رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فكري داود: «المحارم» رواية تناقش قضية «مُرافق» المتعاقدات للعمل بالسعودية

فكري داود
فكري داود

صدرت حديثا عن دار أفاتار للطباعة والنشر، أحدث إبداعات الكاتب فكري داود، "الحارم"، أول رواية عربية تتناول المحارم في عمل كامل.

وكشف الكاتب لــ "الدستور" عن ملامح روايته قائلا: هي أحدث رواياتي، في مشروعي السردي المتعلق بأصداء تجربتي مع السفر والاغتراب، بدأت الكتابة فيه بمجموعتي القصصية: صغير في شبك الغنم – هيئة قصور الثقافة 2001، ثم تلاها رواياتي: ’عام جبلي جديد – دار الإسلام 2006 ــ وقائع جبلية عن هيئة قصور الثقافة 2007 ــ طيف صغير مراوغ- الهيئة العامة للكتاب 2009 ــ المتعاقدون- أخبار اليوم كتاب اليوم 2009.

وأضاف: لدي مشاريع سردية أخرى، منها مثلا: ما يتعلق بالتغيرات التي طالت القرية المصرية منذ ثورة 1952 وحتى اليوم، وقد أنجزت فيها مجموعاتي: الحاجز البشري 1996 ــ العزومة 2013 ــ دهس الطين2016‘، ثم رواياتي: الشوك والياسمين 2018 ــ خلخلة الجذور2019 ــ رباعية: دروب الفضفضة، التي حصلت بها على منحة التفرغ 2019-2021.

وأوضح "داود": المحارم – المفرد: محرم - هم مرافقوا المتعاقدات للعمل بالسعودية، التي تشترط اصطحاب محرم معهن، كالزوج أو والوالد أو الأخ أو أي من الأقارب المحرمين عليهن، خصوصا الأزواج - الذين تركوا أعمالهم في مصر، كالمحاسب والمهندس والمحامي ....، من أجل السفر مع زوجاتهم، المتعاقدات للعمل براتب كبير، قوامه بضعة آلاف من الريالات، بدلا من جنيهات مصر القليلة، آملين أو واثقين في إيجاد عمل لهم في الغربة، ليصبح دخل الأسرة مزدوجا؛ دخل للزوجة المتعاقدة، ودخل للزوج الذي سيعمل في أي عمل مناسب يجده، حتى لو كان أهليا، لكنهم – أي المحارم - يفاجأون بصعوبة وجود أعمال تناسبهم، فيلجأ بعضهم إلى أعمال لا تليق بهم، في ما يتقمص معظمهم أدوار ربات البيوت؛ يكنسون ويطهون ويغسلون ويحضرون رضعات الصغار ويرعونهم، في انتظار سيدة الدار العاملة، التي تنفق على الأسرة من مالها، وقد تخصص لرجلها مبلغا كراتب شهري، يزيد عن قيمة راتبه في مصر، مع إمكانية لومه على أي تقصير في أعمال البيت، أو الطهو، أو ما شابه، مما يكسر شوكة الرجال وأنفسهم، لدرجة عجز بعضهم عن ممارسة حقه الشرعي مع الزوجة، فلا ترتفع عيونهم عن الأرض، ناهيك عن المردود الفكري والاجتماعي، نتيجة الاحتكاك المباشر، مع خلطة بشرية عجيبة، من الوافدين من كل صوب، كالهنود والباكستانيين والفلبينيين وغيرهم، علاوة على السعوديين أنفسهم.

وتابع: تناقش الرواية الظاهرة من خلال شخوص من لحم ودم، يبدون كأنهم حقيقيون، عبر لغة مقتصدة فصيحة، يتخللها الحوار المناسب للشخصيات وللأحداث.

ومما جاء في رواية "المحارم"، نقرأ: يبدو أن التأمل كعادة، سوف يلازمني من الآن فصاعدا؛ لازلت أحتل بقعة من رصيف النقل الجماعي، حقيبتي ذات العجلات عن يميني، تعلوها طبقة من الغبار، والسمسونايت السوداء فوق ركبتيّ.

عربات قليلة تمر أمامي، يتعامل راكبوها معي كأنني كائن هلامي أوهواء، يظنونني ربما أنتظر حافلة قادمة، تستقلني إلى جهة ما، لا يدرون أنني جئت لأبقى، وأن مجيئي لم يتعدَّ الساعة، وأنه لا يشغلني المكوث فوق الرصيف حتى غروب شمس اليوم، أو حتى شروقها في مطلع اليوم الجديد.

عربات المقيمين الأغراب فقيرة، وجوه مستقليها مخطوفة، ملامحهم مرتخية، عيونهم ذائغة، يُشعرك مرآهم بخليط من الشفقة والبؤس والهلع.

قُرب ساقيّ المدلاتين لصق الرصيف، توقفتْ عربة بلون البن المحروق، تشبه (البيجو) سبعة راكب، نزل سائقها متصنعا الهِمَّةِ والمفهومية، كَبَس باب شنطتها الخلفية فانفتح، حمل الحقيبة المتربة بلا استئذان، وألقى بها وسط الشنطة ثم أغلقها.

قبل فتح فمي مستفسرا، سحب السمسونايت من فوق ركبتي واستدار سريعا، تشبثت بحزامها لاحقا به كالمغيب. فتح الباب الأمامي الأيمن، دافعا بي داخل السيارة، ثم استدار ليركب من الناحية اليسرى.
 

الرواية
الرواية