رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبول الآخر.. والأهلى والزمالك

ما علاقة الأهلى والزمالك وقبول الآخر؟ بداية أنا لست بكروى فلم أمارس لعبة كرة القدم حتى فى حارتنا، ولكن علاقتى بالرياضة والأهلى بدأت عندما حضرت مباراة كرة القدم بين النادى الأهلى ونادى الزمالك فى أسيوط فى النصف الأول لستينيات القرن الماضى. وكان قد فاز فى المباراة الأهلى بثلاثة أهداف مقابل هدفين للزمالك. وكان نجم المباراة حين ذاك صالح سليم . وكان ذلك مسار افتخار ذاتى أننى حضرت مباراة لأشهر ناديين كما أننى شاهدت صالح ورفاقه من جيله كنجوم كنت أسمع وأقرأ عنهم. بالطبع فرحت مع الفارحين لفوز الأهلى . ثم شاهدت صالح سليم كممثل (الشموع السوداء) وبالطبع تقبلته على أرضية مشاهدة المباراة فى أسيوط ومحب للفن (ممثل ومخرج سابق) . هنا أصبحت أتابع النتائج فقط وأفرح للأهلى وفقط أيضا . تصورا أن الأهلى حزب الجماهير ولذا يكون انتمائى للجماهير يعنى متابعة الأهلى فقط. وهنا أيضا ما علاقة هذا بالعنوان؟ هنا  هو مربط الفرس كما يقولون . أعرف ويعرف الجميع أن الرياضة بشكل عام هى فن وأخلاق وسلوك وروح رياضية. وكلمة روح رياضية هذه تستعمل دائما عندما يخسر أحد شيئا أو يكون هناك خلاف ما فيكون القول ( خذ الأمور بروح رياضية يارجل). فهل نمارس الرياضة ونشجع اللعب خاصة مباريات الأهلى والزمالك بروح رياضية للفائز والمهزوم بالفعل؟ بالطبع نركز هنا على الأهلى والزمالك حيث تحول التشجيع لهما إلى حروب صفرية لا تقبل الهزيمة على الإطلاق فالأهلاوى إيمانه الذى لا يتزعزع أن الأهلى لا بد أن يفوز وكذلك الزمالكاوى. ولذلك رأينا قبل المباريات الأخيرة الجمعة الماضية بأسبوع كل الصحف والمجلات القومية والخاصة وقنوات التليفزيون يتدفق من خلالها التصريحات والمقالات والتحليلات والتقارير حول مباريات القمة ( وخلى بالك من القمة هذه) . وكان الدنيا ستتوقف عند هذه المباريات والغريب لدى أن احفادى ( آدم اولى ابتدائى وجمال رابعة ابتدائى وجولى أولى إعدادى ) يتحدثون بلا انقطاع عن المباراة واكتشفت أنهم أهلاوية !!!! والأهم أنهم يصرون بأن الأهلى سيفوز . هنا ياسادة  الخطر ما الخطر . فعندما يتحول  التشجيع للكرة خاصة القدم إلى هذه الحالة الصفرية فهذا يعنى تغلغل وسيطرة الثقافة  الأحادية التى ترفض الآخر ولاتقبله . ليس فى الكرة فقط ولكن فى كل مناحى  الحياة . نعم الانتماء لناد أو لدين أو العقيدة أو لمبدأ فهذا شىء عظيم ومطلوب بلا شك . فالانتماء هو حالة من حالات إثبات الذات وهذا هو المدخل لتكوين الشخصية السوية الواثقة . ولكن هناك فارق بين الانتماء المطلوب الذى يبنى على أساس المنطق والموضوعية وقبول الآخر وعدم تصور وتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة التى هى حقيقة نسبية فى كل وعلى كل الأحوال. وبين التعصب والتطرف والتنطع حول مبدأ أو فكرة أو انتماء ما أو تشجيع لنادى بعينه. هنا وفى هذه الحالة يسقط الآخر أى آخر بلا استثناء . وعلى ذلك ينتهى أى حوار موضوعى يتيح عرض الرأى للاستماع للرأى الآخر حتى يمكن أن نصل إلى أحسن الحلول وإلى أرقى النتائج . وهذه أمثلة ظاهرة ومتعمقة فى الواقع المصرى خاصة أن كرة القدم هى أهم أنواع الرياضة التى تلتف حولها الجماهير من كل نوع وموقع وانتماء وثقافة ومن كل الطبقات .الشىء الذى يتمثل فيه المجتمع بالفعل . فما هو الرأى عندما يكون هذا الإجماع وتلك الجماهير فى هذا الإطار التعصبى الرافض للعبة الجميلة من أى فريق سواء الذى أشجعه أو من الفريق الآخر؟ هذا يعنى وبكل وضوح تربية الجماهير فى الغالب على رفض الآخر الدينى والرياضى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى وتسود ثقافة القطيع والجهوية والقبلية والطائفية . خاصة أن الإعلام له تأثير واضح فى تشكيل الوعى خاصة عندما يعتمد هذا الإعلام ( خاصة الرياضى) على تكريس التعصب وإسقاط الموضوعية ورفض الآخر . ودليل ذلك قنوات الأهلى والزمالك التى لاتجيد غير الشحن والتعصب بجهل وعدم لياقة طوال الوقت. إضافة للكم الهائل وطوال الوقت أيضا للدعاوى أمام المحاكم بين رؤساء النوادى واللعيبة  حتى إن المسئولين فى لحظة طلبوا التصفية بين الناديين !!! هذا ياسادة لايليق بل يمثل خطورة على الحوار المطلوب طوال الوقت وعلى ثقافة قبول الآخر التى يجب أن تكون هى الهادى لنا لخلق انتماء حقيقى وصحيح لهذا الوطن الغالى حتى نواجه المصاعب والتحديات التى نواجهها فى الداخل والخارج حتى تصبح مصر وطنا لكل المصريين وليس لناد واحد فقط فى مواجهة الجميع . حفظ الله مصر وشعبها العظيم .