رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الناقد فريد الزاهي: اختيار الكاتب لاسم مستعار يخلق ازدواجا في الهوية

 الناقد فريد الزاهي
الناقد فريد الزاهي

في واقعة مثيرة للجدل شهدها الوسط الثقافي الإسباني، عقب الإعلان عن فوز الكاتبة  كارمن مولا بجائزة بلا نيتا الإسبانية في الرواية، والتي تبلغ قيمتها مليون يورو، حدث مالم يكن يتوقعه أحد فعند تسلم الجائزة ظهر 3 رجال ليتسلموا الجائزة بدلا منها، وهم كتاب السيناريو خورخى دياز، أوجستين مارتينيز وأنطونيو مرسيرو، والذين أكدوا أن اسم كارمن مولا اسم وهمي من اختلاقهم. 

 وفي واقعة شبيهة فعلها الكاتب الساخر أحمد رجب فأعطى مجلة الكواكب مسرحية وقال إنها مترجمة عن الكاتب المسرحى العالمى دورينمات بعنوان «الهواء الأسود» وتباري النقاد المصريين في الكتابة عنها ، ليظهر أحمد  رجب ويشير إلى أنه مؤلفها..  لذا جاء سؤالنا ما الذي يحرض كاتب إلى اسم مستعار ولماذا ؟. 

 ومن جانبه قال الناقد والمترجم والأكاديمي  المغربي فريد الزاهي،" يخلق الاسم المستعار ازدواجا في الهوية، وانفصاما في التوقيع، يحقق للكاتب أنطولوجيا مقولة رامبو الشهيرة: "أنا هو آخر"، وهو يدخل صاحبه في لعبة القناع والمرايا، وفي لعبة الوجود الثقافي، إنه ينسينا في الاسم الأصل حتى إننا كنا نتحدث عن صديقنا إلياس إدريس باسمه المستعار، وكأننا نخفي عنوة اسمه الحقيقي في ثنايا الذاكرة واللقاءات الحميمة. يصبح الاسم المستعار مع الوقت (أدونيس مثلا) اسما لا يحيل للشخصية الأسطورية التي ارتضاها الشاعر الكبير لقبا له، بقدر ما يحيل إليه.

- غيرت اسمي في الوثائق الرسمية

 وقال " أنا نفسي أعترف هنا مرة أخرى أني  غيرت اسمي، فاسمي في الوثائق الإدارية فريد زاهي. أضفت له التعريف من باب التقويم الشخصي حتى لَإن أخي نور الدين، وهو كاتب وعلم اجتماع تبناه؛ بل حتى إني أضفت التعريف أيضا في شاهد قبر أبي. هكذا يصير اسم الكتابة قدَرا لنا سيلاحقنا وينسي الناس  اسمنا الأصل. إنه "سيمولاكر" أي تلك الصورة النسخة منا التي يرتضيها الكاتب لنفسه بحرية ليخلق لنفسه موقعا جديدا في اللغة والكتابة وفي أفق المعنى والوجود.

و قال "حين اتصلتَ بي للمساهمة معك في هذا الموضوع فجرت في ذاكرتي بداياتي في تلمس الطريق في الكتابة في أواسط السبعينيات. كنا شلة من تلامذة الثانوي، نلتقي يوميا بعد الدروس، ونتبادل الكتب والأخبار ونتيه في المناقشات الأدبية والسياسية بمحاذاة المدينة القديمة بفاس. كان للكتابة والقراءة حينها عطر الأسرار ومذاق الحلم بتغيير العالم والاقتيات اليومي من طوباويات الفكر والسياسة.

- الأسماء المستعارة كانت منتشرة قديما

وتابع الناقد  " كنا ننشر في جرائد ومجلات لم نكن بالضرورة نتبنى كامل توجهاتها، نلتهم بنهم كتابات أسماء في النقد الأدبي والنقد السياسي نخالها أسماء حقيقية، فنكتشف مع الوقت أنها مستعارة، قصاصون وشعراء من قبيل أحمد المجاطي وإدريس الخوري ومحمد الدغمومي سنعلم في ما بعد أسمائهم الحقيقية، غير أننا ننساها ونتناساها كتاب سياسيون وأدباء ونقاد من قبيل إدريس الناقوري وعبد القادر الشاوي يكتبون بأسماء غير أسمائهم، حتى صديقانا في الشلة القاص والناقد إدريس العمراوي والشاعر عبد الرحيم الحمومي اختارا اسما مستعارا إدريس إلياس وعبد الرحيم حمو بل، حتى أنا لم أسلم من العدوى. فقد اخترت أن أنشر مقالا أو مقالين باسم "زريف الهادي" وهو اسم نحتته بتصحيف وقلب اسمي".

 وأضاف، "بعض هؤلاء ممن طبعوا ذاكرتنا استبدلوا أسماءهم بأسماء وهمية لضرورات سياسية، في ظل فترة كانت تعرف بسنوات الرصاص أو الجمر، تفاديا للمتابعة والقمع والاضطهاد، وبعضهم كان رغبة منهم في طرد فظاظة الاسم أو رغبة في التشبه باسم معروف ينتمي لبلد آخر وثقافة أخرى، بعضهم استردوا أسماءهم المدنية وبعضهم تقبلوها قناعا لصيقا بتجربتهم ووجودهم الثقافي".