رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشاعر محمد بلال يكشف لـ«الدستور» عن مخزونه للقراءة في عوالم بيرم وصلاح عبد الصبور

غلاف  يوتيرن وباك
غلاف يوتيرن وباك

كان لعلاقة محمد بلال بالشعر أكثر من دافع لهذا التفرد بصوته في القصيدة التي تجمع مابين سخرية جاهين وصوفية حداد المعبرة عن اليومي والبسيط والعميق في آن مع عمق الأبنودي في معان مغايرة عن الوطن والروح والأرض والسأم الذاتي المتخلق بمعيشي يتحول إلى وجودي وتحديدا في ديوانه العامي الثاني «يوتيرن وباك» (شخبطة على هامش الحالة) ويكشف عن قلق دائم يعترى الشاعر الذي يكتب قصيدة النثر العامية ويعد عنها مدونة ستنشر قريبا على موقع يحمل العديد من الأصوات الشعرية المجهولة التي تكتب في عزلة بعيدا عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

«محمد بلال» الذي يعمل بالبورصة ومجال الإعلام الصحافي وقوبل بالكثير من الاحتفاء من قبل وسائل الميديا وبعض القنوات الإعلامية كقناة النيل الثقافية بعد صدور ديوانه، يتحدث لـ«الدستور» عن مخزونه للقراءة في عوالم بيرم وصلاح عبد الصبور وكذلك عزلته.

في البداية.. بعد صدور ديوانك الأول يوتيرن وباك تلاحظ أن هناك أكثر من مؤثر في تيار شعر العامية من مدارس وأسماء مثلت العتبات الأولى في تيار الشعر العامي مثل جاهين وحداد والكثير من كتاب قصيدة نثر العامية فبأي من الأسماء تأثرت في نتاجك الشعري في هذا الديوان؟

الديوان نتيجة التأثر بمخزون القراءة على مدار السنوات السابقة سواء كانت شعرا أو نثرا وشكلت المخزون الثقافي والعاطفي الذي أنتج قصائده، ولكن لا أستطيع أن أغفل تأثري وارتباطي الشخصي بالعديد من شعراء العامية بمختلف أشكالها وبعض شعراء الفصحى مثل صلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الأبنودي وبيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل ومجدي الجابري.

تعمل في مجال المال والبورصة وكذلك الصحافة الثقافية هل ترى ثمة مؤثرات لهذين العالمين فيما يخص رؤيتك لمفهوم قصيدة الشعر؟

بالطبع ساهم هذا التناقض بين العملين وفرضته الظروف المعيشية في خلق حالة من التشتت والصراع جعلت القصائد تظهر وكأنها حائرة بين ضرورة المادة وضرورة العاطفة ولا تسطيع الاستقرار على حال واحد كشأن النفس البشرية الحائر في كل أحوالها.

عن رؤيتك للمشهد الشعري بتعدد أصواته خاصة في مناح العامية في السنوات العشر الأخيرة، ماهي رؤيتك للخارطة الشعرية فيما يخص إيقاعات العامية ونثرها وتحديدا في السنوات العشر الأخيرة؟

دائما ما تكون الساحة الثقافية مليئة بالعديد من الأصوات الأدبية والشعرية الحقيقية والمميزة لكنها ليست بالضرورة التي تظهر على السطح، فعلي الرغم من تعدد المنابر التي يستطيع المبدع إظهار نفسه من خلالها إلا أن الأصوات الضعيفة والمزيفة تستطيع من خلال فرض نفسها باستخدام آفات الوسط الأدبي مثل الشلالية وأساليب الدعاية الكاذبة وأيضا سرقة العديد من النصوص ونسبها لأنفسهم مما يصيب المبدع الحقيقي بالاحباط ويترك الساحة لتبدو وكأنها مليئة فقط بالمزيفين.

عن علاقة الشعر بشكل عام بحالة النقد الثقافي، كيف ترى هذه التجليات من خلال ديوانك الآخير يوتيرن و باك، وهل هناك تجاهل نقدي لأشكال الشعر في عاميته وفصيحه، والأهم قصيدة النثر فيه؟

بشكل حقيقي لا نستطيع أن نرى وجود للنقد ودوره في المجال الإبداعي بشكل عام بإستثناء بعض الكتابات القليلة للأسماء الكبيرة الموجودة على الساحة أو دراسات نقدية لأدباء راحلين وخصوصاً في مجال الراية أما الشعر وخصوصا العامية النثرية فيه فيجد التجاهل المقصود في كثير من الأحيان من من النشر أيضا إلا لحالات قليلة للأصدقاء والمقربين ممن يمتلكون أقلام نقدية لمجاملة البعض مما جعل البيئة الإبداعية لشعر العامية غير صحية لفرز أصوات جديدة جيدة إلا في حالات فردية استثنائية تحارب مرغمة من أجل شغفها الخاص.

عن تلك العلاقة الشائكة مابين العمل الإعلامي والكتابة الإبداعية، هل ترى أن هناك تعارض في هذين المسارين أم أن الحاجة المعيشة والحياتية دورا في تغليب العملي على الإبداعي؟

توجد الإشكالية بين الاحتياج للعمل بشكل عام لتلبية ضروريات الحياة في ظل الاحتياج للتفرغ للإبداع بصوره المختلفه وهو ما يشبه الحرب بين الواقع وحلم الإبداع الذي تختلف نتائجه من مبدع إلى آخر وفي حالة العمل الاعلامي نجد الاعلامي المبدع نفسه في حيرة مابين التركيز مع عمله واعطاؤه المجهود المناسب له أو التركيز مع إبداعه وتطوير وخدمته وفي حالات ضعيفة يحاول الجمع بينهم لتستمر عجلة الحياة وهذه مأساة يعيشها المبدع الذي لا يجد وسيلة للعيش سوي بالابتعاد عن إبداعه في نفس الوقت لا يستطيع العيش بدون إبداعه أيضا.

عن الأحلام والإحباطات وبذور الأمل في الغد وكذلك الاظلام في الرؤية للوجود انطلاقاً من الذاتي والمعيشي عند الشاعر محمد بلال، إلى أي مدى كان للأسباب الحياتية والتحولات اليومية والرؤي الواقعية بكل هذا الافول ، دورا في الإقدام على خروج هذا الديوان" يوتيرن وباك" للنور؟

دائما ما أرى أن الغوص في الخصوصية وفي نفس الشاعر يوصله إلى العمومية حيث أننا مكونات صغيرة للوحة كبيرة هي المجتمع لذلك كان الديوان بكل كلماته هو تعبير عن حالات وتجارب خاصة تغلب عليها الاعتراض واليأس على الظروف المحيطة ورفضها بشكل ساخر أحيانا واستسلامي في أحيان أخرى لأنه يحاول التمسك بقشته الأخيرة ليطفو وهي الأمل أو الحلم وكان مقتنع بأنه وهم "خيال شعرا من غير أمل" وجاءت توليفة الحلم والسخرية والحزن وذرات الأمل متزامنه مع إلحاح الشغف بشكله الشعري أن يظهر إلى النور كون كل ذلك الديوان الذي جمعته وكتبته قبل صدوره بـ4 سنوات وتأخرت في نشره رضوخا لظروف المعيشه ويأسا من وجود مردود يشحن طاقة الأمل ويدفع للاستمرار.

عن الاغتراب والذات القلقة وتشظي الحواس بالنسبة لشعرية العاميه في قصيدة النثر في هذا الديوان، كيف ترى هذه المعضلة ؟

خلاص الفنان أو الشاعر أو المبدع بشكل عام بعد الانتهاء من كتابة عمله؟

لا يوجد خلاص بشكله الحقيقي في واقعنا المعاش فالقلق المرتبط بالأحداث اليومية يخلق حالة من الأسى والألم قد تكون هي المولد والدافع للكتابة وتتحول القصيدة إلى الصديق والسلوى التي تشارك معي الأحداث اليومية وتنتقل بين صدمات الواقع وتعاني من الاغتراب داخله فتخلق بعض السخرية لتخفيف الألم ولكنها تبقى كلمات تواسي قلوبنا ولا تغير الواقع.