رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «الإحصاءات الاقتصادية»: 5 مليارات دولار وفرًا بسبب اكتشافات الغاز والبترول (حوار)

 مصطفى سعد مع محررة
مصطفى سعد مع محررة الدستور

كشف مصطفى سعد، رئيس قطاع «الإحصاءات الاقتصادية» بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن تحقيق مصر وفرًا تجاوز ٥ مليارات دولار، نتيجة تراجع واردات الوقود، خلال الفترة بين عامى ٢٠١٨-٢٠٢٠، بفضل اكتشافات حقول البترول والغاز الطبيعى.

وشدد «سعد»، فى حواره مع «الدستور»، على أن المؤشرات الاقتصادية فى مصر تشهد نوعًا من الاستقرار والتحسن، خلال الفترة الأخيرة، مقارنة بدول العالم، وذلك على صعيد معدلات التضخم والبطالة، إلى جانب نمو القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة. وأشار إلى تنفيذ أول مسح عن «تنافسية المحافظات المصرية»، والذى يتولى الجهاز جمع بياناته من الميدان، بينما تتولى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فى ضوء هذه البيانات، حساب المؤشر وإعلان نتائجه.

■ بداية.. كيف تُقيِّم أداء الأنشطة الاقتصادية فى ضوء تداعيات جائحة «كورونا»؟

- المؤشرات الاقتصادية فى مصر تشهد نوعًا من الاستقرار مؤخرًا، مقارنة بغيرها من دول العالم الأخرى، سواء على صعيد معدلات التضخم والبطالة، أو نمو القطاعات والأنشطة الاقتصادية، باستثناء بعض القطاعات التى تضررت مع بداية الجائحة، وفى مقدمتها السياحة وقناة السويس. 

ومع بداية العام الجارى ٢٠٢١، بدأت هذه القطاعات فى التعافى تدريجيًا، بداية من إيرادات قناة السويس، التى ارتفعت تأثرًا باستعادة حركة التجارة العالمية لطبيعتها، وذلك من ٥٧.٩ مليار جنيه خلال أول ٨ أشهر من ٢٠٢٠ إلى ٦٤ مليار جنيه خلال الفترة المناظرة من ٢٠٢١، بنمو قدره ١٠.٥٪.

وارتفعت إيرادات السكك الحديدية بنسبة ٥٧.٣٪، من ١.٣ مليار جنيه، خلال أول ٨ أشهر من ٢٠٢٠ إلى ٢.١ مليار جنيه، خلال الفترة المناظرة من ٢٠٢١، إلى جانب تحسن إنتاج البترول والغاز الطبيعى بنسبة ٧.٩٪؛ ليرتفع من ٤٤.٣ إلى ٤٧.٧ مليون طن خلال فترة المقارنة ذاتها.

 مصطفى سعد مع محررة الدستور

■ لكن رغم هذه الأرقام سجل معدل التضخم ارتفاعًا مؤخرًا.. هل نحن أمام «صدمة تضخمية» مع عودة النشاط الاقتصادى محليًا وعالميًا؟

- بالتأكيد مستويات الأسعار فى مصر شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، وتحديدًا فى سلع قسم الطعام والشراب، التى وصلت إلى أعلى حد، خلال شهرى أبريل وسبتمبر ٢٠٢١، بمعدل تضخم بلغ ١.٢٪ و١.٦٪ بالترتيب، تأثرًا بارتفاع مجموعة الحبوب والخبز ٣٪، ومجموعة اللحوم والدواجن ١.٢٪، والألبان والجبن ٢.٢٪، وفى خضم أزمة عالمية.

وهناك تقديرات لبعض الاقتصاديين بأنه من المنتظر أن يشهد التضخم على مستوى العالم ارتفاعات أكبر، لكننا على المستوى المحلى لم نصل بعد لما يسمى بـ«صدمة تضخمية» كما كان الحال فى الفترة التى أعقبت قرار تحرير سعر الجنيه المصرى وما شهدته من ارتفاعات غير مسبوقة فى معدل التضخم، الذى بلغ ذروته فى يوليو ٢٠١٧ بنسبة ٣٤.٢٪.

كما أن معدل التضخم العام للعام المالى ٢٠٢٠-٢٠٢١ تراجع إلى ٤.٨٪، وهو أقل معدل لارتفاع معدل التضخم منذ ٢٠٠٥- ٢٠٠٦ حينما سجل ٣.٧٪، ما يعكس نجاح جهود الدولة فى توفير السلع بأسعار مناسبة خلال أزمة جائحة «كورونا»، فلم نشهد اختفاء سلع أو ارتفاع أسعار بشكل مبالغ فيه كما حدث عالميًا، ومن ثم فإن هذه الارتفاعات مؤقتة.

■ وماذا عن رصد تأثير قرار تحريك أسعار البنزين على مختلف السلع؟

- معدل التضخم يُرصد من خلال النشرة الشهرية لأرقام المستهلكين، يوم ١٠ من كل شهر، عبر رصد التغير الشهرى مقارنة بالشهر المماثل من العام السابق والشهر السابق من العام نفسه، وتُجمع الأسعار خلال فترة مرجعية من يوم ١ حتى ٢١ من الشهر.

ونظرًا لأن قرار زيادة أسعار البنزين كان فى الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضى، ستُرصد تداعياته على أسعار السلع ومعدل التضخم فى يوم ١٠ من نوفمبر المقبل.

 مصطفى سعد مع محررة الدستور

■ ما تأثير ارتفاعات أسعار الوقود عالميًا على فاتورة واردات مصر من منتجات البترول والبترول الخام؟

- واردات مصر من الوقود انخفضت بشكل كبير للغاية، خلال الفترة بين عامى ٢٠١٨-٢٠٢٠، محققة وفرًا تخطى ٥ مليارات دولار، بعد أن تراجعت واردات البنزين فى حدود الثلثين بأكثر من ٦٦٪، من ١.٨ مليار دولار خلال عام ٢٠١٨ إلى ٦١٣ مليون دولار خلال ٢٠٢٠، وانخفضت واردات السولار من ٤.١ مليار دولار إلى ٨٥٥ مليون دولار، بانخفاض ٣٧٩٪، كما أن الغاز الطبيعى كنا نستورده بنحو ١.١ مليار دولار خلال ٢٠١٨، ثم توقف الاستيراد بعد ذلك.

ولم نسجل أى عجز فى الوقود، على الرغم من تراجع الواردات، وارتفاع حجم الاستهلاك نتيجة الزيادة المطردة فى عدد المركبات بنحو ٤٠٠ ألف مركبة سنويًا وبإجمالى عام ١١.٦ مليون مركبة، بما يعكس تقدم مصر على صعيد توفير الوقود المستخدم لهذه المركبات، وتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى، بل والتوجه للتصدير إلى الأسواق العالمية، وذلك كله بفضل الاكتشافات الأخيرة فى مجال البترول والغاز الطبيعى.

■ على ضوء مسحكم الأخير لاستهلاك الوقود فى النقل البرى.. ما عدد المركبات المستهدفة من مبادرة إحلال السيارات؟

- مسح استهلاك الوقود فى قطاع النقل البرى تم من خلال عينة بلغت ١٠ آلاف مركبة، ومن نتائجه توصلنا إلى أن عدد المركبات المستهدف إدراجها فى مبادرة الإحلال يقدر بـ٢.١ مليون مركبة، سواء كانت ملاكى أو أجرة «تاكسى وميكروباص»، وكان ٦٠٪ من مالكيها لديهم الرغبة فى الاستفادة من المبادرة، مقابل رفض ٤٠٪.

■ وماذا عن أهم المؤشرات المتعلقة بالتحول إلى الغاز الطبيعى؟

- عدد المركبات التى يمكن تحويلها للعمل بالغاز الطبيعى يُقدر بـ٢.٧ مليون مركبة، يرغب ٤٢٪ فى التحول للعمل بالغاز الطبيعى، مقابل رفض ٥٨٪، وهو ما يرجع إلى عدة أسباب، بعضها يتعلق بنقص الوعى بفوائد التحويل، وتخوفات السائقين من تأثيره على كفاءة المركبة، كما أن عدد محطات الغاز ما زال محدودًا بـ٢٤٤ محطة على مستوى الجمهورية، بينها ٥٢ محطة فى ٢٠٢٠، بواقع خُمس العدد الإجمالى للمحطات.

■ كيف رصدتم تأثير مشروع تطوير وتوسعة شبكة الطرق على حركة النقل ومعدلات الحوادث؟

- بالتأكيد هناك تراجع كبير فى أعداد حوادث الطرق وضحاياها، خلال السنوات الأخيرة، فعدد الحوادث انخفض من ١٥٥٧٨ حادثًا فى عام ٢٠١٣ إلى ٩٩٩٢ حادثًا خلال عام ٢٠١٩، بنسبة تراجع ٣٦٪، بينما تراجع عدد وفيات هذه الحوادث بنسبة ٥٠٪، من ٦٧٠٠ إلى ٣٤٨٤ حالة وفاة، خلال فترة المقارنة ذاتها، ما يدحض ما يروجه البعض عن عدم جدوى إنشاء الكبارى والطرق، أو التشكيك فى أن توسعة الطرق والكبارى زادت من معدل الحوادث.

 مصطفى سعد مع محررة الدستور

■ هل صحيح أن هناك ٣ ملايين توك توك فى مصر؟

- جهاز الإحصاء يعتمد على ٣ مصادر للبيانات، هى: المسوح والتعدادات والسجلات الإدارية. وفيما يتعلق بعدد المركبات نعتمد على بيانات إدارة المرور فى وزارة الداخلية، التى أظهرت أن عدد مركبات «التوك توك» المرخصة وفق التقديرات الرسمية يبلغ ٢٢٦ ألفًا و٧١٠ مركبات، وكل الأرقام الأخرى المتداولة غير رسمية.

■ ما آخر استعدادات إطلاق «التعداد الاقتصادى» الجديد؟ ومتى تبدأون تنفيذه؟

- «التعداد الاقتصادى» يُجرى بشكل دورى كل ٥ سنوات على منشآت رسمية وغير رسمية، بعد وضع تعريف لـ«الاقتصاد غير الرسمى» لأول مرة فى نوفمبر ٢٠١٩، بالتعاون مع شركاء العمل الإحصائى.

وجارٍ، حاليًا، الاستعداد لتنفيذ دورة جديدة من «التعداد الاقتصادى» عن السنة المرجعية ٢٠٢٢ -٢٠٢٣، وكذلك يتم الإعداد لإجراء مسح العمالة خارج المنشآت، وهو جزء مكمل لهذا التعداد، وذلك بداية من أبريل المقبل، بحيث يتم الانتهاء من تنفيذ المسح فى فبراير ٢٠٢٣ ، ثم الاستعداد لبدء العمل بـ«التعداد الاقتصادى».

■ هل مسح العمالة خارج المنشآت سيشمل فئات جديدة مثل «اليوتيوبرز» والعاملين فى «التجارة الإلكترونية»؟

- مسح العمالة خارج المنشآت يستهدف رصد القيمة المضافة لهذه العمالة على الاقتصاد القومى، وهناك عدد من الأنشطة تضم العديد من المهن نستهدف رصدها فى هذا المسح، مثل نشاط الصناعات التحويلية التى تضم مهن: صناعة السجاد والكليم والمشايات اليدوية، وأغطية الأرضيات من قصاصات الأقمشة، والبلوفرات والملابس من التريكو والكروشيه، والصابون والمنظفات الصناعية والعطور.

وهناك أيضًا نشاط الخدمات والإصلاح الذى يضم مهن «تأجير جرارات ومعدات، وغسل وتنظيف السجاد والمفروشات باليد، والميكانيكى والسمكرى وعامل الدوكو....»، ونشاط تجارة الجملة والتجزئة، الذى يضم مهن: بائع الأقمشة والملايات والمفروشات والملابس جاهزة وأحذية، وبائع الصحف والمجلات والكتب بأنواعها المختلفة والأدوات المكتبية، وبائع  الموبايلات وإكسسواراتها وكروت الشحن.

كما سيتم رصد العاملين فى أنشطة النقل: «سائق تاكسى أوبر وكريم ميكروباص، سائق نقل شاحنة لورى...»، والتشييد والبناء: «مبيض محارة، نقاش، عامل تركيب ورق حائط بناء...»، والأطعمة والمشروبات: «تقديم الوجبات الجاهزة، تقديم المشروبات...».

ولا يضم هذا المسح «التجارة الإلكترونية»، ونسعى فى المستقبل القريب لرصدها من خلال بحث منفصل، بعد أن جاء إدراجها لأول مرة فى مسح الدخل والإنفاق والاستهلاك ضمن دورته الحالية ٢٠٢١-٢٠٢٢.

■ وماذا عن إطلاق أول مسح عن «تنافسية المحافظات»؟

- نحن بصدد تنفيذ أول مسح عن «تنافسية المحافظات»، وبدأنا العمل الميدانى الخاص به فى الأسبوع الجارى، وانتهينا من المرحلة التحضيرية والتدريب والتجربة القبلية، وقد سبق ذلك عدة محاولات فى ٢٠١٠، من خلال مركز المعلومات وجمعية رجال الأعمال بالإسكندرية، لكنها لم ترق إلى مستوى النشر، نظرًا لاعتمادها على بيانات سجلات إدارية وعدم تعميمها على كل المحافظات.

وتفعيلًا لبروتوكول التعاون المبرم بين وزارة التخطيط ومركز المعلومات وجهاز التنافسية، فى مايو ٢٠١٩، يُنفذ جهاز الإحصاء مسحًا عن «تنافسية المحافظات» وفق ٨٢ مؤشرًا، منها ٣٩٪ سجلات إدارية و٦١٪ بيانات مسوح، بما يتسق مع منهجية «مؤشر التنافسية العالمى»، ويتضمن مسوحًا للمنشآت والأسر والطلاب لاستيفاء بيانات ٥٠ مؤشرًا.

ومن المقرر إنهاء العمل الميدانى، فى منتصف ديسمبر المقبل، ومن ثم عمل الشركاء فى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء على حساب المؤشر وإعلان نتائجه.

ويستهدف المسح رصد مواطن القوة والضعف فى كل محافظة، وبالتالى جاهزيتها لتحقيق النمو، إلى جانب قياس كفاءة أداء المحافظة والأجهزة الحكومية، وتحفيز المحافظات وتنافسها على تحسين الأداء، ومتابعة وتقييم ما يتم تطبيقه من سياسات وقرارات، بالإضافة إلى تدعيم اللامركزية فى المحافظات، وتحسين وضعية مصر على «مؤشر التنافسية العالمى»، وقياس مدى التقدم المحرز فى سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال ما يُرصد فعلًا على مستوى المحافظات، وسد الفجوات التنموية بينها، والتخطيط الفعال والإدارة الرشيدة للموارد.

هل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بصدد تنفيذ مسوح جديدة خلال الفترة المقبلة؟

- نحن ننفذ عددًا من المسوح مع شركاء العمل الإحصائى فى العديد من جهات الدولة المختلفة، لسد فجوة البيانات، وفى مقدمتها مسوح «تنافسية المحافظات»، ونعتزم تنفيذ ٣ مسوح أخرى تتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك فى مجال الزراعة المنتجة والمستدامة، وأثر شبكة الطرق الحديثة على الحد من الحوادث.