رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وحدة سوريا.. الرئيس السيسى يرفض محاولة فرض الأمر الواقع

في توقيت قريب، دعا  الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى  حماية جادة، عملية وسياسية وأممية، فمصر تؤكد، من خلال الرئيس، التمسك بوحدة سوريا ورفض محاولات فرض الأمر الواقع.

هذا الهم المصري، الذي تحمله عن سوريا، لحماية الجيوسياسية الإقليمية للكيان السوري، أمر يضع  الدولة المصرية، في محور إقليمي وعربي حاسم، وضد أي مساس في صورة سوريا وحضرتها ومختلف اتجاهاتها ومنطقها، ورفضًا أصر عليه الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم "الثلاثاء"  في أثينا، بمشاركة الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسياديس، ورئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس. 
العاصمة اليونانية، أطلقت الرؤية الحيوية الناظمة، التي تراقب بحذر للمدايات السياسية والعسكرية والامنية التي تدور، بين مختلف دول المنطقة والعالم، ومن أجل سوريا، حرص الرئيس السيسي، على الإعلان بإسم مصر والتنبيه إلى  جدل حقيقة مهمة  إذ ان : "هناك توافق بين مصر واليونان وقبرص بشأن التمسك بوحدة وسيادة سوريا ورفض محاولة بعض القوى الإقليمية(....) فرض الأمر الواقع هناك".

سياسيًا وأمنيًا، وأمميًا يمثل هذا "الرفض"، عنوانها لمرحلة من العمل القومي، والجيوسياسي المشترك بين قادة الدول الثلاث، لوقف ورفض أي محاولة من قبل ما سماها "قوى إقليمية" لتغيير ديموغرافية بعض مناطق الدولة السورية.
بالتأكيد، نشير هنا الى تلك الأدوار والمبادرات والمؤتمرات التي شاركت وادارتها جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق، وغير دولة في المنطقة، سعيا لحماية سياسية اقتصادية، أمنية لسورية بعد أزمة الصراع والتصعيد العسكري والحركات الشعبية والطائفية،التي انهكت الدولة والموارد لسنوات طويلة  بحيث تعود سوريا إلى مناخها ومحيطها وامنها المحلي والعربي والدولي.

 بالتوازي، كشفت معطيات سياسية وعسكرية، عن آليات صراع خفي يقودة الرئيس التركي أردوغان، الذي هدد (...) الرئيس الروسي بوتين والرئيس الأمريكي بايدن.

في الآفاق المعلنة، التي كشفتها مصادر سياسية واعلامية وأمنية روسية، فكتب المحلل السياسي "ألكسندر سوتنيكوف" في صحيفة "سفوبودنايا بريسا" عن  استعدادات  روسيا  والولايات المتحدة(معًا) لصد هجوم تركي عنيف مرتقب على  مناطق "تل رفعت" في سوريا.
" سوتنيكوف" أفاد عن  وسائل إعلام وشبكات اجتماعية سورية، عما حدث ليلة 15 أكتوبر، بأن طائرات تركية مسيرة ألقت منشورات فوق بلدة تل رفعت السورية، الواقعة شمال غربي سوريا، حذرت فيها السكان من التطهير الوشيك للبلدة من المسلحين الأكراد.

لهذا يأتي تصريح وإصرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، لأنه يحذر، ويقدم، الموقف السياسي المطلوب في ظل الصراع الذي يصف تفاصيله المحلل الروسي "سوتنيكوف" والذي فاجأ المجتمع الدولي عندما قال: فيما سبق كان هناك توازن مختلف تمامًا للقوى، وربما اعتبرت موسكو حينها أن إدخال أنقرة لقواتها إلى شمال سوريا إجراء يحقق الاستقرار. على الأرجح، حاولت روسيا وتركيا بذلك تحديد مناطق النفوذ في البلاد التي أنهكتها الحرب الأهلية. ومن غير المستبعد أن يكون أردوغان قد وعد بوتين بوقف إراقة الدماء في إدلب وحلب.

وأضاف: الآن، في ظل الواقع الجديد الذي يسيطر فيه الأسد، الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية، على 90٪ من أراضي البلاد، فإن وجود الأتراك هنا يتناقض مع خطط دمشق وموسكو لوقف إراقة الدماء.

الخطير، وما تفيد عليه  التقارير، حقيقة عسكرية غبية ولا مكان لها في مثل ظروف المنطقة وأزمات العالم، إذ إن  تركيا ستشن عملية، بحجة أن جهود أنقرة الدبلوماسية، كما يقولون،  فشلت في إجبار القوات الكردية على الانسحاب 30 كيلومترًا أخرى من خط المواجهة الحالي. 
وفي مفارقة مذهلة  قالت  وكالة "رويترز" إن أردوغان، قبل الهجوم على تل رفعت، سيخابر بوتين وبايدن مع إشارات واضحة على إنذار، من نمط "أخرجوا شبابكم وإلا فسيقضى عليهم".

وأنه يجري، في منطقة المعركة المرتقبة، حشد مزيد من قوات الجيش السوري، التي تستعد مع وحدات حماية الشعب لصد هجوم القوات التركية.
أهمية ما كشف عنه "سوتنيكوف"، التزام في أحداث العالم في لحظات من أزمة انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، وبدء متغيرات جديدة في جيوسياسة واستشراف مستقبل صراعات العالم، :"قبل ذلك، تمكن الأتراك، خلال عمليتي (غصن الزيتون) و(درع الفرات)، من التقدم في عمق سوريا، وسحق الأكراد واستهداف جنود الجيش العربي السوري، لكن يبدو أن إعلان أنقرة الحالي عن نية السيطرة على حلب سيقابل بمقاومة شديدة، بما في ذلك من روسيا والولايات المتحدة . ليس هناك شك في أن بوتين وبايدن لن يقبلا في حال من الأحوال إنذار أردوغان، الذي، على ما يبدو، فقد رشده.
في مثل هذه الأجواء الساخنة، جاءت  القمة  المصرية، القبرصية اليونانية،  في إطار الجولة التاسعة من القمة الثلاثية.

بدأت  مصر، هذه القمة الثلاثية بجولتها الأولى عام 2014،  القمة الحالية  تعمل على تقييم ما تحقق من خلال جولاتها السابقة، كذلك تزيد التشاور السياسي بين الدول حول منطقة شرق المتوسط. 
مصر تحرص بكل ثقلها، كما العديد من دول المنطقة، على حماية سوريا برغم الصعوبات في كل مناطق واتجاهات الخارطة السورية التي تحتاج إلى متابعة الجهود التي أسس لها الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني، والعديد من الدول التي حاولت فهم الأزمة السورية وإن حماية سوريا أمر قومي إنساني، يعيد قوة الدولة العربية بكل ثقة وبعيدًا عن محاور الصراع، فالازمة لا حل لها إلا عبر التفاوض السياسي السوري.

*مدير تحرير جريدة الرأي الأردنية