رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتقام من وراء الكواليس

ما سأسرده فى السطور التالية هو "وصف" لنوع من النساء بطلات للكثير من القصص أو العلاقات التى تنتجها الذكورية الفاسدة بكل أشكالها ودرجاتها، قصص عاصرتها أنا شخصيًا مع فتيات ونساء محرومات من أي موهبة تدفعهن للربح فى مجال التنافس المهني والإبداعي.

بالتأكيد هن لهن الحق مثل بقية البشر فى تحسين أوضاعهن المعيشية والمادية، ولهن الحق فى الجلوس فى الصفوف الأمامية لأى مجال، لكنهن يصطدمن بالحقيقة المُرة أن ذلك ليس سهلًا، وطريق ممتلئ بالأشواك والأحجار، يتطلب العمل الدءوب الجاد المستمر وعدم الاستسلام للصفوف الخلفية حتى لو انعدمت الموهبة الفطرية.
لكنهن غير مستعدات للمشى فى هذا الطريق الصعب الوعر، الذى لن يؤتى ثماره إلا بعد وقت طويل مجهد وربما أيضًا تكون النتيجة النهائية غير مرضية وغير مشبعة.

لكن "الأنوثة" الطبيعية أو المصطنعة تعوض عن غياب كل الأشياء، وهى واحدة من تبعات الثقافة الذكورية، هؤلاء النساء يؤمنّ بالمثل القائل: "اللى تغلب به العب به"، بأى ثمن، وهو المبدأ السائد فى السياسة وفى العلاقات الاجتماعية.
هذه الثقافة «الميكيافيلية» تسيطر وتهيمن دائمًا عندما تغيب العدالة وعندما يكون المبدأ الأساسى فى التعامل هو بين "أعلى" و"أدنى"، براجماتية فى أبشع صور الانتهازية والاستغلال تحت أسماء براقة، بعض الرجال وهم قلة على مستوى العالم الذين يفلتون من مصيدة "الأنوثة" التى تعتبرهم "طُعمًا" فى السِنارة.
لكن أغلبية الرجال يعتبرون "صيدًا" سهلًا لمثل هؤلاء النساء الذين يعتقدون أنهن بشكل أو بآخر "ينتقمون" من ظلم الطبيعة وقهر البشر واضطهاد الأعراف والثقافات السائدة.
ثقافات وأعراف مهما زعمت التحضر والتمدن والإنسانية والتقدم، ومهما اقتنعت بالعدالة بين النساء والرجال فى مجالات الحياة المختلفة ولم تميز بين امرأة ورجل إلا على أساس "الكفاءة"، فإنها لا تزال ترى "الجمال" و"الأنوثة" و"جسد" الأنثى هى المفاتن الحقيقية للمرأة، وهى رأسمالها المفروض ألا يعلن إفلاسه وحتى وهى فى التسعين من العمر، وهى الهوية الأساسية للنساء ولو كن رؤساء جمهورية أو رائدات فضاء.

ولهذا السبب نجد أن "بيزنس" التجميل للنساء هو من أكثر أنواع الاستثمارات رواجًا وإدرارًا للأرباح بعد السلاح والدواء والمخدرات والدعارة، ولأبدأ فى وصف هذا النوع من النساء الذى يجمع ما بين كونه "الجانى" و"الضحية" فى آن واحد..
هى «امرأة»، نجدها فى كل زمان ومكان، متناثرة على الخريطة البشرية هنا وهناك شرقًا، غربًا، جنوبًا، وفى الشمال.. بيضاء، سمراء، خمرية، شقراء.. قصيرة القامة، طويلة الأظافر.. ممتلئة إلى حد ما أو رشيقة القوام.. عيناها سوداوان أو زرقاوان أو عسليتان أو خضراوان.
معها شهادات عليا أو متوسطة، ربما تجيد لغة أجنبية، أو مجرد إنسانة بسيطة غلبانة، على باب الله لكنها ليست مثل أغلب خلق الله، فهى ليست راضية بحالها، ليست مقتنعة بحدودها المتواضعة التى تبقيها دائمًا فى الصفوف الخلفية، يقتلها التساؤل المر، المحدق إلى الأخريات: «لماذا هن فى الصفوف الأمامية، وأنا فى الخلف قابعة فى مكانى، لا أتقدم خطوة واحدة؟ لماذا تضطهدنى الحياة؟ لماذا يخاصمنى العالم؟ ما الذى عند النساء وليس عندى؟ أهو مجرد حسن الحظ أم شىء آخر أجهله؟».. فى أعماقها تدرك جيدًا أن الحظ لا علاقة له بأزمتها وبقائها على مر الأيام.
"محلك سر"، "نكرة".. تعلم جيدًا أنها بكل بساطة عديمة المواهب، ممسوحة الشخصية مثل الملايين من النساء، لديها طموح للانتقال إلى الصفوف الأمامية، أى صفوف أمامية؟ وفى أى مجال؟ لا يهم، المهم أنها لا تريد الاستسلام للقدر الظالم الذى حرمها من الموهبة، ولم يمن عليها بالقناعة والاكتفاء.

تتأمل الواقع المحيط بها، فتجد أن فرصتها الوحيدة، هى أن تلعب بالورقة الوحيدة الرابحة والرائجة، التى لا يرفضها أحد، ولا يصدها أحد.. "الكارت الذهبى" للمرأة .
«كلمة السر» التى تفتح الأبواب المغلقة.. الأنوثة، هى أعلى المؤهلات وأرفع الشهادات هى "خطاب التوصية" المضمون وهى "سنوات الخبرة" المطلوبة وهى "الواسطة" الفاعلة الناجزة.

ترى صورتها فى المرآة، لا تتمتع بأنوثة مبهرة ولا تعكس ملامحها جمالًا متفردًا يندر وجوده، لكنها على يقين بأن أدوات الماكياج وصبغات الشَّعر والكعوب العالية والفستان الأنيق واللهجة المائعة والكلام "المدحلب"، سوف ترفع من مستوى العادى، إلى مستوى الأنوثة الاستثنائى.
ويزداد تأكدها لأن أغلب الرجال هم منْ صنعوا ثقافة ذكورية، يكمن فى صلبها الكذب والفساد الأخلاقى والتناقضات الأخلاقية والجوع الجنسى النهم الذى لا يرتوى، تقول لنفسها: «لماذا لا أستخدم هذه الذكورية من أجل مصلحتى، بدلًا من كونها أكبر قاهر للنساء؟ ألن يكون هذا انتصارًا للمرأة؟ سوف أنتقم لكل امرأة مقهورة.. سآخذ بثأر كل النساء".

كل رجل تعرفه يأخذ نصيبه من "بيعة" الأنوثة، كل رجل فى موقعه، لا يطمع فى المزيد، وإلا تحرمه من حصته المقررة من "تموين" الأنوثة بمرور الوقت، أصبحت تجيد اللعبة التى تتدرب عليها يوميًا، وصلت إلى درجة عالية من الحرفية والثقة والدقة، فهى تستفيد من أخطائها السابقة وتطبق كل جديد لتعرف أكثر: "من أين تؤكل كتف الذكور".

لم نعد نجدها جالسة فى الصفوف الخلفية، لم تعد "نكرة".. والآن هى تفكر لإعطاء دروس خصوصية، مرة كل أسبوع، لكل من ترغب فى الاستفادة من أنوثتها "المعطلة".

من بستان قصائدى
أنا.. فى شدة التعب
وفى شدة الضجر.. جسدى خرج عن سيطرتى
عقلى لا يطيع أوامرى.. ومزاجى لم يعد يشبهنى
شىء ما.. أشربه مع فنجان القهوة
الرغبة فى الاختفاء.. مذاق بمرارة عمر لا يعود
والأشياء لم تعد هى الأشياء.. رائحة ما
تسرى فى الهواء.. تختلط برشفات الماء
الرائحة تخنقنى.. أشعر أننى تعرضت
للسطو المسلح.. والسرقة المتعمدة
فى وضح النهار.. سرقة الحقيقة؟
سرقة العمر؟.. سرقة الوطن؟
سرقة الهدوء؟.. سرقة الأحباء؟
سرقة الفرح؟.. ليس هناك أدلة
تكشف هوية الجانى.. وتعيد لى حقوقى
جريمة بدم بارد.. متكاملة الأركان
مقيدة دائما وسلفا.. ضد مجهول
فى كل زمان ومكان.