رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا نحتاج إلى تسريع وتيرة الابتكار؟

يبدو أن الابتكار هو أحد أبرز الموضوعات التى تحظى بالاهتمام المتزايد يومًا بعد يوم، سواء من جانب الحكومات، التى تلعب أدوارًا عدة، وفى تقديرى الشخصى أن دور الحكومات الأساسى هو دور محورى ويجب أن يركز على عدة جوانب فى مقدمتها السياسات المحفزة وخلق وتدعيم بيئة ابتكار، أو من جانب المبتكرين أنفسهم، وهم أكثر المدافعين والمتحمسين للقضية، هم المدخل الأساسى فى المعادلة، كما نحتاج إلى جيل من الشباب المبتكرين ورواد الأعمال القادرين على اكتشاف وتحليل ودراسة تحدياتنا والعمل على تطوير الحلول والمنتجات والنظر إلى المستقبل وفهم الماضى والحاضر. 

المبتكرون اليوم هم رأسمال حقيقى، والاستثمار فى خلق المناخ المحفز للابتكار هو استثمار مربح على المدى البعيد. وقياس هذا الربح لا يمكن أن يتم وفق حسابات مالية بحتة، فله أبعاد تتعدى الأرقام وترتبط بالمستقبل والأمن القومى.

وهنا نحتاج إلى أن نسأل سؤالًا يبدو بسيطًا، ولكنه فى الحقيقة أبعد ما يكون عن البساطة، السؤال هو: هل نحتاج فعلًا إلى تسريع وتيرة الابتكار كما تنادى مجموعة كبيرة من الشخصيات التى أفضل وصفها بالشخصيات الكونية Global Figures، لأن دورهم فى توجيه الشباب فى كل دول العالم مهم جدًا، بيل جيتس واحد من هذه الشخصيات الذى ألهم جيلًا من الشباب فى العالم لتطوير التكنولوجيا ولا يزال شخصًا ملهمًا إلى أبعد الحدود، بيل جيتس تحدث منذ سنوات أو تنبأ بالأحرى بأن العالم ليس مستعدًا لوباء عالمى وطالب الحكومات والجيوش بعمل تجارب محاكاة حول ماذا نفعل عندما يحدث وباء عالمى، وهو أيضًا أحد دعاة تسريع وتيرة الابتكار فى العالم، وصف جيتس دول العالم النامى وتحديدًا الهند وقال إنه ليس من العدل أن نطالب الهند بعدم بناء المساكن من أجل الحفاظ على البيئة، ولا نطالب أى دولة فى العالم بأن تختار البيئة على حساب النمو الاقتصادى، والحل الوحيد هو ابتكار حلول لتحدياتنا الاستثنائية دون أن نستنزف مواردنا الحالية أو المستقبلية.

دفعنى ذلك للبحث عن تحدياتنا البشرية الاستثنائية وعلاقة ذلك بالابتكار أو تسريع وتيرة الابتكار ولماذا يبدو اليوم وكأنه الموضوع الأهم على الإطلاق، وقد وجدت ردودًا عديدة، وأهمها أن الابتكار ضرورة قصوى عام ٢٠٢١ للأسباب التالية:

- الابتكار هو العامل الثابت الوحيد عبر العصور، احتاج الإنسان لابتكار أدوات الصيد والطعام التى نراها فى قاعات المتاحف وعليها لافتة: العصر الحجرى، لقد تعلم الإنسان أن للبقاء أحياء بالمعنى الحرفى يعتمد على مدى المرونة والقدرة على التكيف وابتكار السبل الجديدة لمواجهة التحديات والصعوبات.

- الابتكار فى مفهومنا المعاصر والحديث هو ما يميز مجتمعًا عن آخر وجيلًا عن آخر وشركة عن أقرب منافسيها، والموازنات الموجهة إلى الابتكار تجاوزت مبلغ ٢.٣ تريليون دولار فى عام ٢٠١٨، وتشير الأرقام المبدئية إلى طفرة حدثت فى هذه الموازنات بين عامى ٢٠٢٠ و٢٠٢١ مدفوعة بزيادة الابتكارات والبحوث العلمية فى مجالات الصحة العامة عقب أزمة «كوفيد- ١٩».

- وجود الفرص فى حد ذاته لا يضمن لنا الاستفادة منها، نحتاج لفريق من المبتكرين لديهم قدرة على رؤية تلك الفرص وأكثر استعدادًا لاقتناصها، البقاء فى دائرة المنافسة هو رهن الابتكار والتطوير.

- إن العالم يحتاج لابتكار حلول جديدة للطاقة النظيفة والمتجددة تسهم فى تحقيق التنمية والرخاء وخلق فرص العمل، دون أن تضر البيئة أو تستنزف مواردنا الطبيعية.

- التقديرات تشير إلى أن بلوغ سكان العالم قرابة ٩ مليارات نسمة عام ٢٠٤٠ وقرابة ١٣ مليار نسمة عام ٢١٠٠، نحتاج إلى بناء ٢ مليار سكن جديد خلال الثمانين عامًا القادمة، العالم يحتاج للابتكار لتقديم حلول لبناء هذه المساكن بطريقة لا تستنزف الموارد الحالية والمستقبلية.

- العالم يحتاج لتكنولوجيا جديدة لنقل الخامات والمعدات والعمال والبضائع بطريقة أسرع وأوفر وأكثر أمانًا وحفاظًا على البيئة، العالم يحتاج لابتكار اللقاحات والأدوية للأمراض وحماية الجنس البشرى، ويحتاج لتكنولوجيا جديدة لتوفير الطعام والوقود والمسكن التعليم لأبعد شخص فى أبعد نقطة.

باختصار، العالم يحتاج إلى الابتكار أكثر من أى وقت مضى، إن الابتكار أولوية قصوى، وتسريع وتيرته مسئوليتنا جميعًا.