رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خمس هزّات!

خمس هزات أرضية تعرضت لها مصر، خلال اليومين الماضيين، تراوحت قوتها بين ٣.٢ و٦.٢ درجة بمقياس ريختر، وكان آخرها فى العاشرة والنصف صباح أمس الخميس، بقوة ٣.٩ درجة. ومع ذلك، لا توجد كوارث كبرى تلوح فى الأفق، أو فى المريخ، وأكد جاد القاضى، رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن مصر بعيدة تمامًا عن نطاق حزام الزلازل.

القشرة الأرضية مقسمة إلى ١١ جزءًا، وعند التقاء بعض هذه الأجزاء مع بعضها، تحدث زلازل وبراكين فى نقاط الالتقاء. ولأن نقطة التقاء الصفيحة الأرضية الإفريقية بالصفيحة الأوروبية تقع فى البحر المتوسط، فإن غالبية الزلازل التى يصل تأثيرها إلى مصر، يكون مركزها فى جزيرتى كريت وقبرص، ويكون تأثيرها علينا محدودًا، بعكس زلزال ١٢ أكتوبر ١٩٩٢، الذى كان مصدره محليًا، وكانت له تأثيرات مدمرة، مع أن قوته بلغت ٥.٨ درجة. 

كانت «صدفة زى قلتها» أن تسجل محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل، الثلاثاء قبل الماضى، أى فى الذكرى التاسعة والعشرين لذلك الزلزال، هزة أرضية قوتها ٦.٤ درجة على مقياس ريختر، كان مركزها جنوب جزيرة كريت. بالضبط، كما حدثت هزة بقوة ٦.٥ درجة، سنة ٢٠١٣، فى الذكرى الحادية والعشرين للزلزال نفسه، كانت امتدادًا لهزة أرضية فى اليونان. وفى المرتين، أكد خبراء أنه لا توجد علاقة علمية بين هذا وذاك، وأنها كانت مجرد صدفة.

الهزّات الأرضية المتوسطة تتراوح قوتها بين ٣.٥ و٤ درجات، ويتم تصنيف الزلازل التى تتجاوز قوتها ٥.٥ درجة على أنها زلازل كبيرة. وخلال مؤتمر صحفى، عقده أمس، أوضح رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية أن تطوير معدات محطات رصد الزلازل، جعل لدينا قدرة كبيرة على رصد كل الهزات الأرضية بدقة مهما كانت منخفضة القوة. وأشار إلى أن المعهد اعتمد فى الفترة الأخيرة سياسة الإعلان عن كل الهزات، التى تتعرض لها مصر، ولطمأنة المواطنين ومواجهة الشائعات التى تتحدث عن قرب نهاية العالم، مؤكدًا أن الشبكة القومية للزلازل، قد ترصد، فى اليوم الواحد، هزتين أو ثلاث هزات، لا يشعر بها المواطنون.

لا توجد، إذن، كوارث كبرى تلوح فى الأفق أو فى المريخ، الذى ضربه أكثر من ٧٠٠ زلزال، منذ هبط المسبار «إنسايت»، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية، «ناسا»، على سطحه، سنة ٢٠١٨، كان أحدثها اثنان فى ٢٥ أغسطس الماضى بلغت قوتهما ٤.٢ و٤.١ درجة على مقياس ريختر. وقيل إن تلك الزلازل ساعدت فى وضع تقديرات أولية لطبيعة غطاء الكوكب وسمك قشرته وطبيعة غطائه وحجم قلبه الضخم المكون من معادن سائلة. ونقل موقع «بيزنس إنسايدر» عن أحد المسئولين عن المهمة «أن لُب وقشرة المريخ، لم يتغيرا كثيرًا فى الـ٤.٥ مليار سنة الماضية، وبالتالى يمكن الحصول على لمحة عما كان يبدو عليه كوكب الأرض منذ ذلك الوقت». مضيفًا أن «دراسة المريخ تساعدنا فى فهم كيفية تشكُل الكواكب الصخرية وكيفية تطورها بشكل عام».

بسبب زلازل شديدة القوة، نتجت عن اصطدام كويكب بالأرض، منذ ٦٦ مليون سنة، حجبت سحب الرماد أشعة الشمس، ما تسبب فى عقد من الظلام، انقرضت خلاله الديناصورات واختفى معها ٧٦٪ من النباتات والحيوانات. وفى المقابل أكدت دراسة أجراها باحثون فى جامعة باث البريطانية، أن أنواعًا من الثعابين استطاعت التأقلم مع هذه البيئة الصعبة، وكانت قادرة على التطور والازدهار، فى عالم ما بعد الكارثة، وقالت الدكتورة كاثرين كلاين التى قادت الدراسة، إن تلك الفترة نفعت الثعابين بشكل كبير، ولولاها لما وصلت إلى ما هى عليه اليوم!.

.. وأخيرًا، لا نجد ما يدعو للقلق من تكرار الهزات الأرضية، أو حتى من الزلازل شديدة القوة، التى قد تنتج عن اصطدام كويكب بالأرض، لأن الثعابين لم تستفد وحدها من الكارثة السابقة، بل شاركتها بعض الثدييات والطيور والضفادع والأسماك، و... و... وهناك دراسات عديدة تؤكد أن «التطور» كان فى أفضل حالاته، بعد الانقراضات الكبرى. وكل ٦٦ مليون سنة وأنتم بخير!