رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نص كلمة المستشار محمد فهمي خلال جلسة محاكمة عناصر «خلية الزاوية»

المستشار محمد شيرين
المستشار محمد شيرين فهمي

استهل المستشار محمد شيرين فهمي رئيس محكمة الجنايات نص كلمته، اليوم الأربعاء، خلال جلسة محاكمة عناصر خلية الزاوية الحمراء الإرهابية  بآيات من القرآن الكريم:

قائلا: “بسم الله الرحمن الرحيم ”وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ  ۝ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ۝ " صدق الله العظيم.
وتابع رئيس المحكمة: يعجبك قوله، وانه يدعوا إلى خير، ولكن والعياذ بالله وراء تلك الدعوة الباطلة أعمال سيئة تدل على فساد هذا القول وكذبت تلك الادعاءات، إذ لو كان على حق وهدى لعلم ان احترام الدماء أمر مطلوب من المسلم شرعا، وعلم ان ترويع الآمنين خطره عظيم وذنبه كبير، أعداء الإسلام يريدون ان يبثوا فى الأمة الفرقة والاختلاف، وان ينشروا الفساد والاجرام بين مجتمعاتهم ويسخرون ضعفاء العقول ومن قل إيمانهم وفسدت ضمائرهم وتلوثوا بكل شر وبلاء.

إن هذه الفئة المجرمة وما تقدم عليه من ضرر وبلاء دليل على ضعف الإيمان فى القلوب إذ لو وجد الإيمان صحيح لردع عن تلك الجرائم المفزعة، يتلمسون الأعذار بالبطش ويختلقون الأكاذيب والحرب للحرب والقتل يسكن عقولهم غباء وجهل لا يدركون أنهم بتصرفاتهم الهوجاء يضيعون الوطن ويهشمون نسيجه الرقيق ويقطعون أوصاله.

إنهم لا يدركون شناعة هذه الأعمال وجسيم آثارها على الفرد وعلى الجماعة وعلى الأمة، أهم لا يعبئون بوطنهم، وينفذون مأربهم على حساب مصلحة الوطن ولا تهمهم آلامنا ولا أمالنا رواياتهم كاذبة وحجهم فارغة يسعون فى ضرب عنصرى الآمة ببعضهم البعض يسعون فى نشر الفوضى بين فئات المجتمع لا يعتبرون بأحكام الديانات والشرائع وحقوق الإنسان، فقد حرم الله الإعتداء على من عاهد المسلمين بعقد ذمة أو هدنة أو أمان وأن كل من سالم المسلمين لا يجوز قتاله أو الاعتداء عليه قاتلكم الله أيها المجرمون، يستغلون كل الوسائل لتحريف الواقع وتزيف الحقائق لإثارة الفتنة بين المواطنين ويحرضون على التمرد والإرهاب والخروج عن الدولة وهو أمر لم ترضى به اى دولة تحرص على أمن مواطنيها.

جماعة ملعونة أطلقت على نفسها أسم تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش"  تبنت أفكار متطرفة ومغلوطة من بينها تكفير كل ما يخالف أفكارهم فى المنهج أو العقيدة واستباحة دمه، وتكفير العوام من الناس إذا لم ينضموا إليها ويشاركونهم فى إرتكاب العمليات الإرهابية فضلا عن تكفيرهم لأفراد القوات المسلحة والشرطة فى الدول الإسلامية والعربية ووصفهم بالطواغيت وأعوان الطواغيت بزعم عدم تطبيق الشريعة الإسلامية من منظورهم بما يرتب وجوب محاربتهم والخروج عليهم بالقوة والسلاح واستهدافهم وكافة منشآتهم، فضلا عن استباحة دماء المسيحيين واستهداف كنائسهم.

المتهم محمد أحمد عبد المؤمن المتهم الأول اعتنق هذه الأفكار وروج لها عبر صفحته على موقعى "الفيس بوك والتيليجرام"، ووصل عدد متابعيه غلى الصفحتين إلى 10 ألاف متابع وقد لاقى ترويجه لهذه الأفكار قبولا بين أوساط مخالطيه فأسس عام 2015 خلية إرهابية تعتنق ذات الأفكار بغرض محاربة الحاكم فى مصر وأعوانة من قوات الجيش والشرطة ومهاجمة مؤسسات الدولة وقتل المسيحيين وصولا لإسقاط نظام الحكم فى مصر، وانضم لجماعته يحيى كمال وعبد الرحمن كمال وعمر محمد "متوفى"، وانخرطوا فى انشطتهم وفق تنظيم وترتيب وهم يعلمون بأغراضها الإرهابية.

تلقى المتهمان الثانى والثالث تدريبات على استخدام الأسلحة على يد عمر محمد ووفر المتهم الاول مسكنه بمنطقة الزاوية ليكون مقرا للقائه بأعضاء الجماعة لتدارس أفكار التنظيم وتحديد العمليات العدائية المستهدف تنفيذها ودور كل متهم ووفر المتهم الثانى يحيى كمال مسكنه ليكون مقر لتجهيز وتصنيع المواد المفرقعة وإخفاء الأسلحة النارية، وكلف المتهم الاول الثانى بتصنيع عبوات متفجرة لسهولة استخدمها فى العمليات الإرهابية، ورصد المتهمان الاول والثانى بعض الكمائن الامنية وعدة كنائيس بمنطقة السواح وكورنيش النيل والزيتون وعين شمس بقصد استهدافها والمتواجدون بمحيطها بعبوات مفرقعة إلا أنهم تراجعوا عن التنفيذ لشدة التامين الواقع عليها، وفى غضون شهر أغسطس من عام 2017 خلال عمليات الرصد وقف المتهم الثانى يحيى كمال على ان المسيحيين يتواجدون بكثافة بمحيط كنيسة السيدة العذراء مريم  منطقة مسطرد للاحتفال بمولدها خلال شهر أغسطس من كل عام وعرض الأمر على قائد الخلية، فأمر بأن تكون الكنيسة هدفاً للعملية الإرهابية واتفقوا على زرع العبوة المتفجرة التي صنعها المتهم الثاني في محيط الكنيسة لقتل أكبر عدد من المسيحيين المتواجدين داخل الكنيسة وحولها للاحتفال، وراقبوا موقع الكنيسة سبع مرات قبل التنفيذ، وأصروا على التنفيذ غير عابئين بأرواحٍ قد تُحصد، وبأطفالٍ قد تَتَيَتم، ونساءٍ قد تَتَرمل-كانوا لا يَتَنَاهَون عن مُنكرٍ فعلوه لَبِئسَ ما كانوا يفعلون.

وفي اليوم المحدد للتنفيذ يوم 24 أغسطس 2017، أعد المتهمون العبوة المفرقعة، وجهاز التحكم عن بعد، وتحرك المتهم الأول محمد أحمد عبد المؤمن بسيارته ومعه المتهم الثالث عبد الرحمن كمال دسوقي، وتحرك المتهم الثاني يحي كمال دسوقي بدراجته النارية ومعه عمر محمد(المتوفى)، تحركوا صوب محيط الكنيسة، وتربصوا غَدراً في غَفلةٍ من مرتاديها، يبحثون عن المكان المناسب ليضع فيه عمر محمد (المتوفى) العبوة وسط تجمعهم، ليتولى المتهم الثاني تفجيرها عن بعد باستخدام جهاز التحكم قاصدين من ذلك قتل أكبر عدد من المسيحيين، ووضع عمر محمد(المتوفى) العبوة في مكانٍ مزدحم بالمسيحيين وانصرف، وضغط المتهم الثاني يحي كمال دسوقي على زر التحكم لتفجيرها وقتل مرتادي الكنيسة من المسيحيين المارين بالمكان، إلا أن إرادة الله أبت أن يقتل أبرياء، فأصاب العبوة عطلاً حال بينهم وبين إتمام جُرمِهم، فلم يهدأ بالهم أو يستكين، فالقتلُ والتخريبُ سلوكانِ يَجرِيانِ في دِمائهم مَجرى الشيطانِ من ابنِ آدم، واتفقوا على إعادة محاولتهم في العام التالي، وفي ذات المناسبة الدينية للأقباط، بعد أن توصل المتهم الثاني يحي كمال دسوقي إلى سبب عدم انفجار العبوة، واشترى سترة فوسفورية اللون وخوذة كالزي الذي يرتديه عمال شركات البترول المجاورة للكنيسة ليرتديهما عمر محمد(المتوفى) للتمويه والتخفي.

في صباح يوم 11/8/2018تحرك المتهمان محمد أحمد عبد المؤمن(الأول) ويحي كمال دسوقي(الثاني) وعمر محمد(المتوفى) صوب محيط الكنيسة مستقلين سيارة الأول ودراجة الثاني النارية، ووضع عمر محمد(المتوفى) العبوة داخل حقيبة قماشية، وأحكم وثاقها برباطٍ حول خصره، وارتدى السترة والخوذة، وحمل المتهم الأول سلاحاً نارياً(مسدس) للتأمين، بينما حمل المتهم الثاني جهاز التحكم عن بعد، وفجأة انفجرت العبوة بجسد حاملها ولقي حتفه في الحال قبل أن يضعها حاملها في المكان المتفق عليه فمات وحده.

إنَّ أُولئكَ النَّفرُ الَّذِينَ كانوا وراء تلكَ الأعمالِ البشعةِ الغادرةِ؛ نقول في  وجهِ كُلِّ واحدٍ منهم بلا تَلجلجٍ ولامواربةٍ، إِنَّكمَ يا غُدرُ أبعدُ ما تكونُون عنْ تعاليمِ الإسلامِ السَّمحةِ، وإنْ تَمسَّحتُم بها زوراً وبهتاناً .وإنَّكم لواقفونَ في يومٍ عظيمٍ مُفزعٍ مَهيبٍ أمامَ محكمةِ العدلِ الإلهيةِ، الحَاكمُ فيها ربُّ العالمينَ، القائلُ في كتابهِ المبين (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" ...صدق الله العظيم.

إن المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة، فنظرت الدعوى في جلسات متعاقبة دون التقيد بأدوار الانعقاد، واستمعت لمن رأت لزوماً لسماعه من شهود الإثبات، ووجدت في شهادتهم إحقاقاً للحق وإنارة للطريق أمام المحكمة، لتنطق بالقول الفصل فيها، واستمعت إلى هيئة الدفاع، وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة لتقديم دفاعِهم شفاههً وكتابة، ليطمئن وجدانُها من أنها أعطت كل ذي حقٍ حقَه حققت المحكمة كل قواعد المحاكمة العادلة المنصفة، وتحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات في إطار الشرعية الإجرائية، التي تعتمد على أن الأصل في المتهم البراءة، ودون إخلال أو التفــات عن حق لأحــد، وعكفـــت على دراسة جميع أوراق الدعوى دون كلل أو ملل وصولاً للحقيقة..ولقد استقر في يقين المحكمة عن جزم ويقين، لا يخالجه شك أو عوار يقيناً ثابتاً قوياً أن الواقعة في نطاق ما استخلصته ثابتة قبل المتهمينَ ثبوتًا كافياً لإدانتِهم.