الاتحاد مع روما، بسبب المعارضة قوية من الرهبان الأرثودكس الذين كانوا يخيفون الشعب من الوحدة، بدعوى أنها ستُدخِل طقوس بيزنطية ستُفقدهم هويتهم ومن ثم خلاصهم الأبدي، مُستغلين ضحالة التكوين الروحي والإيماني للعلمانيين».

وأضاف: «في هذه الحالة لم يعتمد يوشافاط على مجهواته وقدراته الخاصة في الجدل والمحاورة بقدر ما أعطىَ مثالاً جيداً لحياة من يطلب وحدة الكنيسة، فقد كان قادراً على الاحتواء بمحبة ودون تعصب لإختلاف الآخر، دون الذوبان فيه، وهذا العُمق والتوازن كان يرجع لحياة الخفاء الرائعة التي عاشها كراهب وأبٍ أسقف، بتجرُّده ونسكه الذي ساعده على محبة واتضاع صادق ، إكتسب به ثقة عدد غير قليل من الشعب الأرثودكسي الذي رأى الإنجيل المُعاش فتحرر بقوّة من قيود التعصُّب». 

وواصل: «مع وصول المدّ الپروتستانتي إلى منطقة الكومانولث الأوكراني الپولندي، كان عليه استثمار تشوُّه صورة إكليروس الكنائس التقليدية وتورطها في الدماء لصالح التبشير بمذهبه، لكن لم يبقىَ في تلك الفترة من الإكليروس وجهاً يعكس محبة ورحمة المسيح سوى رئيس الأساقفة يوشافاط ، الذي كان داعماً قوياً لثبات كثيرين على محبة الكنيسة والأمل في صحوتها الروحية وعودتها إلى القداسة، لذلك كان يجب التخلُّص منه لإنهاء كل أمل في الكنائس التقليدية وتوريط الكنيسة الأرثودكسية بشكل منطقي في مقتل يوشافاط».

وتابع: «كان على القاتل تدبير جريمة قتل جماعية لا يُدان فيها أحد، فقام بتحريض مجاميع اللاوحدويين على مهاجمة مقر رئيس الأساقفة يوسافات كونساڤتش، وكما كانت علامة يهوذا لتسليم المسيح هي التقبيل الذي هو علامة الودّ والمحبة، كانت إشارة تجمع قطعان القتلة لتنفيذ المهمة اغتيال يوشافاط هي دقّ الأجراس من جميع الكنائس في غير موعد القداسات».

وأضاف: «دقّت أجراس الكنائس من أجل العنف لا من أجل السلام للمرة الأولى في التاريخ، في صباح يوم 12 نوڤمبر 1623م، بحسب الميعاد المتفق عليه، واقتحمت المجاميع المُضَلَّلة مقر رئيس الأساقفة الذي كان بلا حراسة على حسب طلب، وتم جرح عدد من معاونيه المتواجدين في المقر، إلى أن وصلوا لغرفته، فضربه أحدهم على رأسه بعصا، وأصابه إصابة بالغة بينما شقّ آخر جسده بالفأس، وعند سقوطه تبارىَ الجميع في سحقه بالعصيّ، تم سرقة محتويات المقر الأسقفي، مع جذب جثمان الشهيد إلى الساحة للتمثيل بجثته وإهانتها، لعنه الجميع وشتموه، حتى النساء والأطفال، وتهافتوا على إتلاف جثته بكل الطرق، بعدها تم سحله عارياً في طرقات المدينة، حتى وصلوا إلى التلّ المُطِلّ على نهر دڤينا، وهناك قاموا بربط جثمانه بحجارة كبيرة وألقوه في النهر».

واختتم: «تم إعلانه طوباوياً في عام 1643م عن يد البابا أوربانوس الثامن تم إعلانه قديساً في عام 1867م عن يد البابا الطوباوي پيوس التاسع».